كأنه لا يكفي الفلسطينيين في المخيمات اللبنانية ما يعانوه من أزمات القوانين الجائرة، حتى عصفت الأزمة الاقتصادية بلبنان لتلقي بتبعاتها عليهم، وتجعلهم رهائن واقع بائس لا أفق فيه.
في السنوات الأخيرة، ومع اشتداد سوء الأوضاع الاقتصادية للاجئين الفلسطينيين في هذا البلد، وارتفاع معدلات الفقر والبطالة في صفوفهم، ظهرت محلات الدولار الواحد، أي تلك المحال التي تبيع أي قطعة بدولار واحد بما يعادل حينها ألفاً وخمسمائة ليرة لبنانية، لم تكن المنتجات المعروضة في تلك المحال ذات جودة عالية، ولكنها تفي بالغرض مع اشتداد الفقر وعند الحاجة.
وتتنوع هذه المنتجات بين أدوات التنظيف والمحارم والشموع والأدوات البلاستيكية والسلع التي يحتاجها الإنسان في حياته اليومية.
ولكن مع انخفاض سعر الليرة اللبنانية أمام العملات الأجنبية ارتفع سعر الدولار وباتت القطعة التي اعتاد اللاجئ الفلسطيني على شرائها بألف وخمسمائة ليرة بسعر ألفي ليرة وأكثر.
ملاذ الفقراء لم يعد كذلك
في مدخل سوق مخيم عين الحلوة جنوب لبنان يصادف الفلسطيني هذا النوع من المحلات التجارية حيث يستهوي المتسوقين من مختلف الأعمار شراء سلع تباع كل قطعة منها بدولار واحد فقط أو أقل، مهما كان حجمها ووزنها ونوعيتها.
تجد هنا كل شيء بأسعار خيالية.. منتجات صغيرة وكل ما يخطر في البال.. وتقريباً كل ما يحتاجه المرء في منزله وحياته، بغض النظر عن الماركات والكفالات والضمانات التي ترفق عادة بالمنتجات..
هذه المحلات الصغيرة تحمل اسماً تجارياً شبه موحد الـ 1$ ، تغري به أبناء الطبقتين الفقيرة والمتوسطة، ولا يتردد أبناء الطبقة الميسورة أحياناً في التلصص على هذه المحال، لادخار "قرشهم الأبيض ليومهم الأسود"..
لكن على ما يبدو فإن الأيام السوداء أتت، والمحلات التي يسميها البعض "بيت الفقير" لم تعد بيتاً للفقير، وقد يظن البعض أن ارتفاع الأسعار إلى ألفي ليرة ليست بالمعضلة الكبيرة، لكن من يدخل ويتفقد حال الأهالي في المخيمات سيكتشف أن كل ليرة تساوي الكثير، خاصة وأن أي أجر قد يتقاضوه جراء أعمال محدودة يمارسونها في هذا البلد لا يكون سوى بالليرة اللبنانية، وإذا ما وجد في خارج لبنان من يرسل لأقاربه مساعدات مادية، فلا يمكنهم استلامها سوى بالليرة اللبنانية، وبسعر صرف البنك المركزي أي ألف وخمسمائة ليرة، وفق القرارات الأخيرة، فيما الأسعار ارتفعت بناء على ارتفاع سعر صرف الدولار في السوق السوداء.
" هناك غلاء معيشي قبل أن يرتفع سعر الدولار، لم يعد باستطاع أحد أن يعيش، البطالة انتشرت وازدادت والكل يفكر في حل كي يعيش خاصة في ظل حصار المخيم من كل الجهات.. أصبحنا أمواتاً أحياء" هكذا قالت إحدى اللاجئات الفلسطينيات في سوق مخيم عين الحلوة.
وتضيف، "حتى أرخص المحلات ارتفعت أسعارها من ألف وخمسمائة ليرة إلى ألفين".
الضرر طال أصحاب المحلات أيضاً
يوسف الجمال صاحب أحد محلات "الدولار الواحد" في حديث لبوابة اللاجئين الفلسطينيين يقول إن "الأسعار ارتفعت بفعل ارتفاع الدولار، وبالتالي سنخسر إذا لم نرفع الأسعار.. محلاتنا تأثرت كثيراً بهذه الأزمة، كان معدل بيعي في اليوم الواحد يصل إلى مليوني ليرة، اليوم بالكاد يصل إلى سبعمئة ألف ليرة لبنانية".
أدهم حسين صاحب أحد محلات "الدولار الواحد" يقول إن " اللاجئ يبحث عن التوفير والسلع الرخيصة وسط قساوة الظروف الاقتصادية الحالية وارتفاع تكاليف المعيشة وغلاء الأسعار، محلاتنا أصبحت شبه فارغة، والوضع المعيشي في المخيمات خانق أكثر.."
الفلسطيني في المخيمات الفلسطينية في لبنان أصبح يعيش الأمرين، البطالة تفشت، والدولار ارتفع وبالتالي حميع الأسعار ارتفعت، والقوانين التي تحكم اللاجئين في هذا البلد تخنقهم أكثر، كل هذا لا يكفي، حتى أرخص المحلات، تأثرت بالوضع الاقتصادي، ما يثير تساؤلات حول ما ستؤول إليه أوضاع الفلسطينيين في لبنان في الأيام القادمة، إذا ما لم تلبَّ نداءاتهم لمساعدات عاجلة من وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" ومنظمة التحرير.