وكالة القدس للأنباء - خاص
آفة المخدرات وانتشارها في المخيمات الفلسطينية، وما تسببت به من مآسي ومشاكل، بخاصة في أوساط الشباب، لم تعد سراً، بدليل ما نشهده من القاء القبض على عدد من التجار والمروجين الصغار والكبار، ومطاردة آخرين.
وقد دفع هذا الوضع الجهات الأمنية وكافة المعنيين في المخيم، بالتنسيق مع الأجهزة اللبنانية، إلى تشديد الرقابة، والعمل على القضاء على هذه الظاهرة الشاذة.
"وكالة القدس للأنباء" جالت على المخيمات، وفتحت هذا الملف، فالتقت عدداً من الأهالي والشباب، للاستماع إلى رؤيتهم حول ما يجري بهذا الشأن وأسباب انتشار المخدرات وسبل الوقاية منها، فنصح الأهالي كل العائلات الفلسطينية إلى مراقبة أبنائهم ومدارسهم، وتقديم الإرشادات اللازمة لهم، حتى يتم تجنيبهم مخاطر آفة المخدرات ومشاكلها.
وقال الأستاذ أبو وليد من مخيم الرشيدية، "أن للأهل دور كبير جداً، وهو الأول بمعالجة ومحاربة المخدرات بأنواعها، وذلك بتكرار الإرشاد والتوجيه لأبنائهم، ونجاح هذه المسألة يعتمد على الأساس التربوي المتوارث للأسرة"، مؤكداً أن "هناك نسبة كبيرة تقوم بنصح أبنائهم بتحديد أصدقائهم، وبناء علاقات معهم، ويحذرونهم من أصدقاء السوء ومخاطره، وأنا بدوري أوجه كلمة لأبناء هذا الشعب في المخيمات ولكل الأهالي، أن يكونوا دائماً على درجة من السهر والمتابعة، لتربية وتوجيه وإرشاد أبنائهم إلى الطريق الصواب".
وقال أحد المدمنين (أ – ص): "لا يوجد أي مبرر للتعاطي، ولكن هناك ظروف يمر بها الشخص تدفعة للتعاطي لكي ينسى، وأحياناً يريد أن يقوم شخص بالتجربة ليتعرف على نتائجها، فيصبح مدمناً، وفي هذا المجال لا أحد يقوم باستدراج أحد، لأن الشخص إذا أراد فعل أي شيء يكون بملء إرادته، ونابع من رغبته".
وأضاف: "أنا لا أحمل المسؤولية في هذا الخصوص لأي أحد، وإنما أنا أتحمل مسؤولية نفسي، لأن هذا الفعل نتج عن إرادتي ولا أريد أن أظلم أحداً في ما وصلت إليه، وأنا أنصح كل الشباب أن لا يقدم على هذا الفعل الشنيع، لأني لا أريد لأحد أن يقوم بالخطأ الذي وقعت به، كما أتوجه إلى كل المتعاطين أن يقلعوا ويتركوا هذه الآفة المدمرة للجسم والعقل".
ورأى الشباب (ر – س) من مخيم الرشيدية، أن "واقع الشباب أصبح سيئاً بسبب انتشار البطالة، والواقع الاقتصادي الضيق، ما أثر سلباً على الكثير من الشباب والمجتمع ككل".
العلاج يبدأ بتحديد الأسباب
وأضاف: "هناك أسباب كثيرة تجعل الشباب يصل إلى التعاطي والإدمان، منها انتشار المقاهي بكثافة، والأراكيل التي قد يضعون بها أي شيء من هذه الأنواع، ما يجعل الذين يترددون على هذه المقاهي يشعرون بالإدمان عليها، كما أن الفشل العاطفي هو أحد الأسباب أيضاً الذي يدفع الشبان للتعاطي".
ورأى أن العلاج لمثل هذه الحالات هو أولاً: معرفة السبب الذي أدى إلى الوصول لهذه الحالة، ومعرفة الواقع، ودراسة المحيط الذي يعيشه هذا الشخص، فمن هذا المنطلق نستطيع علاج هذه الحالة التي أدت الى ذلك.
