3\5\2025
إعلان منتصف المقال
بقلم: أبو شريف رباح
بعد الضربات الموجعة التي تلقاها محور المقاومة والتي لم تكسره بل تراجع لإعادة تقييم وضعه بعد العدوان الإسرائيلي والحرب التدميرية على لبنان وفلسطين، وتنفيذا لمؤامرة سايس بيكو جديدة بعد فشل مخطط ترامب التطبيعي وصفقة القرن، اتجهت أنظار كيان الاحتلال الإسرائيلي نحو الساحة السورية حيث قام عند سقوط النظام بسلسلة عمليات جوية دمر من خلالها البنية التحتية للجيش السوري السابق عبر ضربات متكررة طالت الطائرات الحربية والدفاعات الجوية وسلاح البحرية، بالإضافة إلى معظم مدرجات المطارات العسكرية. واليوم يواصل الاحتلال الإسرائيلي عملياته العدوانية ضد سوريا بوتيرة متسارعة، في مشهد يبدو أقرب إلى حرب استنزاف منه إلى مجرد رسائل نارية، فقد وجّه كيان الإحتلال الإسرائيلي رسالة مباشرة إلى رأس الدولة السورية عبر استهداف محيط القصر الرئاسي، وأعقبها بعدوان جديد طال محافظة إدلب في رسالة واضحة لتركيا، وسلسلة من الغارات التي قدرت بحوالي 300 غارة منذ سقوط النظام السابق، مع استمرار تحليق الطائرات الحربية الإسرائيلية في الأجواء السورية واللبنانية بشكل شبه يومي، في خرق صارخ لسيادة الدول العربية وتحدٍ سافر للقانون الدولي دون رادع. العدوان الإسرائيلي لا يقتصر على سوريا فحسب بل هو جزء من مشروع توسعي شامل يُعيد رسم خارطة الشرق الأوسط بالنار، فغزة تتعرض منذ 18 شهرا لحرب إبادة ممنهجة طالت البشر والشجر والحجر وحصدت أرواح عشرات الآلاف من المدنيين وسط صمت عالمي مريب، وفي الضفة الغربية تستمر عمليات التصفية والاعتقالات والاقتحامات اليومية وهدم المنازل في عملية تهويد ممنهج وتطهير عرقي متدرج، أما لبنان فحدوده الجنوبية تُقصف بشكل دوري وتعيش حالة توتر دائم تحت التهديد الإسرائيلي بالتصعيد الشامل في حين لم تسلم اليمن من التصعيد الأميركي والبريطاني حيث تعرضت مواقع داخل أراضيها لهجمات مباشرة بذريعة استهداف "تهديدات" للملاحة ما يكشف عن توسع رقعة العدوان لتطال عمق الإقليم بأسره. أمام هذا المشهد المشتعل يُطرح السؤال الجوهري، من يردع هذا الجنون الذي يقوده نتنياهو وحكومته اليمينية المتطرفة؟ وهل باتت الإدارة الأمريكية بسكوتها ودعمها غير المشروط لكيان الاحتلال الإسرائيلي شريكاً في إعادة إحياء مخطط "الشرق الأوسط الجديد" تحت نار القصف بعدما فشلت نسخة ترامب من مشروع التطبيع وصفقة القرن؟ وهل أصبحت "إسرائيل" فعلاً سيّد الشرق الأوسط بلا منازع؟ وهل نعيش اليوم في غابة تُدار بقبضة أمريكية، ويُنفذ أوامرها الذراع العسكري الإسرائيلي وسط صمت عربي ودولي يكاد يشرعن العدوان؟ أسئلة موجعة لكنها اليوم أكثر من ضرورية في زمن تقاس فيه الجغرافيا بالدخان والخرائط بالدم.