تعتبر المواد الغذائية المعلبة بديل غذائي في ظل عدم توفر المواد الغذائية الطازجة، سواء من الخضروات والفواكه أو اللحوم والأسماك، ولكن يوصي خبراء التغذية بأن تكون الوجبات اليومية قائمة على الأطعمة الكاملة والابتعاد عن الأطعمة المصنّعة أو المعالجة، وهو ما يدفعنا إلى الاعتقاد بأن جميع الأطعمة المعلبة ليست صحيّة، لكن ذلك ليس صحيحا في الحقيقة.
وتعتبر المواد الغذائية المعلبة بشكل عام آمنة، ولكن ضمن معايير معينة منها تاريخ صلاحية المنتج، حيث يفضل استخدام المعلبات التي تكون مدة صلاحيتها لم تتجاوز السنة على تاريخ انتاجها، وأيضا أنواع المواد الحافظة الموجودة فيها، وكمية ومقدار ما يتم استهلاكه منها بشكل أسبوعي، فالمواد الغذائية المعلبة يتم تصنيعها وفقاً لمعايير جودة معينة وتخضع للرقابة ويتم اختيار محتوياتها بعد عمليات فرز للمنتجات وتعليبها، كما وتتعرض لدرجات حرارة عالية للتعقيم من أجل حفظها لأطول فترة ممكنة، وذلك وفق ما أوضحته أخصائية التغذية لدى جمعية أرض الإنسان الفلسطينية عائشة الخطيب.
ما هو تأثير تناول المعلبات الغذائية لفترة تتجاوز الستة أشهر وبشكل يومي؟
كشفت أخصائية التغذية أنه غالباً ما يتم الاعتقاد أن المواد الغذائية المعلبة تحتوي على قيم غذائية أقل من الأطعمة الطازجة أو المجمدة، ولكن تُشير الأبحاث إلى أنه ليس دائماً هذه المعلومة صحيحة، ففي الحقيقة، إن عملية التعليب تحافظ على معظم المواد الغذائية الموجودة في الطعام مثل: البروتينات والكربوهيدرات والدهون والتي لا تتأثر بعملية التعليب.
لكن على اعتبار أن عملية التعليب تخضع للحرارة العالية، فإن بعض الفيتامينات الذائبة في الماء سوف تتعرض للتلف مثل فيتامين (ج) ومجموعة فيتامينات (ب)، كما هو الحال عند الطهي، إلا أنها من ناحية أخرى قد تؤدي لزيادة تراكيز مركبات صحية أخرى مثل مضادات الأكسدة.
وفي المقابل تكمن مشكلة المواد الغذائية المعلبة باحتوائها على العديد من المواد الحافظة والألوان الصناعية، ومثبتات اللون والمحليات الصناعية، بالإضافة إلى العديد من المواد الكيميائية للحفاظ عليها لأطول فترة ممكنة، وكلما زاد الاستهلاك ازداد تراكمها بجسم الانسان وزيادتها عن المستوى الطبيعي، ويؤدي لظهور بعض الأمراض المسرطنة مثل سرطان البروستات لدى الرجال وسرطان الثدي لدى النساء.
وتابعت أخصائية التغذية عائشة الخطيب أن أحد المواد الحافظة الكيمائية مادة (البيسفينولA) والتي تستخدم عادةً في تغليف الطعام، بما في ذلك المعلبات، وتُشير الدراسات إلى أن هذه المادة قد تنتقل من بطانة المعلبات إلى داخل الطعام الذي نتناوله حيث تعتبر سبب رئيسي للسرطان.
ما هو الاستخدام الأمثل للمواد الغذائية المعلبة؟
يكمن الخطر في الاستخدام المتكرر للمواد الغذائية المعلبة، لذا يفضل تناولها أقل من ثلاث مرات أسبوعيا مع مراعاة الاستخدام الأمثل قبل تناول المواد الغذائية المعلبة، من خلال غسل محتوى العبوة ونقعها بالماء لمدة ربع ساعة، للتخلص من المواد الحافظة والأملاح التي تسبب ارتفاع ضغط الدم وأمراض القلب والكلى
وعند فتح عبوة المواد الغذائية المعلبة، يفضل استخدامها حيث تصبح عرضة للفساد، لذا يفضّل دائماً طبخها، أو أن يتم حفظ ما تبقى بأوعية بلاستيكية أو زجاجية وعدم حفظ الباقي بالعلبة نفسها والتخلص من العبوة المعدنية.
ويفضل عدم تسخين المعلبات على النار لأن تسخينها قد يؤدي إلى تكوين بعض المواد الضارة، وإلى تسرب المادة الكيميائية (البيسفينول A) إلى محتويات العبوة، وتصبح ضارة للاستعمال لذلك يفضل أن يتم التسخين في وعاء آخر ومن دون استخدام السائل الموجود في العلبة.
وتعد الأسماك المعلبة -مثل التونة والسردين- طريقة غير مكلفة للحصول على البروتين وأحماض أوميجا 3 الدهنية الأساسية، التي قد تساعد على خفض ضغط الدم والالتهابات والدهون الثلاثية.
ويفضل استهلاك معلبات السمك بالزيت أكثر من الماء، لأن نسبة الأملاح فيها أقل، وبشكل عام يفضل عدم تناول معلبات التونة أكثر من ثلاث مرات أسبوعيا، لاحتوائها على الزئبق بينما يمكن تناول معلبات السردين يومياً لاحتوائها على كمية قليلة جداً من الزئبق كما تحتوي على ثلاث أضعاف كمية أوميجا 3 الموجودة في التونة.
