البلد محمد دهشة
إنفجر الوضع الامني في عين الحلوة على عكس كل التوقعات التي كانت تشير الى التهدئة جراء الاتصالات واللقاءات الفلسطينية التي لم تتوقف، واندلع اشتباك عنيف بين عناصر من حركة "فتح" في منطقة "البركسات"، والناشطين الاسلاميين في منطقة "الصفصاف"، استخدم فيه القذائف والقنابل، ادى الى سقوط قتيل وثلاثة جرحى، ليرتفع عدد القتلى الى أربعة والجرحى الى ثمانية، إضافة الى الاضرار في الممتلكات من المنازل والسيارات وحركة نزوح الى مدينة صيدا.
مشهد عين الحلوة في اعقاب اغتيال الناشط الاسلامي في "عصبة الانصار الاسلامية" سامر حميد الملقب "نجمة" و"محمود عبد الكريم صالح، ومقتل أحمد ابو اليمن" وعبد الله جمال الفار وسقوط ثمانية جرحى، بدا متداخلا وغير مفهوم، اختلط "الحابل بالنابل"، ترنحت الجهود بين التهدئة الخجولة، اي التوتير المحدود ودون الانفجار الكبير، وبقي طوال ساعات الليل والنهار الاولى يئن وجعا وينزف دما من تبادل اطلاق النار والقنابل دون ان يتخذ شكل اشتباك متبادل، فتعززت المخاوف الفلسطينية التي أكدتها اوساط مسؤولة لـ "صدى البلد"، من ان يكون هناك محاولة لتوريط حركة "فتح" في الاشتباك لاضعافها في اعقاب نتائج المؤتمر السابع لحركة "فتح" الذي عقد في رام الله"، حيث عاد المسؤولون الفلسطينيون بتصميم اقوى على تفعيل دورها وتثبيت قوة حضورها في مختلف المخيمات وخاصة عين الحلوة وقد بدأت تترجم ذلك بالاستعدادات لاحياء الذكرى السنوية لانطلاقتها، ومن ان يكون هناك ايضا محاولة لاستدراج "عصبة الانصار الاسلامية" الى معركة لا تريدها، بعدما تبنت سامر حميد الملقب "نجمة" لامتصاص الغضب ومنع انفلات الامور، وصولا الى افشال جهود القوى الوطنية والاسلامية في وضع خطة أمنية لتحصين الأمن والاستقرار داخل المخيم، ومع الجوار اللبناني، كبديل عن اقامة "الجدار الاسمنتي" بعد الاتفاق مع الجيش اللبناني وقطع الطريق على مزيد من توثيق التعاون والتنسيق.
اشتباكات مفاجئة
ميدانيا، وعلى عكس ما كان متوقعا، اندلع الاشتباك عنيف بين عناصر من حركة "فتح" وناشطين اسلاميين في الشارع الفوقاني، وتركز في حيي الصفصاف والبركسات في الشارع الفوقاني، وبينهما طيطبا وعكبرة، استخدمت فيه القذائف والقنابل اليدوية، وذلك بعد وقت قصير من تشييع القتيلين "نجمة" وصالح، من مسجد "الشهداء" في المخيم الى مقبرة صيدا الجديدة في سيروب وسط حالة من الغضب.
وليلا، تراجع حدة الاشتباك، بعدما ادى الى سقوط قتيل هو عبد الله جمال الفار وقد نقلت جثته الى مستشفى الراعي في صيدا وثلاثة جرحى هم (مجدية. ي) و(لبنة. ح) و(نجية. س)، اضافة الى حركة نزوح كثيفة من احياء المخيم الشرقية وتحديدا من الصفصاف، عكبرة، طيطبا والبركسات وعرب زبيد وبعض مناطق الفيلات اللبنانية المحاذية، فيما أحصي تضرر عدد من المنازل في حي طيطبا وواحد في الرأس الاحمر، الى جانب سيارات ومحال تجارية ووصل القنص الى بعض اطراف المخيم، فيما اتخذ الجيش اللبناني اجراءات احترازية لمنع العبور في المناطق المحاذية.
وعلمت "صدى البلد" ان اتصالات رفيعة المستوى لبنانية وفلسطينية وفي كل الاتجاهات من اجل وقف اطلاق النار في مخيم عين الحلوة، وان المجتمعين في مقر سفارة فلسطين في بيروت اتفقوا على تشكيل لجنة سياسية قيادية مصغرة توجهت على الفور الى عين الحلوة، حيث عقدت اجتماعا طارئا في مسجد "النور" لوقف اطلاق النار تمهيدا لنشر عناصر من القوة الامنية المشتركة في مناطق الساخنة.
