إعلان منتصف المقال
دنيا الوطن ريم سويسيفي غزة ينصهر التاريخ و العرق و الثقافة مؤلفاً سمات شخصية مختلفة متباينة فيما بين سكان القطاع من شماله حتى جنوبه الأمر الذي يبدو جلياً في لسانهم و لهجتهم فلكل منطقة "لكنة" خاصة بها و لكل بلد طريقة لفظ معينة و مصطلحات تميزهم عن غيرهم, فإلى أي مدى كان التاريخ و الأصل سبباً في هذا التنوع؟
حول هذا الموضوع, يقول الأستاذ سليم المبيض أستاذ التاريخ الفلسطيني في كتابه "ملامح الشخصية الفلسطينية في أمثالها الشعبية, " يمكن ادراج اللهجات الفلسطينية في اللهجات التالية:
- الكشكشة أو نكاد القول "التشتشة", فهذه اللهجة علامة تكاد تكون فارقة لتمييز الفلاح الفلسطيني الذي يقطن القرى المحيطة بالمدن و على هوامش الصحراء الجنوبية شمال غزة و بئر السبع. فسكان قرى شمال القطاع يلفظون حرف "الكاف" بحرفي "تش" فيقولون: تشيف حالك؟ بدلا من "كيف حالك"؟ و تنتشر هذه اللهجة بين أبناء قرى بربرة و الجورة و جباليا و المجدل _ نعليا_ اخصاص و اسدود.
تعود الكشكشة في أصلها الى كشكشة أسد و ربيعة و بني سعد حيث يبدلون "الكاف" في اخر الجملة بحرف "شين".
- لهجة استنطاء سعد حيث يستبدل نطق العديد من أبناء القرى الفلسطينية حرف العين الساكنة ب "نون" فيقولون "انط" بدل "أعط" و تنتشر هذه اللهجة بين سكان البادية الفلسطينية حول مدينة بئر السبع. و يقال أنها تعود في أصولها للغة سعد بن بكر و هذيل و الأزد و قيس و الأنصار حيث يجعلون العين الساكنة نوناً اذا جاورت الطاء.
- الوهم: و تقوم هذه اللهجة على كسر حرف "الهاء" في الكلمة خاصة كسر هاء الغائب التي تليها "ميم" الجمع فيقولون: عليهم_ عنهم و تسود هذه اللهجة بين عشائر السراحين و الهديبات و الترابين.
- القطعة: و تنتشر بين معظم سكان فلسطين الجنوبية و خاصة أبناء القبائل البدوية حيث يستقطعون بعض الأحرف من الكلمة كقولهم "ألبل" بدلا من "الابل" كما يلفظها العزازمة و كذلك قولهم "بالحكا" بدلا من "يا بلحكم" و قولهم "يخلف عنه" بدلاً من "يخلف عليك" كما يلفظها الترابين.
و يطلقون عليها لثغة بني طىء و هي القبائل التي ما تزال تسكن منطقة بئر السبع و تعود بأصولها لهذه القبيلة العربية, كما تسود هذه اللهجة بين أهالي القرى الحدودية بين المدينة و البادية (هوج, سمسم, برير.. ) شمال و شرق غزة.
- الوكم: و هي كسر "الكاف" المسبوقة "بياء" أو كسرة مثل قولهم " السلام عليكم" بدل "السلام عليكم" و قولهم "منكم" بدل "منكم" و يقال أنها لغة أهل الروم و قبل لغة ناس من بكر بن وائل. و هذه اللهجة منتشرة بين أهالي قرى بني سهيلا و عبسان و خزاعة شرق مدينة خان يونس.
و بالاضافة لهذه اللهجات الواضخة هناك من الأهالي من يبدلون "أل التعريف" ب "أم" فيقولون "امبارح" بدل البارحة و أحياناً يلفظونها "امبيرح" كسكان مدينة غزة و ترتد في أصلها لبني تميم.