أما فيما يتعلق باللحوم المصنعة بكافة أشكالها كشفت أخصائية التغذية أنها تحتوي على مواد حافظة منها نترات الصوديوم وهي تتفاعل مع اللحوم الموجودة داخل المواد الغذائية المعلبة، وقد صنفت مادة (النيتروزاماين) الموجودة داخل المواد الغذائية المعلبة كمادة مسرطنة من قبل منظمة الصحة العالمية، وهي سبب رئيسي لسرطان القولون لذا يفضل تناول معلبات اللحوم مرة أو مرتين بالأسبوع كحد أقصى.
ما هي الظروف المناسبة لتخزين المواد الغذائية المعلبة؟يفضل دائماً تخزين المعلبات في مكان جاف وبارد بعيداً عن الحرارة المرتفعة مثل أشعة الشمس أو بالقرب من الفرن وذلك لحمايتها من الصدأ، الذي قد يسبب تسرباً من العلبة وبالتالي تلف الأغذية، وقد تفسد المواد الغذائية المعلبة نتيجة حدوث خطأ في عملية التعليب أو ظروف التخزين، أو نتيجة حدوث تفاعل كيميائي بين العلبة والغذاء، أو بين العلبة والبيئة المحيطة، ولذلك علينا أن ننتبه لعلامات فساد المعلبات مثل:
- وجود خدوش أو شقوق يسمح بدخول الهواء مما يخلق بيئة مثالية لنمو البكتيريا وحدوث التسمم الغذائي.
- تغير لون العلبة من الداخل أو وجود صدأ على حواف العلبة وجدرانها الداخلية.
ما مدى تأثير المواد الغذائية المعلبة على صحة الأطفال وكبار السن وهل له تأثير على الجهاز المناعي؟
تجدر الإشارة إلى أنه لا يُمكن اعتبار تناول المواد الغذائية المعلبة غير صحية تمامًا للأطفال، لكنها أيضا لا تُعد من الخيارات الغذائية التي يُفضل أن تكون في النظام الغذائي للطفل لعدة أسباب، ومنها احتوائها على كميات كبيرة من الأملاح والسكريات التي تسبب السمنة وأيضا يُنصح باستبدال المأكولات المُعلبة، بالخضراوات، والفواكه الطازجة، أو المُجمدة.
لينمو الطفل بشكل طبيعي من الأفضل أن يتناول غذاء صحي وسليم ومتوازن، ويحتوي على نسبة عالية من الفيتامينات مثل الخضروات والفاكهة الطازجة، ويحتوي على نسبة عالية من الفيتامينات والألياف الغذائية، بينما المواد الغذائية المعلبة كما أشرنا سابقا لا تحتوي على فيتامينات (ب) بشكل جيد، ويؤثر هذا على القدرات العقلية والذهنية لدى الأطفال.
وفيما يتعلق بصحة الجهاز المناعي لدى الأطفال، أوضحت الأخصائية عائشة الخطيب بأن الأطفال في سن الصغر يكون جهاز المناعة لديهم في مرحلة التكوين والنمو، فلا يكون بقوة كافية للدفاع عن كل السموم التي تحتويها المواد الحافظة، فتؤثر تأثيراً سلبياً على صحة الأطفال أكثر من الكبار، وتسبب العديد من المشاكل في الأمعاء والمعدة حيث تعتبر المواد الحمضية التي تستخدم لحفظ الطعام من الفساد أحد مسببات الالتهابات المزمنة وكذلك الحادة في المعدة.
وكشفت الدراسات مؤخرا مدى تأثير المادة الكيميائية الحافظة (البيسفسنول A) على كبار السن حيث تؤثر على الجهاز التناسلي، وكذلك تسبب تغييرات في مستوى هرمون الغدة الدرقية، وأداء الكبد، وأمراض القلب، والأوعية الدموية والسكري، كما وتؤثر على كبار السن لاحتوائها على كميات كبيرة من المواد الحافظة مثل السكر والأملاح وما يترتب عليه من ارتفاع ضغط الدم وأمراض القلب.
ما هي الأمراض المستقبلية التي ستتشكل لدى سكان قطاع غزة عقب الاعتماد الأساسي على تناول المعلبات والحرمان من تناول الخضروات والفواكه الطازجة واللحوم؟
فسرت أخصائية التغذية عائشة الخطيب أنه إذا استمر استهلاك المعلبات لدى سكان القطاع على ما هو عليه الحال بشكل شبه يومي، وذلك لعدم توفر أي منتجات غذائية أخرى مناسبة، واذا ما توفرت تتوفر بكميات قليلة سيكون ذلك سبباً لحدوث العديد من الأمراض في المستقبل، وذلك لتراكم المواد الحافظة والكيميائية على مدار هذه المدة، حيث على سبيل المثال تحتوي علبة الفول الواحدة على كافة احتياج الفرد اليومية من مادة الصوديوم، وهي نسبة مرتفعة تؤدي إلى رفع ضغط الدم، والتونا المعلبة تحتوي على نسب عالية من المواد الحافظة والأملاح ومادة الزئبق الضارة التي تعمل على إحداث تسمم في حال تناولها بكميات تزيد عن الثلاث علب في الأسبوع.
كما كشفت الخطيب أن هذه المواد مسرطنة خاصة لمن لديه استعداد للإصابة بالسرطانات أو حدوث فشل كلوي بسبب احتوائها على الصوديوم بكميات كبيرة، بالإضافة الي أمراض السكري والسمنة والضغط ومشاكل المعدة والأمعاء.