*موقع يا صور*
هي من اللحظات الصعبة والقاسية، التي يرحل فيها الأناس العصاميين البسطاء، هؤلاء يرحلون بصمت وهدوء، دون أن يرافق رحيلهم مظاهر البهرجة والأبهة، المغلفة بالكذب والرياء والنفاق.
يغادر البسطاء هذا العالم، دون ضجيج وصخب الكلمات الجوفاء الفارغة، فلا يسمعون في رحلتهم الأبدية الأخيرة، إلا وجع الكلمات الصادقة، النابعة من القلب ممزوجة بالألم والحسرة.
هكذا في الأمس غادر مدينة صور، إبنها بائع اليانصيب المتجول حسين دبوق، غادرها بعدما أنهى عمله متنقلاً في شوراعها من مكان إلى آخر، يبيع أوراق اليانصيب لزبائن عرفوه وتعلقوا به، فلم يتعودوا شراء أوراق الحظ إلا منه.
كان حسين دبوق يعوض عدم قدرته على الكلام، بموهبة خارقة في قراءة الشفاه، وقدرة رهيبة على فهم الحوار، والتعبير بالاشارات. لغة الاشارات هذه بات يتقنها كل زبائنه، فلا تعجب وانت تمر بقربه، ان تراه في حوار تعبيري طويل، ملؤه الضحك والابتسام مع زبائنه.
قضى حسين دبوق في حادث سير مؤسف، فغاب هذا البائع الطيب البسيط، الذي ألفته أماكن المدينة وشوارعها ومقاهيها، لكنها من الآن وصاعداً ستفتده بشدة، وسيظلل غيابه ضباب الحزن والأسف على فقدان هذا الطيب البسيط العصامي.
