وكالة القدس للأنباء - خاص
على الرغم من كل الأوضاع الصعبة التي تعاني منها المخيمات الفلسطينية في لبنان، وقرارات وإجراءات "وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين – الأونروا" الجائرة التي طالت الاستشفاء، والخدمات، وفي مقدمها التعليم، ها هم أطفال المخيمات الفلسطينية يحملون حقائبهم المدرسية وينطلقون الى مدارسهم، ليثبت الشعب الفلسطيني أن العلم سلاح لا يمكن الاستغناء عنه، مهما قست الظروف.
كيف يتم استقبال العام الدراسي في المخيمات، وما الصعوبات التي يواجهها الأهل، وهل انتهت مشاكل ضغط الصفوف الذي كان قائماً في العام الماضي؟ للإجابة عن هذه الأسئلة وغيرها، جابت "وكالة القدس للأنباء" في كل المخيمات الفلسطينية، والتقت طلاباً ومدرسين ومواطنين، حيث بدت مشكلة الاكتظاظ من أبرز الشكاوى.
فأكد مدير التعليم في "الأونروا" بمنطقة صيدا الأستاذ محمود زيدان لـ"وكالة القدس للأنباء" أن اليوم هو أول يوم دراسي بمدارس الأونروا في لبنان، حيث طواقمنا التربوية في المدارس حاضرة بشكل كامل من معلمين ومعلمات وإداريين وموظفين، وهذا دورنا لن نقصر به، كما أن أعداد الطلاب التي حضرت أهلها كانت مشجعة، وهناك ثقة بين الأهل وإدارة مدارسنا".
وتمنى زيدان أن يكون العام الجديد عامل أمن واستقرار على أهلنا وأبناء شعبنا بالمخيم، وان ننعم بالهدوء حتى نكمل مشروعنا الدراسي لهذا العام، وأضاف زيدان "أن كل يوم تعليم يزيدنا تقرباً من أرضنا المحتلة، وعلى العكس كل يوم عطلة بدون مبرر يزيدنا بعداً".
منغصات فرحة الموسم الدراسي
ورأى مدير مدرسة السموع بمخيم عين الحلوة الأستاذ ياسر خالد، فقال: "إن الوضع الدراسي في اليوم الأول كان عادياً، حيث حضر كل طاقم العمل في المدرسة، وإننا نتفاءل بالعدد الطبيعي والجيد للطلاب"، مؤكداً أن مدرسته ستسلم اليوم الطلاب القرطاسية والكتب لطلابها حتى تتم الدراسة السبت بشكل طبيعي".
بدوره، قال الأستاذ في الأونروا أحمد خليل، نتمنى أن نقوم بواجبنا اتجاه طلابنا هذا العام بشكل كامل، ولكن ما ينغص فرحتنا الإكتظاظ ببعض الصفوف، ومنها صف البريفيه، حيث عدد الطلاب فيه ٤٥، وباقي الصفوف ٤٠، وهذا سيشكل ضغطاً كبيراً علينا، وعلى الهيئة التعليمية في المدرسة".
وقالت والدة الطالب ابراهيم العباسي: "ذهب اليوم ابني مبسوط، ومرتاح، ومتشجع للعام الجديد، لأنه يحب المدرسة ومعلميه، وهو الأول على صفه، وانا بدوري سأكون الى جانبه حتى يكمل دراسته إن شاء الله تعالى".
وقال الطالب محمود الزعبي: "إنني نزحت من مخيم اليرموك منذ عدة أعوام وها أنا اليوم سأدرس في مخيم عين الحلوة بين أهلي وأبناء شعبي، وإنني سعيد جداً وسألتقي اليوم مع أخوتي الطلاب الذين كانت لي معهم ذكريات حلوة العام الماضي، وأتمنى من الله تعالى أن يكون هذا العام عام خير واستقرار بمخيم عين الحلوة".
وأكد التلميذ نور الدين، وهو في الرابع متوسط، أن سعادته لا توصف بسبب لقائه بأغلب أصدقائه الذين غابوا عنه طيلة عطلة الصيف، قائلاً: "من دواعي سروري أن نعود لمقاعد الدراسة واللعب معاً".
وأشار الطالب عمران سمير محمد من مخيم نهر البارد إلى أنه يستقبل هذا العام والأونروا مستمرة في تقليصاتها ووضع شعبنا في المخيمات يزداد سوءً وخاصة في مخيم نهر البارد، ولكن سنفعل كل شيء كي نحقق النجاح والتفوق لنا ولشعبنا رغم كل الصعاب".