ويقول الشاب رامي فارس: "قبل الخوض في التفاصيل لمعرفة واقع انتشار المخدرات داخل المخيمات، جدير بنا أن نمر على الأسباب، فعندما نعرف واقع الشباب داخل المخيمات، والظروف القاسية من قوانين وظروف معيشية وإحباط وخيبات أمل متكررة نصل إلى أرقام الإدمان(مشروبات كحول، الحشيش، والحبوب)، فعندما يتخرج الشاب ويكلف العائلة كل ما تملك، ولا يجد وظيفة أو مهنة لمزاولتها، ما يؤدي الى تسكع الشباب في الطرق، وهنا يأتي دور التجار والمروجين الذين يلعبون الدور الأخطر في جذب واستقطاب هؤلاء الشباب".
أما الشاب عبد النصار فأوضح أنه "لا نعلم العدد الذي يتعاطى المخدرات في المخيم، رغم أنني متأكد أن العدد قليل، لأن هذا الشعب لديه قضية ويهتم بها وهي القضية الفلسطينية"، ونصح الشباب بالابتعاد عن هذا الطريق المؤدي إلى الهاوية، مشيراً إلى أن انتشار هذه الظاهرة موجودة في الاستراحات والقهاوي، لافتاً إلى أن ظاهرة المخدرات غريبة عن المجتمع الفلسطيني.
أما رب العائلة بشار نصار فقال: "يجب توعية الأبناء وتعريفهم بأنواع المخدرات وسلبياتها المدمرة على المخيم والجسم، والتنبية عليهم بعدم التعامل مع أي شخص غير معروف، بالإضافة الى القيام بحملات توعية من قبل الفصائل الفسطينية واللجان الشعببة حول هذه الآفة، ومن المفروض على الأهل متابعة أولادهم، وأن يكونوا أصدقاء أبنائهم معرفون لديهم.
لا بد من خطة توعية
وأسف رب العائلة أبو ربيع إلى أنه "ليس هناك الكثير من الأهالي تهتم بشؤون أولادهم، لذلك نلمس الحال المزرية التي وصل لها شبابنا، ويجب على كل رب عائلة تربية أولاده تربية إسلامية، وبناء جسر من الثقة مع أبنائه، ومن ثم يأتي عامل التوعية والإرشاد، يليه المتابعة الجدية لكافة شؤون الأبن، ووضع قانون صارم داخل المنزل بعد التربية الإسلامية وبناء الجسر والتوعية".
أما رب العائلة محمد معاري فرأى أن "التربية الصالحة والتمسك بالتقاليد والمباديء التي تربينا عليها، تكون أساساً لتربية أبنائنا، ومتابعة أمورهم بشكل يومي، وأن يجعل الأب أبنه صديقاً له، هكذا نحمي أولادنا وشبابنا من كل الظواهر السلبية".
وقال مدير مؤسسة الصمود في الشمال عبدالله بركة: "إن موضوع المخدرات هي من ضمن المواضيع التي تشتغل عليها مؤسسة بيت اطفال الصمود من خلال أنشطة يومي الجمعة والأحد، وهي أنشطة ثقافية وصحية واجتماعية لحوالي 150 طفلاً، وضمن مواضيع الإدمان والحبوب والمشروبات والأدوية التي تعطي نفس مفعول المخدر، الذي يباع في مخيم نهر البارد".
ورأى أن "كل المجتمع الفلسطيني يتحمل مسؤولية ما وصلت اليه الأمور، واعتبر أن أسباب تعاطي المخدرات هي غياب الأمل بالمستقبل الواعد للشباب الفلسطيني في مخيم نهر البارد والإحباط والبطء بالإعمار، وهذا ما يدفع الشباب إلى الذهاب للاستراحات والقهاوي، والوقوع في فخ مروجي الحبوب. ومن أسباب عدم إستيعاب الشباب والشابات في برامج تأهيل مهني، غياب المرجعية الاجتماعية في المخيم".
وتابع: "أن معالجة هذه المشكلة والتصدي لها لا تتم عبر برامج عشوائية، بل يجب أن يتم وضع خطة بعيدة المدى وليس خطة قصيرة، يشرف عليها إخصائيين اجتماعيين".

