ما دامت البلاد ترزح تحت نير الدكتاتوريين .. الساديين .. المحتكرين.. المستبدين
فإن كل ثورة شعبية ضدهم تمتلك شرعيتها تلقائيا حتى يتم دحرهم و نيل الانسان
حقوقه كاملة غير منقوصة . قولا واحدا: اني اقف مع الثورات الشعبية كائنا من
كان خلفها و من نظمها : إسلاميا او قوميا او وطنيا او جهة حقوقية او شبابية
او نقابية ، فلاحين او عمال ، مثقفين او حتى رعاع ، ما دامت شروط الثورة
قائمة فإن للشعب حق في النهوض . مادام هناك نظام انقلابي أو عسكري
او وراثي او قمعي او فاسد او مزور للانتخابات او لا حدود زمنية لولايته او
عاجز عن حل مشكلات البلاد فإن شروط الثورة قائمة ، بل ان عدم قيام الثورة
هو عيب في الشعب و في قواه الطليعية . عندما يكون هناك تطبيع مع الصهاينة
و لا تقوم ثورة فإن البلاد في وضع غير صحي ، و يكون كل شيئ ممكن .
عندما يتحول الجيش الى قوة قمعية للشعب فيما الحدود مستباحة و الارض
محتلة والمقدسات منتهكة و لا تقوم ثورة فإن الشعب لا يستحق الحرية . عندما
يكون القضاء يعمل بامر الحاكم و حاشيته ، و لا يمارس رسالته على اسس عادلة!
عندها لا يكون للوطن او المواطن قيمة ، و عندما يفقد الوطن قيمته و المواطن
كرامته و لا يثور الانسان من اجلهما فانه لا يستحق الحياة الكريمة . عندما
تتكدس الثروة الوطنية بيد حفنة من المرابين و التجار و رجال الدولة و قادة
الجيش ، فيما الشعب يعيش تحت خط الفقر ، و ينتشر الصبية في الشوارع
لبيع المنتجات ، و تمد الماجدات اياديهن للتسول و ينتشر الفساد الاخلاقي ،
و يبحث الفقراء في القمامة عن الطعام ، و يموت المريض في فراشه لقلة حيلته
في العلاج ، و تبكي الامهات خوفا على مستقبل اولادهن و يبكي الرجال من
عدم القدرة على ايفاء حاجات عوائلهم ، عندها إعلم بان عدم قيام الثورة يكون
مريبا غريبا ! لا سيما في زمن تساوت به الحياة مع الموت . عندما يصبح
التعليم متدنيا و الجهل متفشيا . عندما تكون الاقساط المدرسية فوق طاقة
الآباء و يضطر اولاد الفقراء للعمل في الورش و المصانع أو التسكع في
الشوارع ، و يكونون لقمة سائغة لشذاذ الافاق و المهربين و اللصوص
و مروجي المخدرات و الافاقين و العملاء . عندما يُحتكر التعليم لاولاد الاثرياء
الذين في غالبهم من الحمقى فيما يُحرم الاذكياء من ابناء الفقراء من
استكمال تحصيلهم العلمي . عندما يتخرج المجتهد الذي قدم اهله كل شيئ
يملكونه من اجل تعليمه و لا يجد فرصة للعمل في وطنه ، فيقضي حياته عاطل
عن العمل او عامل في ورشة للحدادة او البناء او عامل في البساتين يقدم
خدماته لاصحاب الاموال الذين لا يعرفون القراءة و الكتابة و لا يفهمون من
الحياة الا تكديس الاموال و قهر الفقراء ، عندما يكون هذا و لا تكون ثورة
فاعلم بان الشعب لا يعرف قيمة الحياة العزيزة . عندما يستنزِف الوطن
عقوله و قواه العاملة لتستفيد منهم الامم الاخرى و لا يبقى الا من لم تُتَح له
الفرصة . عندما تجد الرغبة لدى عموم الناس بمغادرة البلاد و البحث عن
مكان آمن لهم و لاولادهم ، او البحث عن مكان ليس فيه خوف و قمع
و ذل و فقر ، عندها لا بد من الثورة و لا بد من التغيير .عندها تكون الثورة
ضرورة حتى يبقى اهل البلاد في اوطانهم ، و حتى تتطهر البلاد من المجرمين الذي
مارسوا كل صنوف الذل و المهانه على المواطن الذي يستحق حياة افضل في
في وطنه . و اخيرا عندما يسود العملاء و المستأسدين على الشعوب ..
المتخاذلين مع الاعداء . عندما تصبح قضية فلسطين منسية ، و الفلسطيني
عدو و الصهيوني صديق . عندما يصبح الفلسطيني في وسائل الاعلام معتدي
و الصهيوني القاتل المحتل مدافع عن نفسه . عندما تصبح القدس بلا
قيمة ! عندما لا يجد العربي الهارب من الموت مكانا واحدا في هذا الوطن
العربي المترامي الاطراف فيخوض مغامرة المجهول للبحث عن مكان يحضنه
في ما وراء البحار . عندما يجد من يستقبله في بلاد الضياع و لا يجد
من يرحب به في وطنه العربي المكتظ بالثروات . و عندما تجد تجار
الدم يجوبون البلاد طولا و عرضا ، و الابواق تنبح من المحطات الفضائية
و من وسائل الاعلام التي لا حصر لها . عندما تجد من يقلب الحقائق
و يجمل الوجوه البشعة ، و يلصق بالعميل كل اصناف الرجولة و الشهامة
و الحمية و العزة ، و يلطخ سمعة العصامي العفيف الحريص الذي يقدم
الوطن على النفس و الاهل . عندما تجد شيوخ السلطان و علماء النفاق
يطبلون و يزمرون و يدعون للحاكم بطول البقاء و السداد من على المنابر ،
عندما يكون هذا سائدا ! إعلم عندها بان كل شروط الثورة متوفرة و ان عدم
قيامها امر مستغرب و غير مفهوم ، و ربما كان باطن الارض خير من ظاهرها .
ماهر الصديق