اما الطالب أحمد محمود البقاعي فتمنى أن يكون هذا العام الدراسي عام تعاون بين الجميع لنحقق النجاح ونأمل أن يكون عدد طلاب في الصفوف معقول".
التحديات تواجه التفاؤل
ويرى المواطن أحمد خميس أن العام الدراسي يأتي في وضع اقتصادي صعب، بالإضافة إلى تقليصات الأونروا المستمرة، متمنياً أن يكون العام الدارسي جيد وأن يكون عدد الطلاب في الصفوف مقبول".
أما في مخيم شاتيلا، فقال رئيس برنامج التربية والتعليم في "وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين – الأونروا" في لبنان، أحمد موح ، في تصريح لـ"وكالة القدس للانباء" بأنه "بالرغم من أننا نبدأ عاماً دراسياً جديداً مليئاً بالتحديات، إلا أنه مليء ولكنه مليئ بالأمل والتفاؤل والإصرار على النجاح وبثقافة صناعة الحياة الكريمة لجيل الواعد".
وأضاف:" الرسالة القوية التي نود أن نرسلها هذا العام، هو التزام الأونروا في المحافظة على المدارس وعلى استمراريتها، وأننا لن نقصر ولن نؤل جهداً في المحافظة على استمرارية هذه الخدمة الأساسية للمجتمع الفلسطيني لأنها خدمة تساعده على تأمين عيشة كريمة ونافذة للأمل في المستقبل".
واعتبر مدير المنطقة الوسطى في "الأونروا" في لبنان، محمد خالد، أن "واحد ايلول هو يوم جميل، يوم عودة الطلاب إلى مقاعدهم الدراسية، مشيراً إلى أن له الشرف والسعادة بأننا بالرغم من الصعوبات التي تواجه طلابنا إلا أنهم استطاعوا بأن يحققوا نتائج مشرفة في الإمتحانات الرسمية على صعيد لبنان"، مؤكداً بأن "الأونروا لن تتوقف عن دعم طلابنا بكل الإمكانات المتاحة لدينا لتحقيق طموحات شبابنا الفلسطيني حتى العودة إلى الوطن".
وأكد ممثل عن اليونيسف، نزيه يعقود، بأن "اليونيسف أرادت بأن تكون موجودة في مدارس "الأونروا" للتأكيد على حق أساسي من حقوق الأطفال في التعليم، ولطمأنة الأطفال والشباب بأن "اليونيسف كانت موجودة معكم وستبقى معكم حتى تحقيق النجاح".
وتمنت مديرة مدرسة حيفا المتوسطة، سعاد سريج، أن " تكون السنة خير والمزيد من النجاح والتفوق للطلاب الفلسطينيين في الأقطار الخمسة "، موضحة بأنه "سوف نواجه بعض الصعوبة مع الطلاب الجدد حتى يتكيفوا مع جو المدرسة، واليوم كان لصفي الثامن والتاسع كونهم معتادون على نظام المدرسة، وسيتم توزيع الكتب عليهم، وستبدأ الدراسة يوم السبت وبشكل طبيعي لصف السابع (8 صفوف سابع جدد) وسيتم توزيع الكتب عليهم".
وأضافت: "يوم الإثنين سوف أستقبل ثلاثة صفوف سادس قادمين من مدرسة رام الله في مخيم شاتيلا، لأن المدرسة قررت دمج طلاب الفلسطينيين السوريين الـ (PRS) لدوام ما بعد الظهر مع الدوام الصباحي ليصبح دواماً واحداً ولحسن الحظ بأنه يوجد ثلاثة صفوف فارغة في المدرسة".
العمل للحفاظ على التوازن العددي
وفي مخيم البداوي، يقول الأستاذ في الاونروا محمد "عادة يكون اليوم الأول للمدرسة مرهق ومتعب كوننا نستقبل طلاباً منهم من درسناهم سابقاً ومنهم جدد ونعمل على جمعهم وتوزيعهم على الصفوف، وتواجهنا عدة إشكاليات خاصة تلك المتعلقة بالطلاب، فنعمل قدر المستطاع أن نحقق ذلك مع الحفاظ على التوازن العددي للصفوف والتخفيف من الاكتظاظ قدر المستطاع، ونبدأ بالتعاون مع الإدارة بتحضير الكشوفات لنعمل بعدها على تأمين الكتب اللازمة لهم، وكل ذلك ونحن على أمل أن يكون العام متميزاً عن سابقه من الأعوام".
