بيروت – وكالة القدس للأنباء
أحيت حركة "الجهاد الإسلامي في فلسطين" ذكرى انطلاقتها الجهادية 29 على أرض ساحة الكتيبة بغزة، تحت عنوان (الجهاد ميلادنا المتجدد)، بحشد شعبي وسياسي كبيرين.
وألقى أمين عام "حركة الجهاد الإسلامي"، الدكتور رمضان عبد الله شلح، كلمة مباشرة عبر الشاشة، ضمنها ثلاث رسائل: عربية وفلسطينية وحركية.
رسالة إلى الأمة العربية والإسلامية: أمة بلا فلسطين هي أمة بلا قلب
وفي كلمته إلى الأمة العربية، أكد الدكتور شلح أن "أمة بلا فلسطين هي أمة بلا قلب"، موضحاً أن "الأمة العربية، وللأسف الشديد، تفاجئنا بأقوالها وأفعالها وكأن فلسطين لم تعد تعني لها شيئاً"، وبأنه "لم يشتد الحصار على الفلسطينيين كما هو الآن".
وانتقد د. شلح بشدة حالة "العالم العربي المشغول بنفسه وغير المكترث بفلسطين، في وقت تهرول فيه بعض الدول والكيانات للتطبيع مع الكيان الصهيوني"، وندد بما تتحدث به بعض الدول العربية عن قواسم مشتركة مع العدو، وهي العداء لإيران والحرب على الإرهاب، وتتخذ العدو حليفاً لها". وأضاف: "التنكر لفلسطين وعناق إسرائيل يعني التنكر لما تمثله فلسطين في العقيدة والتاريخ والواقع."
وقال: "من يظن أن إسرائيل قادرة على حماية نظامه فإنها غير قادرة على حماية نفسها من سكين مطبخ فلسطيني".
وحذر الأمين العام من أن "التخلي عن فلسطين والشراكة مع إسرائيل لن يوفر الحماية لأحد، بل يعمق الشرخ ويزيد من كراهية الشعوب لأنظمتها."
وأكد على أن "حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين" متمسكة بموقفها "عدم الزج بفلسطين في الطوفان الذي قد لا ينجو منه أحد وقد يصل إلى كل العواصم."
وشدّد على أنه "لا يحق لأحد أن يتهم المقاومة الفلسطينية عندما تمد يدها إلى من يقدم لها الدعم في ظل هذا التخلي العربي"، منوّهاً بأن "إيران تكاد تكون الدولة الوحيدة التي تدعم المقاومة وتعتبر الكيان الصهيوني عدواً، وتطالب بتحرير فلسطين."
وختم الدكتور شلح في هذه النقطة بالقول: "نقول إن الوهم بأن الصلح مع إسرائيل سينهي الصراع وإقامة شرق أوسط جديد هي آمال كاذبة وأحلام خادعة لأن أجيال فلسطين لن تفرط بوطنها وأرضها." وأضاف: "فلسطين ليست الأندلس، والقدس ليست قرطبة، ولن ينتهي الصراع قبل عودة فلسطين إلى أهلها وعودتهم إليها".
رسالة إلى الشعب الفلسطيني: واجب التحرير لا وهم السلطة
وفي الوضع الفلسطيني الداخلي، رأى الدكتور رمضان شلح أنه "لا نبرىء أنفسنا كفلسطينيين مما تعيشه قضيتنا"، منتقداً وجود "خطاب غريب في الساحة الفلسطينية يتهجم على الفصائل، ويثير نقاشاً حول عناوين، مثل جدوى المقاومة والانتفاضة والمصالحة، وما بعد أبو مازن، وحل الدولتين وحل الدولة الواحدة التي هي بضاعة لا يوجد من يشتريها، في حين يتم تغييب القضايا الأساسية على الساحة الفلسطينية، مثل مستقبل القدس ومستقبل فلسطين."
ووصف الأمين العام للجهاد الإسلامي الخطاب الفلسطيني الراهن بالمأزوم والسطحي، موضحاً أن السبب في ذلك هو السقوط في وهم شعار الدولة ووهم السلطة الذي تم رفعه عام 1974.
وقال: "وهم السلطة والدولة استخدم لبلف الشعب الفلسطيني واستدراج منظمة التحرير للاعتراف بإسرائيل وأنشأ سلطة تمثل مظلة للاحتلال والتنسيق الأمني وملاحقة المجاهدين."
وانتقد د. شلح ما تعرض له الشيخ خضر عدنان ومجاهدين آخرين ورأى أنه يؤشر على المناخ الذي صنعته السلطة، وشدد على أن "أي اعتداء يتعرض له الشيخ عدنان أو غيره من الأسرى المحررين هو اعتداء على كرامة الشعب الفلسطيني وعلى الحركة الأسيرة وعلى المقاومة بكل أجنحتها وفصائلها."
