22\8\2025
أبو شريف رباح
في قطاع غزة تتجلى اليوم أبشع صور الموت والجوع والخذلان حيث تتواصل المجازر النازية التي يرتكبها جيش الاحتلال الإسرائيلي بحق أبناء شعبنا الفلسطيني من حرب إبادة جماعية تنفذ على مرأى ومسمع العالم أجمع، فيما أعلنت الأمم المتحدة ومعها عدة منظمات دولية أن غزة باتت تعيش رسميا حالة مجاعة شاملة بعد أن تجاوز عدد الشهداء الذين قضوا جوعا أكثر من 4000 شهيد معظمهم من الأطفال والنساء وهو رقم صادم يفضح حجم الجريمة الممنهجة التي ترتكب بحق المدنيين الفلسطينيين.
وبينما يكثف الوسطاء في مصر وقطر اتصالاتهم وضغوطهم لإنجاز اتفاق يوقف شلال الدم الفلسطيني يخرج وزير الحرب الإسرائيلي "يسرائيل كاتس" مهددا بتدمير مدينة غزة فوق أهلها إن لم تطلق حماس جميع الأسرى الإسرائيليين أحياء كانوا أو أموات، مؤكداً أن الحرب لن تتوقف إلا بالشروط الإسرائيلية وكأن الدم الفلسطيني أصبح ورقة ابتزاز رخيصة في سوق السياسة الإسرائيلية - الأمريكية.
اليوم وبعد أكثر من 686 يوما على العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة لم يعد الفلسطينيون يواجهون فقط القصف والتدمير والقتل والإبادة الجماعية بل أصبحوا يواجهون الجوع والحرمان والموت البطيء وسط صمت عربي وإسلامي وعجز دولي مخزي وانحياز أميركي سافر لكيان الاحتلال الإسرائيلي، فأي إنسانية هذه التي لا تهتز ضمائرها أمام موت الأطفال والنساء والشيوخ جوعا وعطشا، وأي عالم هذا الذي يشاهد إبادة شعب كامل ولا يحرك ساكنا، حتى المنظمات الإنسانية الدولية التي أعلنت رسميا دخول غزة في مرحلة المجاعة الشاملة اكتفت بالتحذيرات والتقارير والبيانات المكررة دون أن تنجح في إدخال المساعدات الكافية أو فرض ممرات إنسانية آمنة مما جعلها عاجزة أمام آلة القتل الإسرائيلية إن لم تكن متواطئة بصمتها وتقاعسها هذا.
أما الموقف العربي والإسلامي فقد جاء مخيبا للآمال إذ لم يتجاوز حدود الشجب والبيانات الخطابية بينما بقيت حكومات تملك النفط والمال والنفوذ والقدرة على الضغط صامتة عاجزة عن اتخاذ أي إجراءات عملية مكتفية بمؤتمرات تضامن فارغة المضمون وكأن موت أهالي غزة وشلال الدم الفلسطيني لا يعنيها، إن ما يجري في غزة ليس مجرد حرب بل مؤامرة كبرى تدار بدم بارد وضمير غائب وخذلان سافر وتجويع كافر وإبادة شاملة بينما يتفرج العالم العربي والإسلامي مكتوف الأيدي وكأن الفلسطينيين ليسوا عربا.
حذاري من خداع نتنياهو وعصابته من بن غفير وسموتريتش وكاتس الذين يفاوضون في الدوحة ويعدون العدة لاجتياح غزة هؤلاء لا يعرفون للسلام سبيلا ولا للعهد ميثاقا، وما قولهم إلا تضليل وما فعلهم إلا دماء ودمار وخراب، وحذاري من الركون إلى مجلس الأمن والأمم المتحدة والمنظمات الدولية التي أثبتت عجزها، أو من الاتكال على أنظمة عربية وإسلامية جعلت قرارها مرهونا بيد سيد البيت الأبيض الأميركي وإدارته المتصهينة.
فحتى إعلان المجاعة لم يحرك ضمائر العالم فمن لم يستفق على وقع المجازر والقتل والتدمير لن تستيقظ إنسانيته على موت أطفال ونساء وشيوخ غزة جوعا، لذلك لا خيار أمامنا إلا أن نعود إلى شعبنا وأن نتوحد في إطاره الشرعي والوحيد منظمة التحرير الفلسطينية لنواجه المؤامرة موحدين ونحفظ بقاءنا على أرضنا ونصون دماء أطفالنا من أن تهدر بين مطرقة الاحتلال وسندان الصمت الدولي ففي غزة اليوم لا وجود إلا للموت والجوع والخذلان.