وقالت السيدة أم خالد: "اليوم الأول للتعليم من أصعب الأيام لدي، كونه يبدأ التحضير له منذ يومين لجهة تنظيم نوم أولادي الذين تعودوا على السهر خلال العطلة الصيفية، وكذلك تنظيم برنامجي اليومي كتحضير الطعام واللباس الجاهز للأولاد وخلاله، وكل عام أدعو الله ان يوفق أبنائي وكافة الأبناء في تحصيلهم العلمي، وكأم أتوجه إلى إدارة التعليم وإلى الجهات المعنية داخل المخيم أن تعمل على تخفيف أعداد الطلاب داخل الصفوف لفتح المجال أمام أبناءنا للاستيعاب بشكل جيد.
وقال الطالب علي ديب: اليوم هو أول يوم دراسة وأنا انتقلت حديثاً إلى مدرستي ولا أعرف أحداً من الطلاب ,اشعر كأني غريب في المدرسة ولا أعرف هل سأتأقلم مع هذا أم لا، لكن رغم كل ذلك سأضع نصب عيني التحصيل الجيد للعلامات كي أنجح كوني أصبحت في المرحلة المتوسطة وتحتاج تركيزاً أكثر، واعداً أهلي وإدارة المدرسة ان أكون مثالاً للطالب المتميز.
ورأى مدرس في ثانوية الأقصى في مخيم الرشيدية فضل عدم ذكر اسمه أن المدرسة في هذا العام تواجه تحدياً كبيراً من تأخر الأساتذة في حضورهم إلى المدرسة، وخاصة الذين يريدون الذهاب إلى مناسك الحج، إذ أنه لا يوجد بديلاً لحين عودتهم، ما سيشكل فراغاً كبيراً في صفوفهم الذين يقومون في تدريسها.
وأضاف "أن الأعداد لدى الطلاب مقبول لهذا العام، موضحاً أنه لا يوجد اكتظاظ في الصفوف وأشار إننا نواجه تحدياً آخر لهذا العام في الثانوية، وهو نوعية الطلاب في الصف الثالث ثانوي وهم دفعة المترفعين بالإفادات من وزير التربية لعام 2013 - 2014 والذين بلغ عددهم ما يقارب 20 طالباً".
وأوضح أن هناك بعض الصيانات للمدرسة تم تنفيذها على نفقة الثانوية بسبب انعدام موازنة الأونروا للثانوية وعن التحديات أيضاً قال: "إن هناك اساتذة تم نقلهم من الثانوية الى مدرسة النقب وهذا شكل لدينا عجز وتحدي في نقص المعلمين".
وأكد الاستاذ قاسم حمود أن هناك شعوراً بالارتياح من قبل الإدارة والمعلمين، وهناك عزم ومثابرة على ضرورة اثبات القدرات لدى الطلاب لمواصلة تحصيلهم العلمي والتميز في النجاحات التي يحققها الطلاب في كل عام مضيفا أن الطلاب أقبلوا صباح اليوم الأول الى المدرسة بنفسية مطمئنة وهمة عالية، ونشاط وعزم على مواصلة هذا المسيرة العلمية ومواجهة الصعاب والتحديات.
وتابع: "نحن بدورنا كمعلمين نعتبر هؤلاء الطلاب هم ذخراً لهذا المجتمع وعائلاتهم التي تعاني من جراء الوضع الاقتصادي الضيق في تأمين احتياجاتهم التربوية، كما نعتبرهم بعلم وعزمهم وإصرارهم على مواصلة مسيرتهم العلمية نصراً كبيراً للقضية الفلسطينية، ولفت الاستاذ قاسم أن الناحية النفسية للأساتذة تواجه تحدياً جديداً في هذا العام، في ظل الإدارة الجديدة للمدرسة، مؤكداً في الوقت ذاته أن هذا لن يكون سبباً في تراجع الهدف السامي تجاه طلابنا وأبناء شعبنا".
وأمل الاستاذ الشيخ والدكتور محمود ابراهيم أن يبدأ طلابنا العام الدراسي وليس همهم الوحيد النجاح وحمل الشهادة فقط بلا نريد منهم الإبداع أيضا لكي يخدموا القضية المركزية فلسطين، مضيفاً أن هذه المسيرة العلمية تحتاج إلى تعاون جميع المؤسسات من أجل نجاحها.
وأعرب الطالب هادي الترك، عن سروره لقدوم العام الدراسي وفتح المدارس أبوابها كي يستعيد الطلاب نشاطهم التربوي وتمكنهم من متابعة السيرة العلمية، وقال إن هذا اليوم يعيد الأمل فينا والنشاط والهمة وهو يوم مميز إذ نلتقي به مع الأصدقاء والأحبة الذين فارقناهم فترة من الزمن".




















