خاص دنيا الوطن- روزين أبو طيون
في البلدة القديمة وبين حاراتها، هناك في إحدى الزوايا صوتٌ لآلاتٍ تعمل، يأخذك فضولك إلى ذلك الصوت؛ لتكتشف بأنه مصنعٌ لصُنع الحلوى التقليدية الفلسطينية القديمة، تختلط عليك كل الروائح، رائحة خمسمائةِ عام مع رائحة الحلوى الشهية، ولا تنسى المشهد الجميل للحجارة المتراصة من العهد العثماني، ذلك المشهدُ الذي يعرضُ ماضي البلدة القديمة في ثوانٍ تتمنى ألا تنتهي.
تلك الحلوى أهملت لأنها فلسطينية، والاعتماد على الحلوى من الدول المجاورة، لربما ذلك بسبب الابتعاد الواضح على كلِ منتجٍ محليّ! لن تجد أجمل وأفضل من تراثنا والبلدة القديمة هي كُل التراث المنسيّ.
تلك الصناعةُ العتيقة الحديثة التي قد يُستغنى عنها مقابل صناعةٍ تركية فقط لأنها تركية، مصنع حلويات الشروق من مدينة نابلس، ذلك المصنع الذي مر عليه خمسمائةِ عام حيث تحول من بيتٍ قديم إلى مصنعٍ للحلويات مر على عمره 25 سنة.
يقول مروان شخشير صاحب مصنع الحلويات، عمر هذه الحلوى 25 سنة في المصنع، ولكنها في الأصل تم صنعها منذ أكثر من مئةِ عام، فنقوم بصنع الحلقوم بكافةِ أنواعه أي ما يقارب 16 نوعاً منها بطعمِ الرمان والسفرجل والجزر والكرز، وهناك المن والسلوى، وراحة بالورد، وراحة بالزنجبيل وغيرها".
عراقيل واجهت المصنع
وعن العراقيل التي واجهته يقول الشخشير: "سنة 1993 دخلت عدة انتكاسات وكان منها حرب الخليج، ولهذا تم الإغلاق لفترة من الوقت، وعدنا بعدها سنة 1997 وبدأنا العمل بغرفةٍ صغيرة وبدأنا بالتعريف عن منتجنا ونشره أكثر، حتى تطورنا وانفتحنا على العالم".
يكمل: "كل عنصر في فلسطين قد تعرض لانتهاكات عديدة من قبل الجيش الإسرائيلي، وقد استشهد أخي عمار سنة 2002، وبعد فترة من استشهاده تم توجيه قرار بهدم المكان، ولكن تم توقيفه".
بكفي كيماوي بكفي بضاعة فاسدة
إعلان منتصف المقال
يبين الشخشير بأن منتجاته ليست مضرة بالصحة ولا يستعمل فيها أي مواد فاسدة فيقول: "أصبحت حياتنا مليئة بالبضائع الفاسدة والمضرة بالصحة، حتى الفواكه هذه الأيام قد تضُر، وهنا في المصنع نحاول بكل ما لدينا حتى نقدم شيئاً جيداً، وأن نستعمل مواد طبيعية مئة بالمئة، فالذي لا أرضاه لنفسي لن أرضاه لغيري".
تقول المواطنة أم طه: "ليس هناك أفضل من حلوى الحلقوم ولا أطيب من ذلك، وأنا أفضل التعامل مع هذا المصنع دائماً وفي كل مناسبة".
المنتج المحلي مش كخة
"المنتج المحلي مش كخة"، هذا ما يقوله مروان الشخشير شمل بها كُل منتج محلي فلسطيني في الأسواق موضحاً: "المنتجات الفلسطينية بكافة أنواعها أفضل من المنتجات الخارجية، فلماذا لا يتم دعم منتجاتنا؟ ولماذا دائما تقارن بالمنتجات الخارجية ويتم معاملة المنتج الفلسطيني على أنه دون المستوى المطلوب؟".
يكمل: "هذا يعتبر حرباً ضد الشعب الفلسطيني من الجانب الاقتصادي، فالاستيراد من الخارج والتقليل من التعامل مع المنتج الفلسطينيّ، يساعد على زيادة البطالة، وللأسف هنالك جهل بهذا الموضوع، وللأسف في الغرب يقدرون المنتج الفلسطيني بشكل أكبر منا".
يضيف الشخشير: "في عدة دول منها تركيا ولندن والبرتغال، يتم الاهتمام بكل ما هو تراثي، ويتم دعم تلك الأسواق وتُعطى قيمتها، فالبلدات القديمة في تلك الدول تعامل أفضل معاملة والمنتجات كذلك من حلوى وغيرها، ولكن هنا للأسف نحن نُسرق أمام أعيننا، والذي يُسرق هو تراثنا وتاريخ عائِلاتنا".
ينهي الشخشير حديثه: "أتمنى من الغرفة التجارية في نابلس أن تدعم المنتج الفلسطيني وتعطيه أحقيته، وأن تعود نابلس من جديد عاصمة الاقتصاد، وأن نبتعد عن الهاوية".