خاض المقدسيون و من ورائهم كل ابناء الشعب الفلسطيني و معهم كل حر شريف في العالم
صراعا بطوليا مع الاحتلال الصهيوني ، الذي اراد استغلال العمل البطولي لابناء جبارين لبسط
سيادته و تحكمه الكامل بالمسجد الاقصى المبارك . تمكنت الارادة المقدسيه المباركة من كسر
الارادة الصهيونيه القمعية الاجرامية . و حقق الصبر و الثبات اللذين قل نظيرهما في التاريخ
من اجبار العدو الاحتلالي على ازالة اجراءاته و تفكيك بواباته و كاميراته التجسسيه و العودة
خائبا دون تحقيق غاياته الهادفة للسيطرة على المسجد الاقصى او تقسيمه مكانيا و زمانيا .
لقد مثلت الاجراءات الصهيونيه الاخيرة واحدة من اخطر ما تعرض له الاقصى الشريف
منذ احتلاله في حزيران 1967 . لو قدر لهذا المشروع الصهيوني الاخير ان يحقق مراده
لوضع اللبنة الاولى لسيطرته على المسجد المبارك ، و لفقدت الاوقاف الاسلاميه الفلسطينيه
سيطرتها ، و بهذا تدخل المنظمات الاستيطانية الصهيونيه في المرحلة الثانيه و هو التقسيم
و من ثم الى مرحلة اقامة الهيكل الثالث . لكن بفضل الله لم يحقق الصهاينة اهدافهم بفعل
الصمود المقدسي و تكاتف كل الفلسطينيين بمسلميهم و مسيحييهم ، ووحدة الموقف
الفلسطيني السياسي و الاجتماعي خلف المقدسيين و الاصرار على المواجهة حتى النهاية .
لقد خاض شعبنا هذا الصراع لوحده ، حتى ان بيانات الاستنكار الكاذبه عن الجامعه
العربيه او الدول العربيه و الاسلاميه غابت و كأنها تعطي الضوء الاخضر للعدو على
الاستمرار في اجراءاته التهويديه لاقدس مقدسات المسلمين و العرب . و كذلك غابت
المواقف الدوليه ! مع ان الاقصى يقع حسب القرارات الدوليه ضمن الاراضي المحتلة
و ان المواثيق الدوليه لا تسمح باجراء اية تغييرات ديمغرافيه او طمس للمعالم
في المناطق الواقعة تحت الاحتلال ، و كانت منظمة اليونسكو التابعة للامم المتحدة قد
اقرت في تشرين الاول 2016 بان الاقصى تراث اسلامي خالص لا يجوز المساس به .
تعافى الاقصى من هذه المكيدة الصهيونيه الاخيرة ، لكن على الشعب الفلسطيني ان لا
يخلد للراحة فامامنا جولات و جولات مع هذا العدو الشيطاني الماكر . انه عدو يعيش على
اساطير و خرافات يريد ان يطبقها على ارضنا و مقدساتنا مستغلا حالة الترهل و التخاذل
العربي وواقع الانقسام و الميوعة في الموقف الرسمي الفلسطيني . على شعبنا الاستمرار
في يقظته و انتفاضته ، و على المقاومة ان تبقي اصبعها على الزناد ، و على الاحتلال
ان يدرك بان مصيره الى زوال .