15\5\2025
أبو شريف رباح
في ذكرى النكبة الـ77، يستعيد الفلسطينيون جراحهم المفتوحة منذ عام 1948، حين بدأ فصل مأساوي في تاريخهم، تم فيه تهجير أكثر من 750 ألف فلسطيني قسراً من ديارهم على يد العصابات الصهيونية، وعلى رأسها "الأرغون" و"شتيرن" التي ارتكبت مجازر مروعة بحق الفلسطينيين، كانت أبرزها مجزرة دير ياسين حيث قُتل مئات الشهداء من الأطفال والنساء والشيوخ في واحدة من أبشع الجرائم التي هزت الضمير الإنساني، لكنها للأسف لم تلقَ الرد المناسب من العالم كله.
ترك الأجداد بلادهم تحت التهديد بالنار والموت حاملين مفاتيح منازلهم وأملهم بالعودة، وبدأت معاناتهم في الشتات في مخيمات لجوء لا تصلح للحياة، حيث انعدمت أبسط الحقوق الإنسانية، وعلى الرغم من هذا الواقع القاسي ظل اللاجئون الفلسطينيون متمسكين بهويتهم الوطنية وحقهم المشروع بالعودة رافضين الاستسلام أو الذوبان في المجتمعات الجديدة.
ومع الأسف تزامن ذلك مع تخاذل عربي وإسلامي عجز عن الوقوف أمام المشروع الصهيوني، بل ساهم أحياناً بصمته وتواطئه في تعميق الجراح الفلسطينية، ومع ذلك لم يستسلم الشعب الفلسطيني، فمن رحم اللجوء خرج بثورة ومن بين الخيام انطلقت حركة تحرر وطني هدفها إنهاء الاحتلال واستعادة الحقوق وأعادة اللاجئين إلى ديارهم، 77 عاماً مرت ولا تزال المجازر مستمرة بل إنها اليوم تأخذ شكلاً أكثر دموية وهمجية، فمنذ أكثر من عام ونصف العام يتعرض شعبنا في قطاع غزة لحرب إبادة شاملة على يد الاحتلال الإسرائيلي لم يشهد لها التاريخ الحديث مثيلاً، فقتل آلاف الأطفال والنساء والشيوخ ودُمرت المدارس والجامعات والمستشفيات، وسُوِّيت بالأرض مدن وأحياء ومخيمات وأُحرِق الأخضر واليابس في القطاع، وهجّر مئات الآلاف من المدنيين من الشمال إلى الجنوب ومن الشرق إلى الغرب في نكبة جديدة تتكرر فصولها بمرأى ومسمع من العالم الذي يكتفي بالمشاهدة دون حراك في صمت مريب.
ورغم كل ذلك، وبعد 77 عاماً من عمر النكبة لا تزال إرادة الشعب الفلسطيني صلبة لا تنكسر، ورغم استمرار الجرائم والمآسي لا يزال الفلسطينيون يحملون حلم العودة ويؤمنون بأن الحق لا يموت وأن فجر الحرية قادم لا محالة، لأن فلسطين ليست مسكن بالنسبة لهم بل هي تاريخ وانتماء وهوية محفورة في القلوب والعقول حتى يتحقق الوعد ويعود أصحاب الأرض إلى ديارهم حاملين علم فلسطين ليرفعوه فوق مآذن وكنائس القدس الشريف.