recent
أخبار الساخنة

بسبب دفنه بلا أطراف في غزة..نحّات يكرّم شقيقه الشهيد بأطراف من شمع العسل


غزة - وكالات


لم تغب أحداث استشهاد الشاب هاني أبو حشيش في العدوان "الإسرائيلي" عام 2014 عن مخيلة شقيقه محمد؛ فكرّس وقته بحكم عمله في الفن التشكيلي لإنتاج عمل يجسّد أطراف الشهداء التي فُقدت بالحرب.

حكاية محمد مع تجسيد أطراف الشهداء بدأت حينما استشهد شقيقه جراء تعرضه لقصف "إسرائيلي" في مخيم المغازي وسط قطاع غزة إبان العدوان الأخير، فعثر على جسد شقيقه باستثناء يده، فاضطر لدفنه دونها.

تكريم الشهداء

وأطلق الفنان، المتخصص في النحت وتصميم المجسمات والأعمال التركيبية، منتصف عام 2015 مشروع "كرامات" لـ"حفظ كرامات الشهداء" باستخدام خام "يليق بهم"؛ فأنتج أعمالًا فنية تحاكي أطراف الشهداء من "شمع العسل"، وهي المرة الأولى التي تستخدم فيها هذه المادة بأعمال فنية مماثلة.

ويقول أبو حشيش :"إن فكرة المشروع كانت إلهامًا من شقيقي هاني حينما عثرت على جسده أشلاءً؛ فحاولت جمعها كاملة لدفنها في قبر؛ إلا أنني لم أعثر على يده".

وبعد استشهاد شقيقه؛ لم يمارس محمد أعماله الفنية عامًا كامل؛ حتى بادر بالتفكير بعمل فني يُكرّم فيه شقيقه وشهداء الشعب الفلسطيني الذين دفنوا دون أطرافهم.

شمع العسل

وأنتج أبو حشيش من شمع العسل ستة أشكال فنية تُجسد أطرافًا لنساء وأطفال ورجال فقدوها أثناء العدوان الإسرائيلي، ويقول إن ذلك "تكلل بنجاح باهر".

ويُرجع استخدام هذه المادة لأنها "غنية وجميلة ومعاصرة، وتتوفر لدى مناحل غزة المنتشرة في كافة المحافظات باللونين الأبيض والأصفر، وتباع على شكل صفائح ورقية".

وبعد نجاحه في أعماله الفنية باستخدام "شمع العسل"، بدأ محمد بتكوين ورشة عمل خاصة له بالمنزل؛ للعمل على إنتاج أعمال فنية تستهدف بشكل أساسي تجسيد أطراف الشهداء.

ولا يتخذ أبو حشيش، الذي يعمل مُدرسًا فنيًا في إحدى مدارس غزة، عمله الفني وسيلةً للرزق؛ "بل لتقديم شيء يوازي- قدر الإمكان- عطاء وتضحيات شهداء الشعب الفلسطيني".

معرض "كرامات"

وأطلق أبو حشيش معرض "كرامات" أواخر ديسمبر عام 2016 بدعم من مؤسسة عبد المحسن القطان؛ لاستعراض أعماله النحتية من الجبس والألمنيوم وشمع العسل.

وضم المعرض عدة مشاريع فنية منها مشروع "إخلاء" والذي يُجسّد أطرافًا بشرية مصنوعة من الجبس، ويتحدث فيه عن لحظة إخلاء المواطنين منازلهم حينما يهدد الجيش الإسرائيلي بقصفها.

كما استعرض مجموعة فنية أخرى تحمل عنوان "نخوة فطرية" وهي أطراف مصنوعة من المعدن، وتُجسد "أيادٍ ممدودة دفعتها نخوة فطرية حينما سمعت نداء منكوب مغطى بركام بيته لإغاثته وتقديم المساعدة لها".

وشارك الفنان أبو حشيش بأعمال نحتية في معارض عديدة سابقة منها معرض "يوميات حياتنا هنا في غزة" في الأردن، ومعرض "بقايا من الذاكرة" في رام الله، ومعرض "أفكار تتفتح" في غزة.

معيقات

ورغم إصرار الفنان أبو حشيش على إنجاز مشروعه وإشهاره، إلا أن عديد المعيقات وقفت حائلًا أمام ذلك، إذ حرمه الحصار المستمر على القطاع منذ أكثر من 11 عامًا من تلبية دعوات المشاركة في معارض دولية وعربية.

ويقول بمرارة "للأسف العديد من المعارض كان من المتوقع أن أشارك فيها؛ لكني حرمت منها لظروف الحصار الإسرائيلي وإغلاق معبر رفح، وإن سافرت فلن أستطيع العودة".

ولم يحل تعذر خروج أبو حشيش من غزة دون مشاركة أعماله بمعارض فنية خارجية، إذ أرسل بعضها خارج القطاع، ولاقت استحسانًا كبيرًا، وفق قوله.

كما أعاقت أزمة انقطاع التيار الكهربائي إنتاج العديد من أعماله الفنية، بالإضافة إلى عدم توفر شمع العسل الأصفر المطلوب لإنتاج الأعمال الفنية بصورة كبيرة.

ويطمح أبو حشيش أن يكون لديه مشغل مناسب لممارسة أعماله الفنية وتعليم الفنانين والطلبة المبتدئين فن النحت، آملاً أن تُنظّم مهرجانات ومعارض في قطاع غزة لهذا الفن.
google-playkhamsatmostaqltradent