ايتام على موائد اللئام ، هذا حالنا باختصار بعد حوالي ربع قرن
على الاتفاق المبرم بين قيادة منظمة التحرير و زعماء كيان الاحتلال .
بغض النظر عن الموقف المبدئي تجاه هذا الاتفاق أو اي اتفاق بين قيادات
فلسطينية أو عربية مع العدو، فاننا نفترض ان الشعب الفلسطيني قبِل بالاتفاق
طوعا او كرها، فأين أوصلنا و ما حقق لنا و هل "اقام السلام" و غيّر من الاوضاع القاسية التي يعانيها المواطن الفلسطيني في الداخل و الشتات ؟!
هل اعاد لنا اراض 67 و القدس الشرقيه ؟ هل حقق الدولة و اوقف
الاستيطان ؟هل فك قيد الاسرى او منع القتل و الاعتداءات ؟
كلها اسئلة يسألها المواطن قبل المراقب و المحلل و تحتاج لاجوبة منطقيه.
لقد نص الاتفاق في مادته الاولى بان الفترة الانتقاليه لا تتجاوز الخمس سنوات ، و سوف تؤدي إلى تسوية دائمة تقوم على أساس قراري مجلس الأمن 242 و338 ! القرار 242 نص على انسحاب القوات " الاسرائيليه" من الاراضي التي احتلتها في حرب حزيران 67 ، بما يعني اراضي
الضفة و غزة و القدس . لقد مضى 18 عاما على نهاية الفترة الانتقاليه
و لا زالت دولة الاحتلال تحتل كامل القدس و اجزاء كبيرة من الضفة
و تحاصر غزة . اما القرار 338 الصادر في 22 تشرين الثاني عام 1973
فقد اكد على تنفيذ القرار 242 بجميع اجزائه بما في ذلك تسوية عادلة
لمسألة اللاجئين . و لو تم ربط القرارات الدوليه ذات الصلة فان القرار
194الصادر عن الجمعية العامة للامم المتحدة بتاريخ 11/12/1948
دعا ايضا لعودة اللاجئين و تعويضهم عن الخسائر التي لحقت بهم .
لقد قامت المنظمة بكل ما طلب منها خلال المرحلة الانتقاليه ، فقامت
بالتنسيق الامني و تقديم المعلومات و الوقوف في وجه المقاومة و منع
العمليات العسكرية . و مع كل هذا لم يتحقق " السلام" و لم يلتزم كيان
الاحتلال باستحقاقات التسوية ، و بقيت السلطة تراوح مكانها منذ عام 1993
حيث انحصرت سيطرتها الصوريه ضمن مناطق المرحلة الانتقاليه لا اكثر
و لا اقل . فيما استمر كيان الاحتلال بانشاء المستوطنات ، و اقام
الجدار العازل . و يعمل على قدم و ساق لتهويد القدس بشكل كلي و افراغها
من سكانها . و يسمح لمستوطنيه بتدنيس الاقصى و الاعتداء على المواطنين.
و لم تحل اية قضية من قضايا " الحل الدائم" : القدس .. المستوطنات
اللاجئين.. الحدود .. و الترتيبات الامنية حسبما نصت عليه اتفاقية اوسلو .
مادام الوضع على هذا و قد تبين بان المنظمة وقعت بمكيدة اسمها
المفاوضات من اجل المفاوضات ، و انها ضرورة للكيان من اجل
تطبيع علاقاته عربيا و اسلاميا و دوليا ، و كذلك من اجل تجميل
صورته الدوليه ككيان باحث عن السلام ، و ليس كيان احتلالي استيطاني
إعلان منتصف المقال
قام على اراض شعب آخر بعد ان هجر معظم السكان، و ارتكب المجازر بحقهم . و هو ايضا مستفيد امنيا من وجود السلطة لما تقدمه من معلومات
و بما تفرضه من اجراءات بحق رجال المقاومة ، و بما تمثله من مانع
لانتفاضة شعبيه عارمة كما كان عليه حال الضفة و غزة عام 1987 .
بالمقابل ماذا لدى المنظمة و معها السلطة من اوراق قوة ؟ ان اهم
ما لدى المنظمة هي ورقة اعلان فشل الحل " السلمي" نتيجة تنصل دولة
الاحتلال من القيام بتعهداتها التي نصت عليها اتفاقية اوسلو . فهذا الاتفاق
القائم على اساس القرارين 242-338 طبق من جانب واحد . و تمتلك
السلطة ورقة اعلان الدولة المستقلة على الاراضي المحتلة عام 1967
و الطلب من دول العالم الاعتراف بها .هناك دول عديدة لها وزن دولي كبير
اعترفت او هي جاهزة للاعتراف بالدولة حال اعلانها .و يجب على الدولة
الفلسطينية حال قيامها تقديم شكوى للمحاكم الدوليه باعتبار ان اراضيها
محتلة. و شكاوى اخرى على الجرائم الصهيونية المتواصلة بحق الشعب
الفلسطيني و اراضيه و ممتلكاته .و القيام بحملة دوليه لمحاكمتة و تعريته في
كل المحافل الدوليه و الطلب لطرده منها باعتباره كيان احتلالي عنصري .
لقد تسببت اتفاقية اوسلو بوقف الانتفاضة الاولى التي كان يمكن لها ان تحقق للشعب الفلسطيني اكثر مما حققه اوسلو . و فتحت الابواب لتطبيع علاقات الكيان مع كثير من دول العالم التي لم يكن لها علاقات معه . و لقد
تسبب الاتفاق بإنقسامات عميقة سياسية و اجتماعية و حتى جغرافية في
الواقع الفلسطيني .و حد من اعمال المقاومة العسكرية و الشعبية خصوصا
منذ اغتيال الراحل ابو عمار وقيادة مجموعة لا تؤمن مطلقا بكافة اشكال
النضال ما عدا المفاوضات و المواجهات الشعبية الموسمية المتفرقة. ماذا يفيدنا اوسلو للتمسك به خصوصا مع التسويف الصهيوني و عمليات التهويد و الاستيطان و مصادرة الاراضي في مناطق 1967، و في ظل
الاستهداف المتواصل للاقصى من قبل المستوطنين و الجنود الصهاينه!
ماذا يفيدنا و قد ابتلع الجدار العازل اجزاء كبيرة من الاراضي التي يمكن
ان تقام عليها الدولة ، و في وقت يتعرض فيه المواطن الفلسطيني لاعمال
القتل و التضييق و الاعتقال ، و يقبع في معتقلات الاحتلال اكثر من 6000
اسير ، منهم اعداد كبيرة من النساء و الاطفال و كبار السن و المرضى !
هل سيبقى شعبنا مكبلا باتفاق مضى عليه ربع قرن و لم يحقق الدولة
و لا الحد الادنى من الاستقلال و لا حتى الامن او الحرية الشخصية للمواطن
الفلسطيني . لقد آن الاوان لهذا القيد ان ينكسر، آن لاوسلو ان يندحر.
ماهر الصديق