وقد استجاب قائد الامن الوطني الفلسطيني اللواء صبحي ابو عرب، لهذه الجهود واعطى تعليماته لعناصر حركة "فتح" بعدم اطلاق النار، حيث تشكل وفدان واحد اتجه الى منطقة البركسات وضم "صلاح اليوسف وعدنان ابو النايف" واخر الى منطقة "الصفصاف" وضم "الشيخ ابو شريف عقل وشكيب العينا والدكتور احمد عبد الهادي" للغاية ذاتها.
وقال قائد القوة الامنية الفلسطينية المشتركة في لبنان اللواء منير المقدح، لقد تم الاتفاق على تهدئة الوضع داخل المخيم ووقف الاشتباكات وقام وفد من اللجنة الامنية الفلسطينية العليا بزيارة الى حي الصفصفاف واخر الى منطقة البركسات، لسحب المسلحين من الشوارع، والعمل على تسليم المشتبه بهم الى الاجهزة الامنية، واصفا ما يجري بأنه اغتيال لمخيم عين الحلوة.
وعقدت قيادة الفصائل والقوى الوطنية والاسلامية الفلسطينية في لبنان اجتماعاً طارئاً في مقر سفارة دولة فلسطين في بيروت، بحضور سفير دولة فلسطين اشرف دبور، حيث ادان المجتمعون ادانه حاسمة حازمة كافة الاحداث المؤسفة التي حصلت والاغتيالات، والعبث بالامن في مخيم عين الحلوة لبث حالة الذعر، متوقفين عند التوقيت المريب والمستمر للاحداث، حيث تبين من خلال كل ما جرى في السابق بأن هناك ايد خفية تعمل لخدمة اجندات خارجية لضرب وحدة شعبنا وعملنا المشترك، ويدعون الى وقف اطلاق النار فوراً في المخيم وسحب المسلحين من الشوارع.
وفي خطوة لافتة، جرى الاتفاق على مرحلة من العمل الفلسطيني المشترك، اساسها فرض الامن والامان في المخيم وعلى مبدأ المحاسبة لكل من يخطئ ودون استثناء وتسمية الامور باسمائها وتحميل المسؤولية لمن يخل بالامن ويعرض شعبنا للمخاطر والتأكيد على ان القوة الامنية هي الجهة المسؤولة عن حفظ الامن، وعلى كافة القوى التعاون معها لانجاح عملها، مؤكدة على توقيف المشتبه بهم من قبل القوة الامنية المشتركة في المخيم وتسليم كل المتهمين بجرائم القتل الى الدولة اللبنانية، مدينة اللجوء الى استخدام السلاح في الخلافات الداخلية في المخيمات وتحريم الاقتتال الداخلي وترويع الامنين من اهلنا نتيجة اطلاق النار العشوائي، مشددة ان السلاح الفلسطيني ينبغي ان لا يوجه الا نحو العدو الصهيوني.
توتير وشائعات
وكان مخيم عين الحلوة قد عاش ليلة من التوتير الامني على خلفية اغتيال الناشط الاسلامي في "عصبة الانصار الاسلامية" سامر حميد الملقب "نجمة" والتي اسفرت ايضا عن سقوط قتلين هما "محمود عبد الكريم صالح، وأحمد ابو اليمن" وستة جرحى هم (عمر.ح) و(عمر.ش)، (عليا حوراني)، (محمد.ب)، (خليل. ص) و(محمد.ع) واصابته طفيفة.
وبقي إطلاق النار طوال ساعات الليل خفيفا ومتقطعا، ميزه القنص بين الحين والاخر، لكنه عاد وإشتد الساعة الثالثة فجرا، اذ استخدمت القذائف والقنابل اليدوية، على محور واحد ما بين الصفصاف حيث معقل الاسلاميين والبركسات حيث معقل فتح" دون ان يمتد الى محاور اخرى، او يفد عن سقوط ضحايا او جرحى، وسط حالة من النزوح المحدود في تلك المنطقة.
