بقلم رئيس الهيئة التنفيذية-الاتحاد العام للاعلاميين العرب/د.رضوان عبد الله
العدس مسامير الركب،كما يقول المثل العربي،ربما لأنه يحتوي على مغذيات بغض النظر عما اذا كانت فيتامينات او بروتينات او اية انواع من بقية لجسمنا من المفيدات ،وهي تنفع اما شورباءا او مجدرة" او مدردرة"،او الاكلة الفلسطينية واللبنانية المسماة (مخبوصة)،كما كانت تقول جدتي رحمها الله وارضاها.
كثير من قصص العدس تروى هذه الايام،ما بين مزح وجد،خصوصا في ظل الاوضاع الاقتصادية الصعبة التي تمر بها منطقة الشرق الاوسط وباوقات الشتاء،حيث يسود البرد دولا عديدة من دول شرقي المتوسط. وقد نقرأ قصصا" من اجل الفكاهة ونقرأ قصصا من اجل التغذية وغير ذلك من الترفيهية والتغذية الفكرية والمتعة الانسانية والاجتماعية،ولكن لم نقرأ أو نسمع او نشاهد أية رواية لها علاقة بغذاء ،يستند على العدس كغذاء اساسي يتنعم به رئيسا لدولة او وزيرا لحكومة او مديرا لشركة او حتى مسؤولا لفصيل ثوري مناضل ، على مستوى الحركات الثورية والاحزاب والتيارات والتنظيمات المناضلة عربيا وعالميا،بل معظم غالبية الولائم تكون اما مناسفا" من لحم او دجاج،او مشويات من الضأن او الابل او العجول الشابة كي يكون لحمها طريا، او ان رغبوا بان تكون الوليمة خفيفة الدسم ربما يدعون ضيوفهم على لحومات مع البان كي تخف دسمتها وتقل نسبيا مع الارز الاميركاني ، او ان كانوا من دول مقاطعي الامبريالية تكون الوليمة على اسس نضالية مبنية على حبيبات الارز البسمتي،هنديا كان ام باكستانيا.
ربما ترهلت همة كثير من مناضلي حركات التحرر بسبب التخمة اللحومية والدجاجية خصوصا الممزوجة والمغمسة بالارز الكامل الدسم،مما خفف من همتهم ونشاطهم وجعلهم يتكدسون على الكرسي المتحرك يمينا كان ام يسارا او على كلا الجانبين، وهذا يدعونا ان نتساءل ماذا لو تم استبدال اللحم بالعدس مرة واحدة كل أسبوع او ان تكون الاكلة نصف شهرية ،ويا حبذا ان تكون جدولة الولائم بادخال نوع واحد من العدس مرة واحدة شهريا لا اكثر.
لا اتوقع ان تبقى الهمة ضعيفة او مترهلة او خفيفة الدوران خفقانا لقلوب العشق الالهي الممزوج بحب الوطن والدفاع عنه حين يتم تناول وجبة عدسية واحدة شهريا،ولا حتى ان تبقى متكدسة او متكلسة،وهنا تذكرت في احدى سنين عمري حين تحادثت مع احد قادة العمل الطلابي-الشبابي العربي في احدى لقاءاتنا بمؤتمر شبابي عربي،ومن تخمته العروبية الولائمية، انه لا يعرف اننا لا زلنا لاجئين الى خارج فلسطين وظن اننا عدنا بفعل همة القادة العرب حين عملوا على "تحرير فلسطين،بدعمهم للسلطة الوطنية الفلسطينية بعد مؤتمر مدريد" كما قال لي وقتها حيث اضطر حينئذ زعيمهم المفدى ان يطرد اللاجئين من عنده ليضعهم على حدود اقرب دولة عربية محاذية لفلسطين.....،وفي ذلك المؤتمر العربي الواسع ، تمنيت ان لو في جعبتي قليلا من حبيبات العدس كي اغليها بالماء الساخن شورباءا" صافية نقية كي اسقيها له ليصحو من تخمته ومن غفلته النفط-لحومية،ويعود الى همته العربية النشطة فكريا وجسديا وروحيا.
واتذكر ايضا اكثر من موقف نضالي عربي-فلسطيني كيف كان كثير من المناضلين يتمنوا على مسؤوليهم ان يأكلوا العدس طعاما او يشربوه شورباءا" كي يعرفوا الفرق بين "التعدس" و"التكدس-او التكلس"....وفي موقف رافص لواقعنا الفلسطيني والعربي ، شبه المستريح عموما بعد حروب عديدة ، وفي حوار ودي ودافي مع عزيز علي ، رحمه الله، كنا نتناقش بامور شعبنا وقضيتنا بشكل عام انتهى ذلك الحوار في ذلك اليوم بقوله لي جملة لا انساها ما حييت : «يعني يا رضوان بدك اياني اجيبلهم عكاكيز ليوقفوا عليها.....؟؟؟» ، هكذا تساءل صديقي المناضل رحمه الله وارضاه، وكان بموقع الاخ والصديق والزميل ، وقد استغرب حينما فاجأته برد لم يكن يتوقعه حينما قلت له متسائلا : هل العكاكيز من حديد ام من الومنيوم ام من عدس...؟؟؟ ،أسرها في قلبه وصمت...!!!!