مشاهد قلما مر عليها التاريخ ، سوف تخلد في الذاكرة ما بقي الاحتلال جاثما
على ارضنا الطاهرة . عنفوان شعب يرزح تحت الاحتلال ، يرفض الاستسلام
و الخنوع ، لا يأبه للذل الذي يحيط به من كل جانب . لا يستسلم للاحباط و لا
يهتم بالخونة المارقين مهما قل عددهم او كثر . انه الشعب الفلسطيني الذي لا تنطفئ
جذوة كفاحه و ثورته الا باسترداد مقدساته و بتحرير وطنه السليب . شعب يتوالد
الكرامة و الإباء أبا عن جد . لا يسكت عن حقه لو كلفه ذلك ماله و دمه . ليس
الفلسطيني من تموت قضيته مع تقادم الزمن ، و لا تخبت عزيمته مع الصعاب.
ليس الفلسطيني من يبيع ارضه و عرضه ، فمن ارخص دمه من اجل عقيدته
و مقدساته و تاريخه و حاضره و مستقبل اولاده لا يمكن الا ان يكون مالكا
لنفسه ، حرا في مواقفه ، مستقلا في قراره ، متمردا على الضعف و الاندثار .
هذا هو الفلسطيني لمن نسي من الملوك و الامراء و الرؤساء و الوزراء و اولادهم
و اتباعهم و حواشيهم و اسيادهم . لم يبع ارضه و لن يتخلى عنها ما بقيت الحياة .
خسئتم يا من تبيعون الدين و الكرامة و الاوطان من اجل عروشكم و مصالحكم
و لهوكم و خمولكم . عندما تذكرون الفلسطيني عليكم الوقوف في حضرته
احتراما ، انه من يحافظ على شرف الامة و عزتها و كرامتها و مقدساتها .
عهد .. ايقونة المقاومه ، مثال التحدي و الصلابة و الشموخ في زمن عربي
رديئ خانع . ما كان لها ان تخرج للمواجهة و للدفاع عن قداسة الارض
و عروبتها لو كان في هذه الامة جيش يمتلك الارادة و الشجاعة قبل ان
يمتلك السلاح و المدفع . و لأن مهمات الجيوش مقتصرة على القمع و دك
المدن الآمنه و قتل الشعوب و الحفاظ على العروش المهترئة ، و لأنها
سبب من اسباب استمرار الاستبداد و الدكتاتوريات ، و لانها تحمي الاعداء
و تبطش بالمقاومة و المقاومين ، فإن دور الجيوش يقوم به الاطفال و النساء
و الجرحى و المحاصرون في وطنهم المحتل ، لا يخافون من غضب ترامب
و ادارته و لا من تهديد نتنياهو و عصاباته المدججة بالسلاح . كان لا بد
لعهد و اقرانها من اطفال فلسطين ان يقفوا وحيدين في مواجهة جيش
الصهاينة . مواجهة بين الارادة العملاقة ، و القوة الجبانة المدججة بالسلاح .
مواجهة غير متكافئة من ناحية القوة ، فهذا يحمل السلاح و يملك الدبابة
و القنبلة و هذا يحمل الراية الخفاقة و العزيمة و الايمان بعدالة القضية .
و النصر لن يكون الا لجانب صاحب الحق الذي يعرف قيمة الحجر في
ارض الرباط ، و قيمة التكبير في قدس الاقداس ، و قيمة الدماء الزكية
التي تسيل في سبيل هدف سام و عادل . تعتقل عهد و والدتها و ابناء
عائلتها و قريتها . يعتقل المئات من الاطفال و النساء و الالاف من الرجال،
و تستمر مسيرة الشعب المرابط المكافح ، تستمر المقاومة بكل اشكالها
و لن تتوقف حتى تعود فلسطين حرة الى حاضرة العرب و المسلمين .

