بون شاسع يفصل بينهما ، كل منهما يقف على مسافة بعيدة عن الآخر . الاسير
المناضل مروان البرغوثي له تاريخ مشرف في مقارعة الاحتلال . ابعدته سلطات
الاحتلال الى الاردن ابّان الانتفاضة الاولى ، مثلما ابعدت غيره من قادة المقاومة.
صلب لا يعرف المهادنة مع العدو ، لا يقبل الخضوع او التعاون معه في اي
مجال من المجالات . حاول الصهاينة اغتياله مرات عديدة ، و اعتقل اكثر من
مرة كان آخرها عام 2002 حيث تم الحكم عليه بخمسة مؤبدات .
رجل مقاوم ، بل هو مؤسس كتاب شهداء الاقصى ، التي كان لها باع طويل
في مقاومة الاحتلال و تكبيده الخسائر الجسيمة . ليس بينه و بين كيان
الاحتلال الا ساحات المواجهة و الصراع ، فهو ضد كل اشكال التنسيق الامني
او غير الامني مع السلطات الصهيونية . بالاضافة لكل هذا فهو رجل وحدة
وطنية و يؤمن بالمشاركة و التعاون مع كافة الفصائل الاسلامية و الوطنية .
اما السيد ناصر القدوة فهو رجل اوسلوي من الطراز الاول ، لم يُعرف عنه
يوما انه قاوم الاحتلال او شارك في اية مواجهة و لو بالحجر و لا حتى في
الكلام الذي يؤذي العدو . تسلق على اكتاف الراحل ابو عمار. شخص مغمور
ليس له تاريخ نضالي ، او وزن تنظيمي او مكانة اجتماعية . انتقل من الظل
الى اعلى المواقع في فتح و في السلطة . اظهر عن طبيعة غير وحدوية عندما
تناول فئة اجتماعية و سياسية وازنة في الساحة الفلسطينية . لم نسمع انه اعتُقل
او اغضب الصهاينة ، بل انه يتجول بكل اريحية في فلسطين المحتلة متجاوزا
الحواجز الصهيونية بلا اية عراقيل ! اطلق السيد القدوة مواقف مثيرة للجدل
حول الاسلام السياسي او ما اسماه بالاسلاموية ، و عبر عن توجهه التوتيري و
افتقاره لمعاني الديمقراطية و المشاركة . و بيّن عن عدم تقبله لاختيار الشعب
اذا تم انتخاب الاسلاميين ، و كذلك عن معاداته للمقاومة في غزة . و اختار كلمات
استفزازية كإستعادة غزة ! و كأن غزة هي المحتلة و ليست الضفة و القدس
و الاراضي الفلسطينية التي احتلت عام 48 . كلها مواقف تذكر باجواء المناكفات
و التفرقة التي أمل شعبنا بتجاوزها خصوصا بعد الايجابيات التي سادت في
الفترة الاخيرة . و لكن اخطر ما ذهب اليه السيد القدوة هو طرحه لمسألة التعويض
عن الاراضي المحتلة بطريقة البيع و الشراء . فلقد قال في مقابلة مع تلفزيون
روسيا اليوم باللغة العربية ان هناك خمسة و نصف مليون دونم مملوكة لافراد
فلسطينيين يحملون اوراق تؤكد ملكيتهم لتلك الاراضي و يجب المطالبة
بالتعويض لاصحابها ! و هو بذلك يضرب حق العودة بعرض الحائط و كذلك
اي حق لشعبنا في استعادة ارضه التاريخية ، و بهذا يتفوق في موقفه على كل
المواقف التي وردت في اتفاق اوسلو و الاتفاقات الفرعية التي نتجت عنه .
لا اظن بان المناضل الاسير مروان البرغوثي كان موفقا في تحالفه مع السيد ناصر
القدوة ، ذلك لان كل منهما على النقيض من الآخر في كافة المواقف تقريبا عدى الموقف
الانتخابي الذي اخشى ما اخشاه ان يكلف ابو القسام الكثير نتيجة لتحالفه مع القدوة .
ماهر الصديق