على الرغم من الجراح ، ما تزال فلسطين صامدة في وجه الاحتلال والعدوان والاستيطان ،ومع بزوغ فجر عيد الفطر السعيد ، ما زال الشعب الفلسطيني يقدم انموذج البطولة والفداء والمقاومة في مواجهة الاحتلال .
وفي هذه المناسبة نتقدم بأسمى ايات التهنئة من اسر الشهداء واسرى الحرية مقرونة بأخلص مشاعر الولاء والوفاء لشعب فلسطين الشامخ بثياب العزة والكرامة والمجد ، حيث يقدم شبابه شهداء لتضيئ مشاعل النور وهم يدافعون عن الارض والانسان ، فلولا تضحياتهم لما كان هناك عيد وهنا نقول بأن العيد قد فقد أهم معانيه في ظل الإجرام الصهيوني ، إلا أننا واثقون من ارادة شعبنا العظيم الذي يواجه كافة المؤامرات والمخططات الامبريالية والصهيونية .
لاشك أن عيد الفطر هذا العام يكتسي "حلة" خاصة في هذه المرحلة الدقيقة التي نجتازها ، وخاصة في ظل ما يتعرض له الشعب الفلسطيني في القدس، والضفة الفلسطينية، وقطاع غزة، و فلسطينيو الـ 48، واللاجئين في الشتات والمنافي، وآلاف الأسرى والأسيرات، حيث ان هذا الشعب العظيم لا يعرف طعم العيد ولابهجته نتيجة ما يعانيه من عذاب على ايدي الاحتلال وقطعان مستوطنيه، وما تتعرض له اقدس المقدسات من تهويد وطرد، هذا هو المشهد العام تقريباً في العيد.
فلا غرابة أن ترى في فلسطين الدموع وقد امتزجت بالزغاريد ، ولا عجب أن تلمس هنا أن الشعور بالكبرياء قد استعلى على الإحساس بالمرارة والآلم ، فمن يرى الفرحة التي تعم الشارع الفلسطيني صبيحة العيد ابتهاجاً بقدومه لا يمكن أن يخطر بباله ان هذا الشعب العظيم الذي يواجه المحتل ، ويقدم الشهداء والاسرى سيظل أقوى الحاضرين بقضيته امام العالم ، حيث لم يبخل في الدفاع عن ارضه ومقدساته طلباً لحريته.
الشعب العربي الفلسطيني مع اطلالة عيد الفطر السعيد، يبقى متمسك في الامل والفرح، ويرسم الابتسامة على شفاه الاجيال القادمة إسوة بشعوب الارض، حيث تستمر مسيرات العودة كجزء من نضال فلسطيني لإنفاذ حق العودة فحسب، بل هي صوت وقبضة تدق جدران الاستعباد التي تبنى في هذا العالم ، حيث رفع الشعب الفلسطيني رايات النضال.
في عيد الفطر نرى ان ما فعلته مسيرات العودة أعادتنا للمربع الاول الواضح كشعب يقاتل بكل ما يمتلك من قوة وأدوات بسيطة ضد عدو فاشي مجرم، اعادت لنا إيماننا بكوننا شعب واحد ، وأعادت كل البديهيات التي حاول العدو تغييبها، فلسطين البوصلة للنضال العربي، فلسطين الواحدة الموحدة ضد هذا العدو، فلسطين المحتلة التي ستقاتل هذا الاحتلال حتى الحرية والاستقلال حيث ينصهر الكل الفلسطيني في خندق فلسطين ، وهذا ان دل على شيئ يدل أن الشعب الفلسطيني مجبول على النضال والكفاح وأنه ما زال متمسكًا بحقوقه وأن جذوة الثورة مشتعلة في صدره سارية في عروقه لا تخبو ولا تنطفئ وستعبّد طريق العودة والحرية وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على كل شبر من فلسطين وعاصمتها القدس الأبدية الموحدة.
وفي هذه المناسبة الكريمة نؤكد على اهمية ترتيب البيت الفلسطيني من خلال تنفيذ قرارات المجلس الوطني الفلسطيني، بما يساهم في توحيد وتفعيل مؤسسات وطاقات شعبنا في الوطن والشتات، ورسم استراتيجية وطنية تستند لكافة اشكال النضال والانتفاضة والمقاومة على امتداد الأرض الفلسطينية المحتلة بمواجهة الاحتلال الصهيوني.
إننا نعيش لحظات سياسية مفصلية ومصيرية في الساحة الفلسطينية، أثرت وتؤثر بفلسطين، ابتداءً بالقرار الأمريكي للأحمق ترامب بخصوص القدس، والذي جاء ليؤكد من جديد على عداء الولايات المتحدة الأمريكية للشعب الفلسطيني كما لكل الشعوب المقهورة والمستضعفة في العالم، هذا القرار الذي جاء في إطار المحاولات الأمريكية المستمرة لتصفية القضية الفلسطينية، وضمان أمن الاحتلال واستمراريته عبر ما يُروج له من حديث عن صفقة القرن والإجهاز على ممكنات وطاقات الأمة بحروب صفرية وتغذية نعرات طائفية واثنية لا هدف لها سواء الإجهاز على الجيوش وتفتيت الشعوب، وتمكين الرجعية العربية وحلفاء العدو الصهيوني من رقاب العباد والبلاد في الوطن العربي.
ختاما: في عيد الفطر نقول للعالم القدس في حدقات العيون، نبرق بتحية الإجلال والإكبار لجماهير فلسطين في الوطن والشتات، وبالقلب منهم أهلنا في مدينة القدس، وللجماهير العربية وأحرار العالم الذين انتفضوا غضباً ورفضاً للقرار الأمريكي الأحمق، مجددين لهم الدعوة بالاستمرار وتنظيم الصفوف والاستمرار في دعم صمود الشعب الفلسطيني وفي معركة حق العودة ومعركة القدس عاصمة فلسطين الأبدية ودرة التاج القومي والإسلامي ، وكل عام وانتم بخير .
كاتب سياسي