بعيدا عن الهرج والمرج ، وبعيدا عن مهرجانات التصفيق والخطابات والتصريحات التي لم تعد تسمن أو تغني من جوع ، يعيش اللاجئون الفلسطينيون في لبنان ، ظروفا حياتية ومعيشية هي الأسوء منذ النكبة الأولى عام 1948 .
وهي ظروف تتطلب المعالجة والحلول السريعة ، بعد أن وصلت الأوضاع إلى الانهيار الاجتماعي ، والأمني .
عوامل داخلية وخارجية (اقتصادية واجتماعية وسياسية) تجتمع اليوم ، لتكون دافعا لمخاطر تهدد حياة اللاجئين الفلسطينيين الاجتماعية والأمنية في لبنان .
داخليا : ازدادت الظروف الاقتصادية والمعيشية لمجتمع لاجئي فلسطين في لبنان سوءا ، وارتفعت نسبة الفقر والبطالة والعوز والتسول ، وتراجعت الحالة الصحية والتربوية وأصبح تجار المخدرات مليشيا مسلحة ، يقاتلون ويقتلون الضحايا ويعبثون بأمن المخيمات فسادا ، إلى درجة خطيرة تهدد مفاصل الحياة العامة خاصة داخل المخيمات والتجمعات الفلسطينية في لبنان.
لبنانيا : الوضع في لبنان يزداد خطورة على الصعيد المالي والاقتصادي والاجتماعي ، وانهيار العملة الوطنية إلى درجة غير مسبوقة ، ما يهدد بفوضى أمنية ربما تقوم بها بعض الجهات المشبوهة ، أو نتيجة الغضب الذي بدأ يسيطر على اللبنانيين بعد انهيار عملتهم وارتفاع الأسعار وردات الفعل الغاضبة إلى جانب الضياع السياسي القائم ، وهذا بدوره ستكون له انعكاسات سلبية على الوضع داخل المخيمات الفلسطينية .
وإذا كانت هناك ضرورة لعدم مشاركة اللاجئين الفلسطينيين وقواهم السياسية ، جميعا ، بأي اختلاط جديد أو أي فوضى متوقعة في لبنان ، لكن هناك مسؤولية كبيرة تقع على عاتق القيادة والفصائل الفلسطينية في لبنان ، لحماية اللاجئين وعدم مشاركتهم في تطورات الأحداث اللبنانية ، باعتبارها المسؤولة سياسيا وأمنيا وثقافيا عن أمن وسلامة اللاجئين ، وباعتبار أن هذه المسؤولية هي عملها ، وشغلها ، تصرف لها الأموال والموازنات وتفتح لها المكاتب ويشترى لها السيارات ، بهدف أن تكون في خدمة الشعب وأمنه واستقراره وليس أن يكون الشعب في خدمتها .
لذلك ، هناك ضرورة للإسراع في تشكيل لجنة طوارئ ، أكاديمية وواعية ومتخصص ، من خارج فلك الفصائل ، قادرة على تحليل الأوضاع لجنة توكل لها مهمات دراسة التطورات وانعكاساتها الخطيرة ، ووضع تصورات لمواجهة المخاطر التي تهدد حياة اللاجئ الفلسطيني في لبنان ، وكيفية تحييده من الاختلاط المتوقع في لبنان ، لجنة بعيدا عن العصبيات التنظيمية و كتبة التقارير أصحاب العيون التي تفتحت لمراقبة الشعب وكادراته ، بعيدا عن الذين أفلسوا وأتقنوا فن المدائح وتمسيح جوخ البدلات الرسمية ، لسنوات لم تكن نتيجتها إلا هتافات بالهواء ، وثقافة سطحية ووعي مشوه .
اليوم ، وإذا كانت الفصائل الفلسطينية وقياداتها في لبنان ، جادة في حماية الشعب الفلسطيني والدفاع عن مصالحه وحياته ، لابد لها أن تعي مخاطر المرحلة الراهنة، وتكون بمستوى التطورات المرتقبة ، وتعمل جادة من أجل الاستعداد لمواجهتها ، ببرامج وكادرات عمل سياسية وأمنية وإعلامية وشعبية جديدة ، وتحديد الأهداف تكون على مستوى المرحلة وتكون على قدر المسؤولية التي أوكلت لهم ... على قيادة الفصائل الفلسطينية في لبنان أن ترتقي لتكون بمستوى المرحلة ، قبل فوات الأوان.