وشدد الدكتور رمضان شلح على أن حركات المقاومة في فلسطين، وبالأخص حركتا حماس والجهاد الإسلامي ليستا "حركة إسلام سياسي"، منتقداً استخدام هذا التصنيف الذي أنتجه الغرب لتشويه الإسلام، وقال: "الإسلام في فهمنا لا يخضع للسياسة، بل هو الذي يحمي السياسة من التيه والضياع."
وأوضح قائلاً: "نحن حركة مقاومة بمرجعية إسلامية، قدوتنا في ذلك النبي محمد صلى الله عليه وسلم."
ولفت إلى أن "اتفاق أوسلو"، بعد مرور 23 عاماً، لم يجلب سوى الويل والثبور، وهو سبب كل الإحباط واليأس في الساحة الفلسطينية، وقال: "حان الأوان أن نتحرر من وهم السلطة."
وفي هذا المقام، طرح الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي برنامجاً من عشر نقاط لإخراج الواقع السياسي الفلسطيني من الأزمة التي يعيشها. (انظر: الأمين العام لـ "الجهاد الإسلامي" يطلق برنامج "النقاط العشر" للخروج من المأزق الوطني الفلسطيني).
وطالب الدكتور شلح رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس، "أن يفعل شيئاً ينقذ الساحة الفلسطينية قبل أن تذهب إلى خيارات أخرى تعمق الشرح والانقسام."
رسالة إلى حركة الجهاد: الجهاد ميلادنا المتجدد
وفي رسالته الموجهة إلى أبناء وكوادر "حركة الجهاد الإسلامي"، أكد الأمين العام على أن: "مسيرة حركتنا تثبت أن حسابات العدو كانت خاطئة باغتيال الشهيد الدكتور الشقاقي، ونحن باقون على هذه الأرض، وأما الكيان الصهيوني فهو إلى زوال."
وشدد الدكتور شلح على ضرورة "إعطاء الفرصة للجيل الجديد، جيل انتفاضة القدس"، وقال: "واجبنا ومسؤوليتنا هي أن نأخذ بيد هذا الجيل ونفسح له الطريق كي يتقدم المشهد."
وفي ناحية الجهوزية الميداينة، حض الأمين العام "أبناء الحركة وخصوصاً سرايا القدس، بالبقاء على أعلى حالات الجهوزية وتعزيز القدرات القتالية، لأن العدو يتربص بنا ليل نهار وكل المؤشرات تدفعنا إلى الاعتقاد بأن المواجهة مفتوحة على كل الاحتمالات"، مؤكداً على أن "سرايا القدس وكتائب القسام في أفضل جهوزية وأكثر ثقة بالنفس من أي وقت مضى"، موضحاً أن "سر انتصار المقاومة هو أنها ليست مهزومة نفسياً ومعنوياً".
وفي ختام كلمته، أعاد الأمين العام التأكيد على أنه "لن يكتب لهذه الأمة نصر، ولا عزة، ولا كرامة، ولا حياة، إذا هي فرطت بقلبها: فلسطين والقدس."
كلمة الدكتور محمود الزهار:
وكان الدكتور محمود الزهار، القيادي في حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، قد ألقى كلمة حماس وقوى المقاومة الإسلامية الوطنية في فلسطين، استهلها بتوجيه التهنئة إلى "حركة الجهاد الإسلامي"، قائلاً: "أسأل الله أن يحرر أسراهم ويرحم شهداءهم وأتوجه بالتحية إلى الرجل الذي أقدر فيه وعيه، الدكتور رمضان عبد الله شلح وإخوانه."
وأكد الدكتور الزهار على أن حركة حماس "تتفق مع الجهاد الإسلامي على ثوابت لا تمس."
وقال الزهار: "المقاومة في فلسطين هي امتداد للتاريخ الممتد منذ استلام مفاتيح القدس في أيام الرومان."
وحذر من أنه لا ينبغي أن "يتسرب إلى عقولنا أن فلسطين هي الضفة وغزة فقط.. فلسطين التي نعرفها هي من حدود لبنان إلى حدود مصر، ومن النهر إلى البحر وهي أرض مقدسة."
وتوجّه الزهار بالتحية إلى شباب انتفاضة القدس، الذين "يتصدون للعدو الإسرائيلي بكل الأشكال بالحجر والسكين والرباط؛ وهم يسجلون معجزة من المعجزات."
وأكد الزهار على أن حركة حماس تمد يديها "إلى كل من يحاول تحرير فلسطين، ولكن لن نرضى بأي تنازلات"، بحسب تعبيره.