20 فبراير 2025
أبو شريف رباح
رغم الموت والدمار والحصار والظروف المأساوية، ورغم انقطاع المياه والكهرباء وتوقف الخدمات الصحية، فإن أهالي غزة لن يغادروها ولن يتركوها، لا لترامب ولا لنتنياهو، بعد أكثر من 503 أيام من حرب الإبادة الإسرائيلية الشاملة التي دمرت القطاع الفلسطيني.
فالتاريخ يشهد على صمود الشعب الفلسطيني في وجه الاحتلال، كما يشهد على معاناته الممتدة في كافة أماكن وجوده. ففي الضفة الغربية، يعاني الفلسطينيون من الاقتحامات والاغتيالات والاعتقالات وتدمير المخيمات وسياسات التهجير القسري، والاستيطان المتسارع، إضافة إلى القيود المشددة على التنقل بوجود أكثر من 400 حاجز لجيش الاحتلال يقطع أوصال الضفة. كما يواجه الفلسطينيون ممارسات قمعية يومية من قبل جيش الاحتلال وقطعان المستوطنين، لكن رغم ذلك، فإنهم لا يتنازلون عن حقهم في أرضهم، وهم متمسكون بهويتهم الوطنية رغم محاولات القتل والتدمير والطمس والتهميش.
وفي الداخل المحتل، يواجه أهالي قرية العراقيب في صحراء النقب نكبة مستمرة، إذ يتم تدمير قريتهم كلما أعادوا بناؤها، فيُجبر سكانها على العيش في خيام وبيوت بدائية من الخشب والصفيح والنايلون، بل وحتى في سيارات متنقلة. ورغم هذا الاستهداف الممنهج، فإنهم يرفضون الرحيل ويتمسكون بأرضهم التي ورثوها عن أجدادهم.
أما القدس، فلن يغادرها أهلها، ولن تتوقف الصلاة في المسجد الأقصى وكنيسة القيامة. والشواهد كثيرة على تشبث الفلسطينيين بأرضهم، فقد عاد سكان شمال غزة إلى بيوتهم المدمرة مشيًا على الأقدام رغم كل المعوقات التي وضعها جيش الاحتلال في طريقهم، وها هم أهالي قرية العراقيب يعيدون بناء قريتهم رغم تدميرها مئات المرات. شعب كالشعب الفلسطيني، المتجذر في أرضه، لن يغادرها أبدًا مهما كبرت التضحيات.
وفي الشتات، يعاني اللاجئون الفلسطينيون في مخيمات صبرا وشاتيلا ونهر البارد واليرموك من الفقر والتهميش، إضافة إلى الأوضاع السياسية والأمنية الصعبة في البلدان المضيفة، فمجزرة صبرا وشاتيلا عام 1982 مثال حي على المأساة المستمرة، حيث قُتل الآلاف من الأبرياء في واحدة من أبشع الجرائم ضد الإنسانية. أما مخيم نهر البارد، فقد تعرض لحرب مدمرة في عام 2007 تركت سكانه بلا مأوى لسنوات، فيما تحول مخيم اليرموك، الذي كان يُعتبر عاصمة الشتات الفلسطيني، إلى منطقة منكوبة نتيجة الحرب، حيث عانى سكانه من الجوع والحصار والدمار والتهجير.
ورغم كل هذه المآسي، يظل الشعب الفلسطيني متجذرًا في أرضه، مصممًا على النضال من أجل حقوقه المشروعة، مؤكدًا أن التهجير لن يكون خيارًا، وأن المقاومة بكافة أشكالها هي السبيل الوحيد للحفاظ على الهوية الوطنية الفلسطينية، وإنهاء الاحتلال، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف، وعودة اللاجئين إلى ديارهم وفق قرارات الشرعية الدولية.