وابلغت مصادر فلسطينية ان الاتصالات تواصلت طوال ساعات الليل، بهدف تطويق اطلاق النار ومنع امتداده الى مناطق اخرى او تحويله الى اشتباك مع حركة "فتح"، في ظل استنفار عسكري من مختلف القوى تحسبا وانتشار شائعات واخبار مغلوطة على مواقع التواصل الاجتماعي لاثارة القلائل والفتنة وخاصة فيما يتعلق بتوجيه الاتهامات او زج اسماء اشخاص نفذوا عملية الاغتيال، وقد سارعت "عصبة الانصار الاسلامية" الى اصدار بيان توضيحي، مؤكدة انتظار عمل لجنة التحقيق ونتائجها.
هذا واقفلت كافة مدارس وكالة "الاونروا" في المخيم نتيجة الوضع الامني، فيما اعلنت بعض المدارس في محيط المخيم والواقعة ضمن نطاق مدينة صيدا اقفال ابوابها تحسبا، وهي مدرسة عائشة أم المؤمنين، ثانوية القلعة، مدرسة الحاج بهاء الدين الحريري، معهد صيدا الفني (المهنية الرسمية)، المدرسة العُمانيّة النموذجيّة الرسميّة والمعهد المهني المتقدم وذلك حرصا على سلامة التلامذة، على أن تؤجل جميع الاختبارات والامتحانات المقررة لوقت لاحق تحدده كل مدرسة على حدا.
هذا ونعى اهالي بلدة الصفصاف عبر مكبرات الصوت، الضحيتين حميد وصالح، وصلي على جثمانهما في مسجد "الشهداء" في المخيم عصرا وجرى دفنهما في مقبرة صيدا الجديدة في سيروب، على ان تعقد القوى الفلسطينية اجتماعا طارئا في مقر سفارة دولة فلسطين في بيروت ظهرا لبحث الوضع الامني من مختلف جوانبه.
مواكبة صيداوية
والى جانب الجهود الفلسطينية واكبت القوى السياسية الصيداوية تفاصيل الحادث الامني، داعية قوى عين الحلوة الى مضاعفة الجهود من اجل ضبط الوضع الامني ومنع تكرار ما جرى عبر التواصل وتعزيز عمل اللجان والأطر المشتركة وتفعيل القوة الأمنية الفلسطينية للتحرك السريع والمبادرة الى ملاحقة المخلين بالأمن وتسليم المرتكبين وتطويق ومعالجة اي حادث امني في حينه منعا لتفاعله بشكل يدفع اهل المخيم وابناؤه الثمن من ارواحهم وامنهم واستقرارهم ومن قضيتهم المحقة.
وأعربت النائب بهية الحريري عن اسفها الشديد للأحداث الأمنية التي شهدها مخيم عين الحلوة وما نتج عنها من قتلى وجرحى وما رافقها من ترويع للأهالي والطلاب خصوصا.
وعبر سعد عن الأسف والحزن لسقوط الضحايا والجرحى، معربا عن القلق على أوضاع المخيم، بخاصة في هذه المرحلة الدقيقة التي تتركز فيها الأنظار عليه، مطالبا الفصائل الفلسطينية بالارتفاع إلى مستوى المسؤولية، وبمنع الاحتكام إلى لغة السلاح، والتصدي لكل من يحاول العبث بأمن المخيم والإساءة إلى دوره الوطني، فضلاً عن الإساءة إلى أمن صيدا والجنوب والأمن الوطني اللبناني عموما.
واستنكر تيار الفجر تكرر حوادث الاغتيال والإنفلات الامني في مخيم عين الحلوة وتفاقم الحالات الشاذة ما ادى الى حصول اشتباكات وسقوط ضحايا وجرحى وتدمير للمتلكات وترويع للآمنين، معتبرا أن ما جرى يقرع ناقوس الخطر ويستدعي تدخلا متواصلا من كافة القوى والفصائل الفلسطينية لتطبيق الاتفاقات السابقة لجهة لجم وتطويق البؤر الخارجة على القانون التي تعيث فسادا وتروع الآمنين وتهددهم في ارزاقهم وارواحهم وممتلكاتهم.
واجرى الشخ ماهر حمود اتصالات بقيادة الجيش اللبناني في الجنوب وفعاليات فلسطينية، مطالبا الجميع بضبط الوضع في مخيم عين الحلوة وتسليم القتلة للجهات المختصة، خوفا من انفلات الوضع في المخيم وتوسع رقعة الاشتباكات.

