إذا هانت القدس على بعض من يُحسب علينا من العرب و الفلسطينيين ، و لإن
تُرك الاقصى خلف أظهر بعض المسلمين ، فهي و الله في وجدان و ضمير
كل حر شريف فلسطيني و عربي و مسلم . كانت القدس مهوى قلوب الانبياء،
و كانت تسكن في مقل الصحابة و التابعين الاوفياء ، و في مقدمة
اولويات القادة العظماء . فإن هانت على البعض ممن يتحدث بلهجتنا
و يرطن بلساننا و بلغتنا ، و إن قل شأنها عند من يدعي الانتماء لامتنا
و يمارس شعائر عقيدتنا الا انها بقيت اهم هدف من اهداف الرجال الذين
صدقوا ما عاهدوا الله عليه . لقد قالها اجداد اليهود "هذا لو سلمنا بأن
هؤلاء احفاد اؤلئك " قالوا : و انا لن ندخلها حتى يخرجوا منها ! فأي فلسطيني
تطيعه نفسه للخروج من القدس إن تمكن من البقاء فيها او في اكنافها !
من يشيح بعينيه عن تلك القبة الخضراء التي تشرفت بخير الانبياء و الرسل ؟
من يتمكن ان يتغلب على اندفاعه للاقصى المبارك و لقبة الصخرة المشرفه .
من لا يحب ان يكحل عينيه برؤية القدس و يزكي دمه بترابها ! انه الفلسطيني
الذي تتساوى عنده القدس مع الحياة او الممات ، اما ملكا خالصا له و لامته
و اما يفنى في سبيلها ، و الامر عنده سيان إما حياة هنا و إما حياة هناك .
لقد دخلتموها يا ايتها القطعان الشاردة العابرة للقارات ، و لن تخرجوا منها
الا الى جهنم و بئس المصير . لن تخرجوا الا خائبين ، فإن فيها قوما جبارين
إعلان منتصف المقال
لن يتركوها تدنس منكم و فيكم و لن يتركوها الا شهداء او منتصرين .
لقد ووري ابا عبيدة الثرى ، و لحق به الصحابة و التابعين ممن شاركوا
في تطهير البيت المقدس . مات نور الدين و صلاح الدين ، و انتقل الى رحمة
الله سيف الدين قطز و الظاهر بيبرز و المنصور قلاوون ، و دفن الثوار عزالدين
و عبد القادر، و بقيت هذه الارض المباركة ، بقيت هذه الامة المنصورة تنجب
رجالا يحبون الشهادة كما يحب اعدائهم الحياة . رجال جبارين ابناء و احفاد
جبابرة . بقيت العروق بالإباء عامرة ، تنبض بالحياة و بالتضحيات في ام الفحم
و شفاعمرو و الناصرة. في الضفة الغربية الثائرة و في غزة الاحرار حيث
العزة و الارادة الفولاذية القاهرة . ايها الصهيوني الباحث عن ملاذ آمن
في بلادنا لقد اخطأت البوصلة ، لم تدرس تاريخنا جيدا ، لن تتعمق في طبيعة
شعبنا ، لم تتعلم كيف يفكر الفلسطيني ، و كيف يثمن مقدساته و باي مقياس
يقيسها ! ليس لك هنا موطئ قدم ، و ليس لك هواء و لا سماء و لا بحر
و لا مراكب . لا تحسبن بان الاوباش المترهلين المنفلتين من زمام الرجولة ،
المنغمسين في ملذات النفط و الرذيلة ، الفاقدين لاي صلة مع الدين و التاريخ ،
أعداء الشهامة و الكرامة و عزة النفس ، لا تحسبنهم يمثلون الامة بشئ .
ان الممثل الحقيقي للامة هم الشبان الذين عرفوا الاتجاه ، و حددوا الهدف ،
و عشقوا القدس فاستحقوا المجد و الخلود عن جدارة .