إعلان منتصف المقال
احد عشر الف دولار و ثلاث مفقودين احياء او امواتعندما يتحول اللاجئون الفلسطينيون الى بضاعة كاسدة مصيرها....البحر
حتما...لم يكن محمد غسان سعدة (28)عاما يفكر و هو يبيع سيارته المتهالكة واثاث بيته المتواضع ويستدين فوقهما (خمسة الاف دولار)ليصل الاجمالى الى (احد عشر الف دولار)وهو الرقم الذي طلبه السمسار لتامين رحلة (مفترض)انها امنة الى المانيا بمصير من سبقه من المهاجرين الذين ساقهم القدر لان يتحولوا طعاما للاسماك ،بل فكر تحديدا بمصير شقيقه فراس(32)عاما و علي(24)عاما الذين استطاعوا النجاة من هذا المصير ووصلوا امنين الى المانيا قبله بسنوات،صحيح انهم لم يجدوا ما حلموا به من عيش رغيد،الا انهم على الاقل نجوا بجلودهم من رصاص العبث الامني في مخيم كان للامس للقريب(عاصمة الشتات)التواقة للعودة الى وطن سليب و ممتلكات منهوبة،قبل ان يتلاشى هذا التوق ،ليس بسبب قوة الاعداء و تراص صفوفهم،بل،لان بعضا منا ظن ،ان من ادوات الهجوم الدبلوماسي الناجح لعملية السلام،لا ضير من التنازل هنا،حتى نتمكن من الفوز هناك،
صحيح ان فراس و على لم يكن مصيرهم كمصير العشرات من ابناء المخيم المغدورين و اخرهم الشهيد المغدور (عبد الرحيم المقدح)و هو ما امل به ايضا محمد ،فظن لوهلة ،ان بيع كل ما يملك في العاصمة الوهمية ،كفيل على تامين سلم النجاة،متجاهلا ان مبلغ احد عشر الف دولار لشخصين راشدين (محمد وزوجته)و طفلهما الرضيع (سنة و نصف)غير كاف لتامين الامان في رحلة الامان المفترضة،فالتكلفة باتت اغلى حتى من مجرد التفكير بها،ووصلت الى 12 الف دولار للشخص الواحد في بورصة البحث عن الامان الفردي،بعد ان اجبرنا بالسياسة و الاقتصاد و البندقية و الحاجز و الجدار و الحرمان الانساني و القانوني ..و...و عن مجرد التفكير بالامان الجماعي و المستقبل الوطني.
قبل اوسلو،،لم يكن الامن متوفرا،فالاعتداءات و الغارات الاسرائيلية كانت شبه يومية،،و لم تكن الاوضاع الاقتصادية و المعيشية في احسن حال،،ولم يكن الخطر الا محدقا في كل لحظة و في كل يوم،لكن،،كان هناك مشروع وطني يراه الناس منتصرا يوما ما،رغم التضحيات،فكانت الوحدة عنوان و الكفاح اسلوب والانتصار هدف،،فكان الايمان بالمستقبل و المبادرة بالحاضر.
اما بعد اوسلو....استبدلت الاعتداءات الاسرائيلية بالحروب و الاغتيالات العبثية الداخلية بين ابناء مفترضين لصف واحد ،بعناوين مختلفة و اهداف متناقضة ،لكن تحت سقف اجندة واحدة يقودها تحالف يجمع ما بين ما هو جلاد و ما بين ما هو ضحية في ان واحد.
اوضاعنا الاجتماعية و الاقتصادية في تراجع يومي مخيف "(رغم زيادة الاموال و تناقص الاعداد)،التصويب باتجاه واحد و غض الطرف عن اتجاهات بعينها بات سمة من يدعون تولي المسوؤلية وادعاء المرجعية .
بعد اوسلو...الاداء يفضح ما هو معلن ،فلنضحي بورقة لصالح الحصول على ورقة اخرى،،،ولا باس بان يكون ثلثا الشعب من اللاجئين بلا افق او مستقبل واضح المعالم.
و ليبحث محمد غسان سعدة واقرانه عن مستقبل ولو باعوا ما يملكون .....
لعل بعضهم ينجوا و ينجحوا بالوصول الى واحة الامان الفردي....وليرمى الاخرون بالبحر.
ربما...من شروط النجاح ل .اوسلو..التخلص من حمولة البضاعة الفائضة من اعداد اللاجئين.