و هناك من يستبدلون أحرف "ث" و حرفي الذال و الظاء المعجمة فيلفظونها "تاء و دالاً و زاياً و حرف الظاء بحرف ضاد فيقولون "اتنين" بدل "اثنين" و "دهب" بدل "ذهب", كما هو الحال عند أهالي مدينة غزة, في حين يلفظها العديد من أبناء القرى كما هي باللغة الفصحى. و هناك من يبدلون حرف الصاد بحرف "سين" فيقولون "سغيرة" بدل "صغيرة" كما عند أهالي جباليا أما سكان غزة فيبدلون حرف الصاد بحرف "ز" فيقولون "زغيرة" بدل "صغيرة".
و من السكان من يتميزون بالاطالة في كلامهم أو المد في الحديث و التروي مما يدعو لتفهيم السامع كأهالي جباليا و سكان دير البلح الذين يجمعون الكلمات على غير المعتاد (فجمع كباية كبابي و ابريق جمعها برقان, كما يسمون الأشياء باسم صناعتها فيطلقون على الابريق الفخاري اسم الغزاوي.
و من سكان القطاع من يلفظ حرف القاف مثل الجيم المصرية خاصة عند أبناء مدينة غزة و يلفظونها مفخمة كأهل الصعيد المصري و مثلهم سكان قرى بني سهيلا و عبسان و خزاعة.
و هناك من يدخل حرف "باء" زائدة على أول الفعل المضارع كقولهم "بتكتب, بتضرب" بدل من "تكتب و تضرب", و يقال أنها تسربت إلينا من اللغة السريانية و هي شائعة بين أهالي غزة و قراها الجنوبية.
كما يستبدل سكان قرى شرق خانيونس حرف "الضاد" بحرف "ز" فيقولون "بيز" بدل "بيض" و "عزني" بدل عضني. و هناك من سكان القطاع من يستبدل حرف "القاف" بحرف "الغين" فيقولون مثلا "مش غادر" بدلاً من "مش قادر", كما يستبدل البعض حرف القاف بحرف الكاف فيقول كال بدلاً من قال و خير ما ينطبق هذا على سكان المجدل و بعض قراها المجاورة مثل قرى الجورة-حمامة- برير فيقولون "أكلتلكيش أني" بدلا من قولهم "ألم أقل لك أنا؟"
و من السكان من يستبدل حرف القاف بالهمزة خاصة ابناء المدن فيقولون "أل" بدل "قال" و "أتلني" بدل قتلني و يقال ان مرد ذلك أصلا للغة البونية الحديثة التي كانت سائدة في شمال أفريقيا و هي متفرعة بدورها من اللغة العربية الفينيقية الأم.
و من سكان قرانا الفلسطينية من يستبدل حرف "الشين" عند أول الكلمة بحرف "هاء" فيلفظون كلمة "شوف" "هوف" أي انظر و يتميز بذلك أهالي قرية جباليا.
كما تتميز لهجة بعض القرى بالشدة على الكلمة عند نهايتها مع اضافة حرف الياء اليها مثل قرى دمرة و بيت حانون و دير سنيد كقولهم "بقول ليكي" أي أقول لك.
و هناك من يضيفون حرف "النون" على معظم الكلمات التي ينطقون بها خاصة عند الجمع فيقولون "قالن" بدل من قالوا و كقولهم "خربنو" بدل من "خربوه" و هذه شائعة بين سكان حي التركمان بالشجاعية في مدينة غزة.
يذكر أن اللهجة الفلسطينية هي احدى اللهجات العربية العامية التي تنتمي الى طائفة اللهجات الشامية الجنوبية و يتحدث بها أهل فلسطين بشكل عام. لا توجد لهجة فلسطينية واحدة بل توجد عدة لهجات تختلف من مدينة إلى أخرى ومن منطقة جغرافية إلى أخرى.
أما اللهجة الغزاوية خاصة هي تلك اللهجة المنتشرة في قطاع غزة وقليلا ً من الشمال الغربي من بئر السبع، وهي لهجة شامية متأثرة باللهجة الشامية المصرية، لا تمتاز بطول المد في الكلام كمناطق الضفة الغربية في الخليل ونابلس وهي تعتبر من أفضل اللهجات العربية من المحافظة علي مخارج الحروف اكثر من اهل الضفة ولا يوجد بها الا قليل القليل من الكلمات الدخيلة التي ليست من العربية.