أحيا تجمع أهالي شهداء نادي الحولة الذكرى السنوية الثالثة والأربعين لتلك المجزرة الأليمة التي ما زال صداها حاضرًا في الوجدان. وقف الأستاذ المبدع غسان الأسدي ليقدّم كلمته، مرحبًا بالحضور، ومثنيًا على الحشد الكبير الذي لبّى نداء الذاكرة والدم.
"في كل زاوية من ترابنا، وفي كل قلب ما زال ينبض بحبّ هذا الوطن الجريح، هناك وجوه لا تغيب، وذكريات لا تموت، وأرواح خالدة لا يغيبها الزمن. هم من قدموا أعزّ ما يملكون، دماءهم الطاهرة، على مذبح الكرامة والحرية والحق.
نحن لا نُحيي فقط يومًا من أيام التاريخ، بل نُحيي عهدًا ما زال حيًّا فينا، ونُجدّد وعدًا لا يسقط بالتقادم".
بعد كلمته المؤثرة، قدّم الأستاذ الأسدي الكلمة إلى الفنان المبدع أحمد البيك، الذي ألقى قصيدة نابعة من رحم الجرح، ومُفعمة بروح الشهداء، فلامست بكلماته قلوب الحاضرين، وألهبت مشاعرهم، فأعاد إليهم صدى الأيام الأولى، حين كان الحنين لا يزال حيًّا وموجعًا.
ثم عاد الأسدي ليقدم الشهيدة الحيّة لمعة كليب، التي وقفت بشجاعة وروت فصولًا من التاريخ الخفي، وكشفت عن اللحظات الأولى لخروجها من ملجأ الموت، حيث تختلط الدموع بالصمت، ويصبح الصوت الوحيد هو صوت النجاة المعجونة بالألم.
وكان مسك الختام كلمة باسم أهالي الشهداء، ألقاها الأستاذ محمد يونس، حيث قال:
وكأن التاريخ يعيدُ نفسه فما أشبهَ اليومَ بالبارحة ، يتجرعُ ابناءَ هذا الشعب ومدنييه مرَّ القتلِ والتهجير لمجرد انتفاضهم مطالبين بحقهم الطبيعي في أرضِهم التاريخية، ارض فلسطين، حدث هذا عام ١٩٨٢ ويحدث اليوم في غزة والضفة وسيستمر بالحدوث الى ان يندحر هذا العدو صاغرا عن ارضنا. فدأبنا ان تتجلّى كرامتنا على هيئة مقاومة، وأن يتحول كبرياءنا وشاحا من نار، ترتديه وتتزين به ارواحُنا الحرة ودأب العدو وديدنه عبر التاريخ القتلُ والتهجير.
وسرد الاستاذ يونس ما حصل يومي السادس والسابع من حزيران والبطولات الفلسطينية التي تجسدت في هذا اليوم.
وختم يونس، انتهى ذلك الفصل من الحرب، لكن فصول الحكاية لم تنتهِ... بل بدأت هنا، في ملجأ نادي الحولة، بين الرماد والأنين، حين ذاق ذوو شهداء ملجأ الحولة مرّين لا يُحتملان: مرارة الذكرى التي لا تنطفئ، ومرارة الشوق الذي لا يشفى، وبين هذا وذاك وبرغم الألم والتضحيات، استمرت مقاومة هذا الشعب وهذه الامة وتفرعت وتشعبت حتى خرج من بين ظهرانينا،مقاومون لبنانيون، أحباء لنا عزيز عليهم ما عنتنا، وقدموا فداء قضيتنا أعز دررهم، وأصلب رجالهم، وبتنا مدينون لهم بالمحبة والارواح.