recent
أخبار ساخنة

ابتزاز الاونروا بقلم:ماهر الصديق

الصفحة الرئيسية



كلما طرأت  مسألة  تتطلب ارضاخ الشعب الفلسطيني و جره للتفريط بثوابته
الوطنية ، برزت الأونروا كأداة ضغط ، كونها تؤثر على نسبة كبيرة من أبناء
الشعب الفلسطيني الذين يعيشون في المخيمات داخل الوطن المحتل و في
الشتات . و هي  النسبة  الأكثر فقرا و حاجة للمعونات نتيجة الظروف
القاسية التي يعانون منها .  و لأن الأنظمة العربية التي يعيشون في كنفها
تمارس عليهم كل اشكال العنصرية خصوصا في مجالات العمل و الطبابة
و حتى التعليم . و قد يكون اللاجئ الفلسطيني في لبنان هو الأكثر تضررا
لأن القوانين اللبنانية تحول دون معاملته أسوة بشقيقه اللبناني ، و لأن
أكثر من 60% من السكان الفلسطينيين في لبنان يصنفون تحت خط الفقر.
لقد ازدادت نسبة الوفيات الناتجة عن الإهمال الطبي و تحديد التحويلات
للمستشفيات اللبنانية ، و وصلت كمية العاطلين عن العمل  حوالي 75% ، و
تراجع مستوى التعليم بشكل ملفت ، كل هذا نتيجة التقليصات المتدرجة
و غياب البدائل الكفيلة بتغطية تقصير الانروا . 
أي مراقب يمكنه بسهولة معرفة الأسباب التي تدفع الولايات المتحدة و غيرها
من الدول المانحة للابتزاز في الانروا . انهم يريدون فرض الاستسلام على
الشعب الفلسطيني و جعله يتخلى عن مقدساته و ثوابته ، هذا موقف
طبيعي من حلفاء العدو . لكن الشئ الذي يؤلم الفلسطيني هو مشاركة
الأنظمة العربية في تلك الضغوط ، ذلك من خلال  ممارسة العنصرية أو
إقفال الحدود أو حتى التآمر المباشر من قبل بعض الانظمة التي تريد
تركيع الشعب الفلسطيني و فرض الاستسلام عليه . نعم يقع على الانروا
مسؤولية أساسية في موضوع اللاجئين الفلسطينيين و عليها أن تقوم
بمسؤولياتها إلى حين عودة اللاجئ الفلسطيني إلى وطنه . لكن أين
الأخوَّة و اين المسؤولية الأخلاقية على الأنظمة التي يقيم اللاجئ على أراضيها ؟
أين الأخلاق و الروابط الدينية و القومية عند الأنظمة التي تستقبل العمال و
الفنيين و أصحاب الحرف من كل بقاع الأرض و تقفل الأبواب أمام اللاجئ
الفلسطيني ؟ بل أين تذهب أموال الدول النفطية التي تقدم المليارات لمصالح
القوى المعادية لأمتنا و الداعمة للكيان الصهيوني ! أليس الفلسطيني أحق بان
تقدم له تلك الأموال و هو الذي يدافع عن الأمة العربية و الاسلامية و يقف
وحيدا في وجه المؤامرات التي تستهدف الأمة ووحدتها و مقدساتها .
هل يبقى اللاجئ الفلسطيني تحت رحمة هذا الابتزاز الأمريكي
أم أن البدائل الكفيلة باستمرار تقديم المعونات يجب أن تتوفر بأي شكل من
الأشكال ؟ بلا شك أن الضرورة تقتضي وجود حلول تنتزع ورقة الابتزاز من أيدي
كل من يستخدمها لشطب الحقوق الوطنية ، و ذلك من خلال تحسين الظروف
المعيشية للاجئ الفلسطيني بفتح مجالات العمل و الطبابة و التعليم أمامه
في الدول التي تستضيفه ، أو بفتح أبواب العمل في الدول العربية الغنية
و الدول الصديقة التي يمكن أن توفر فرص عمل كريمة  ، حتى يتمتع
الفلسطيني بشئ من الاكتفاء و الاستغناء عن المساعدات ، ما عدا الحالات
التي لا معيل لها أو أن لها ظروفا خاصة كعائلات الشهداء و الجرحى و
الأسرى و أصحاب الحاجات الخاصة . و إذا لم ترغب تلك الدول باستقدام اليد
العاملة الفلسطينية لحسابات سياسية فعليها أن تغطي العجز الذي يسببه الابتزاز
الأمريكي و الغربي . لكن كل هذا لن يحصل بالتمني و لن يكون بمبادرات 
ذاتية من قبل تلك الانظمة . لن يكون ذلك إلا بعمل مضن و متواصل تقوم به
المنظمة باعتبارها تمثل الشعب الفلسطيني . و لن يكون إلا بالضغط على
الأنظمة الفاسدة و استخدام كل الأساليب التي تجعلها تقوم بواجبها الطبيعي
تجاه اللاجئ الفلسطيني .  لأن اللاجئ أحق بمئات المليارات التي قدمت
لترامب و لغيره من  أعداء الأمة ، و لخدمة  الدكتاتوريين الانقلابيين
الذين يسعون لإبقاء تبعية الأمة لاعدائها . ليس من المنطق أن يبقى حال
اللاجئ على ما هو عليه و تبقى الانروا تتراجع و تقلص خدماتها شيئا
فشيئا و تستمر المعاناة إلى ما لا نهاية . فإذا لم تمارَس ضغوط حقيقية
  تقوم بها المنظمة و معها الفصائل بتحريك الأمور على كافة المستويات فإن
الأوضاع المعيشية و الصحية و النفسية ستزداد سوءا . لا تنتظروا رحمة من
ترامب و دولته و لا من قساة القلوب الذين يحكمون بلادنا و ينهبون أموالها .
عليكم أن تتحركوا و تُعلِموا حكام العرب قبل غيرهم بأن الاستقرار و الامن لن
يكون مادام أهلنا في المخيمات يعانون من الفقر و الحرمان  و الموت البطيئ .

ماهر الصديق

google-playkhamsatmostaqltradent