سلام عليك يا احمد ، سلام على ابيك ، سلام على الشهداء .
تعجز الكلمات ان ترثيك بما تستحق . يخجل اليراع من النجيع . فالقامة اعلى
من ان تُكتب بكلمات قليلة ، و الوجه الجميل الباسم يجعل الكلام متلعثما
مرتبكا ، و يترك الخيال في خموله ، لان المسافة شاسعة بين الحقيقة
و الخيال كما هي المسافة بين القاعد و المجاهد . ماذا نقول بحضرة الشهداء
و اي الكلام ينفع في هذا المقال . و احمد .. آه يا احمد ، كم حزنا و كم فرحنا.
كم تألمنا و كم شعرنا بالفخر . حزن على خسارة شاب بطل جسور اذل العدو
و مرغ انفه بالتراب و افهمه بلغة خاصة ، لغة الرجال، لغة المقاومين
بان هذا الشعب الفلسطيني العظيم لا يركع ابدا الا لربه ، و ان للقدس رجال
يعرفون كيف يدافعون عنها ، و كيف يضحون من اجلها ، و كيف يذلون العدو قبل استشهادهم . هناك اجيال تتبع اجيال تقاتل و تقاتل و لا يمكن ان تساوم او
تتخلى عن الوطن المقدس . شاب جميل في مقتبل العمر جعل صناع القرار و اصحاب المخططات القصيرة و الطويلة الامد يراجعون حساباتهم . شاب يافع
افهمهم ان الفلسطيني لا يمل او يستكين و سيبدع في ابتكار الوسائل التي توجع العدو
حتى يحررالوطن كل الوطن . كم فرحنا بزفة عريس جديد لحق بابيه الشهيد ، و سار
في طريق القافلة الطويلة على خطى القسام و الحسيني و الياسين و الياسر .
هكذا نحن معشر الفلسطينيين يمتزج عندنا الفرح بالحزن و الموت بالحياة .
لا ننثني و لا ننكسر و لا تخفت لنا عزيمة و ان عز الزمان علينا بمساعدة
الاخوة و الاقرباء فان السماء تفتح ابوابها لتستقبلنا جماعات و فرادى .
نقدم ارواحنا فداء لهذا الوطن الرائع و ترتفع اصواتنا و تصدح حناجرنا :
عالقدس زاحفين شهداء بالملايين . و سيأتي اليوم القريب الذي نهتف به
بأعلى الاصوات : عالقدس زاحفين احياء منتصرين ، و ما ذلك على الله بعزيز .
يعز علينا فراق هذا الفارس المغوار كما عز علينا فراق نشأت ملحم و من بعده
البطل باسل الاعرج . لكنها فلسطين تستحق منا ما قدمناه و ما يمكن ان نقدمه .
قاتل احمد كما ينبغي للبطل الشجاع ان يقاتل ، لم يخش عدد الجنود و لا اسلحتهم
او آلياتهم ، فالعظماء يرون الاشياء من زوايا خاصة بهم لا يراها غيرهم . رأى احمد
كل تلك الحشود كحشرات بشرية لا تعامل الا بالبندقية ، فعاجلهم وحيدا ، قاوم
حتى آخر طلقة و آخر نفس ، حتى خرجت روحه الطاهرة الى بارئها . سلام على
روحه الطاهرة و سلام لابيه و سلام على كل الشهداء . مات احمد كما يليق
بالشجاع ان يموت ، مات و يده على الزناد ، فلا نامت اعين الجبناء .
ماهر الصديق
الشهيد ابن الشهيد
الحجم