ادرجت محكمة الجنايات المصرية يوم الثلاثاء 17 كانون الثاني 1502
شخصا على قائمة الارهاب ، منهم اساتذة جامعات و حقوقيون و اطباء
و سياسيون وقادة احزاب. كان الملفت ادراج شخصية رياضية معروفة
بدماثة خلقه ، و تدينه و حبه لوطنه و امته ضمن تلك القائمة .
محمد ابو تريكة علم رياضي لطالما حُمل على الاكتاف ، و رفع اسم
مصر في المسابقات الكروية ، و مثل بلده في كثير من المحافل .
فبالاضافة لكونه رياضي مميز ، عُرف باخلاقه العالية ، و احترامه
للقوانين ، و محبته لزملائه و للطواقم المسؤوله عن منتخبه ، و احترامه
للحكام و للاعبين من الفرق الاخرى ، بل و تواضعه و تقديره لجميع الناس !
و عُرف عنه مواقفه المتضامنه مع المظلومين من ابناء بلده ، و تقديمه
العون للمحتاجين و مساعدة المستشفيات التخصصيه و المؤسسات الخيريه
و المساهمه في شراء المعدات التي تساعد اصحاب الامراض المزمنه .
ليس للرجل انتماء سياسي او حزبي ، لكنه يؤيد التغيير في وطنه و يرفض
تغول العسكر على السلطة ، و استئثارهم بالحكم من خلال الانقلابات
و فرض انفسهم على المجتمع بقوة السلاح . و لهذا كان ابو تريكة مؤيدا
للرئيس مرسي الذي انتخب ديمقراطيا و بارادة الشعب بدون ضغوط
او شراء ذمم او تزوير او استخدام للقوة العسكرية و للنفوذ في مؤسسات السلطة .
هذا الرجل الذي لم يحمل السلاح في يوم من الايام . لم يقتل ، بل تعاطف
مع القتلى ، لم يجرح او يعتقل ، بل تألم مع الجرحى و تضامن مع المعتقلين .
لم يستبح حرمات الناس او يقتحم بيوت الله ! لم يعتد على الامنين في بيوتهم
و لا على الممتلكات العامة و الخاصة ، لم يفجر كنائس و يتهم غيره ، او
يقتل ضباطا ليتسنى له البطش بالابرياء و يلصق بهم التهم . لم يفعل ابو تريكة
اي من تلك الاعمال المشينة و مع ذلك صودرت امواله ووضع على قائمة
الارهاب و منع من دخول وطنه و ربما يحرم من جنسيته التي لا يحمل غيرها.
اما السيسي فلقد اعطى الاوامر في 14 آب 2013 باقتحام ميداني رابعة و النهضه
حيث كان يجتمع عشرات الالاف من المواطنين العزل في عملية اعتصام سلمي
احتجاجا على الانقلاب العسكري و السيطرة على الحكم بقوة السلاح و اعتقال
إعلان منتصف المقال
رئيس الدولة المدني المنتخب ومعه اعضاء الحكومة و البرلمان و المعارضين
و شيوخ و سياسيين . نتج عن فض هذا الاعتصام مقتل ستة الاف انسان
في غضون ساعات قليلة ، و الاجهاز على الجرحى و اقتحام المشفى الميداني
و حرق الجرحى احياء ، و اعتقال الاف الرجال و النساء من اعمار مختلفة،
لا لذنب الا لانهم يرفضون الانقلاب العسكري، و يطالبون باعادة الحكم لمن
تم انتخابه ديمقراطيا . و في 17 آب 2013 تم اقتحام مسجد الفتح الذي
لجأ اليه بعض الهاربين من الموت من ميداني رابعة و النهضة فارتكبت مجزرة
و تم اعتقال المئات من الشباب و الشابات لم يعرف مصير بعضهم الى الان .
بعد ذلك تكرر اقتحام المساجد و اعتقال من فيها و اقفالها حتى وصلت لمئات
المساجد في انحاء مختلفة من البلاد .هذا غيض من فيض للاعمال الوحشية
التي قام بها السيسي و رجال مخابراته و جيشه . فبدل ان يحاكَم المجرم
الذي ارتكب المجازر و اعتدى على الحرمات و نهب البلاد ! حاكم القضاء
المصري " العجيب" مئات الابرياء بالاعدام في مشهد لا سابق له في تاريخ
البشرية ، و لا حتى في مجاهل افريقيا ! و اصدر احكاما بالسجن على الالاف
بدون تحقيق او شهود او دلائل ، كل ما كانوا يحتاجونه هي تهمة الاخونه !
من الارهابي ؟ هل الاعزل الذي لم يرتكب حتى مخالفة سير ! الرجل الذي يتمتع
بالاخلاق و السيرة الحسنة ، ام الوحش العسكري ، القاتل لالاف الابرياء،
الذي غصت معتقلاته بالنساء و الاطفال و الشيوخ ؟ الذي حول المواقع المدنيه
لثكنات عسكريه ووزع ضباطه على رأس المحافظات و مؤسسات السلطة !
الارهابي هو من يحافظ على سمعة بلده و يساهم في تنميتها ، ام الذي جعل
مصر على رأس قائمة الدول الاكثر انتهاكها لحقوق الانسان ، و جعل اقتصادها
في الحضيض و باع اجزاء من بلده مقابل مليارات تعود لجيبه
و لمن معه من الضباط ! امر مؤسف ان يصل القضاء الى هذا المستوى
من التدني في بلد معظم سكانه من المسلمين ، حيث يجب ان يكون
القضاء مستقلا و يحكم بالعدل و لا يحابي حاكما او مسؤولا . لقول
الله تعالى :" وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ". لكننا نقول مع الشاعر :
إذا جار الأمير وكاتباه ... وقاضي الأرض داهن في القضاء
فويل ثم ويل ثم ويل ... لقاضي الأرض من قاضي الســمــاء