أبو شريف رباح
6\8\2025
في مشهد يلخص ازدواجية المعايير والنفاق الدولي يواجه مهاجر مغربي في العاصمة الفرنسية باريس حكما بالسجن قد يصل إلى عام كامل بالإضافة إلى غرامة مالية قدرها 15 ألف يورو، والطرد من فرنسا فقط لأنه أشعل سيجارة من "الشعلة الأبدية" عند قوس النصر التي ترمز للجندي المجهول في فرنسا.
وفي الوقت نفسه وعلى مرأى ومسمع من فرنسا والعالم كله ترتكب إسرائيل مجازر يومية في قطاع غزة حيث تُحرق خيام النازحين فوق رؤوس ساكنيها بصواريخ الطائرات الحربية الإسرائيلية وقنابل النابلم المحرمة دوليا فتتناثر أشلاء النساء والأطفال والشيوخ دون أن يتحرك أحد لمحاسبة المحتل ودون أن توجه أي تهمة أو إصدار أي إدانة جدية لجيش الاحتلال الإسرائيلي.
وهنا نسأل كيف يستقيم هذا العالم المختل؟ كيف يصبح إشعال سيجارة فعلاً يستوجب السجن والطرد والغرامة بينما لا تُحاسب إسرائيل على قصفها المستشفيات والمدارس والمخيمات واماكن العبادة وخيام النازحين وعلى ارتكابها لإبادة جماعية ازهقت حتى الآن أكثر من 200 ألف إنسان بين شهيد وجريح ومفقود وأسير وتشريد مليونين فلسطيني في عدوان همجي متواصل.
فرنسا التي تحترق من أجل شعلة لا تنطفئ هل نسيت أن شعلة الإنسانية تكاد تنطفئ في غزة؟ فأين العدالة، وأين حقوق الإنسان التي تُدرَّس في جامعات باريس، وأين القانون الدولي الذي تُقدّمه أوروبا كمنارة للعالم؟
إن النار الحقيقية اليوم ليست شعلة رمزية بل في سكوت العالم عن المحرقة التي يتعرض لها شعب بأكمله في قطاع غزة التي تحولت إلى مسلخ بشري، وفرنسا المتحضرة مشغولة بإشعال سيجارة!
لقد آن الأوان لنسأل أنفسنا بجرأة هل أصبح الإنسان العربي والمسلم بلا قيمة؟ وهل دماء الأطفال في غزة أرخص من نار شعلة عند قوس نصر باريس؟
وهنا لا نبرر إهانة الرموز الوطنية الفرنسية ونحترم كافة الرموز الوطنية لكافة الدول في العالم لكننا بالوقت ذاته نطالب بالعدالة .. العدالة التي يجب أن تكون شاملة وليست انتقائية، العدالة التي تحاسب من يشعل حربا همجية وليس فقط من يشعل سيجارة!
فإلى متى تستمر المذبحة؟ وإلى متى يُستباح الدم الفلسطيني دون محكمة ولا حساب؟ وهل كتب على غزة أن تظل تحترق وحدها بينما العالم يدفئ يديه بنارها؟

