في مثل هذه الايام قبل 40 عاما سقط مخيم تل الزعتر و تعرض المدنيين
من ابنائه لمجزرة مهولة لن تمحى من الذاكرة على مر التاريخ . المخيم البسيط
المقام على مساحة ضيقة و المكتظ بالسكان كان على موعد مع مجموعات طائفية
حاقدة و مرتبطة بالعدو الصهيوني ، كانت تريد الانتقام من السكان الفقراء الذين
يحبون الارض التي يعيشون عليها و يحبون الشعب الشقيق الذي سكنوا معه .
لم يقبل اؤلئك الفقراء الا ان يكونوا مع لبنان العربي ، لبنان الذي يشكل قطعة
عزيزة في جسد الامة ، فوقفوا مع القوى الوطنية و التقدمية المدافعة عن عروبة لبنان
و عن دوره الطبيعي في مواجهة المشروع الصهيوني -الغربي التفتيتي . اما الانعزاليون
فكان لهم رأي آخر يدعو لسلخ لبنان عن محيطة العربي و جعله كيانا معاديا لامته .
كيف سقط مخيم الزعتر ؟ لقد كان مخيم تل الزعتر محاصر حصار طبيعي
كونه يقع في الى الشرق من بيروت حيث تسيطر القوات الانعزاليه على
تلك البقعة الجغرافية .و كانت الاسلحة الثقيلة و المساعدات العسكرية الكبيرة "الاسرائيلية" و الغربيه تتدفق للقوات الانعزالية عبر الموانئ التي تقع تحت سيطرتها . بالاضافة لوقوف الدولة اللبنانية برئاسة سليمان فرنجية و قيادة الجيش و القوى الامنية
التي كانت ضمن التقسيم الطائفي منذ نهاية الاستعمار الفرنسي للبنان علم 1943 .
و كانت الانظمة العربيه بشكل غير مباشر تقدم الاموال و المساعدات العسكرية
للقوى الانعزالية ، فيما توغلت قوات سورية كبيرة في جبل لبنان و تمددت
حتى وصلت الى تخوم مخيم تل الزعتر فشاركت في الحصار و دكت المخيم
بالراجمات و المدفعية الثقيلة . و هذا حال دون وصول المساعدات الغذائية او العسكرية للمخيم . تذكر المصادر المتابعة لمجريات الاحداث بان المخيم
الذي يفتقر لادنى المقومات الدفاعية او للملاجئ و التحصينات بان اكثر من 55000
قذيفة سقطت على المخيم في غضون 52 يوما مما افقد اي امكانية للصمود او حتى
للحياة ، هذا مع حصار كامل و انقطاع الماء و المواد الغذائية و الطبية .
سقط مخيم تل الزعتر و لا زالت تلك الدماء الزكية غالية علينا و ستبقى و لن تنسى.
3000 شهيد سقطوا في ايام قليلة و بقيت ذكراهم عالقة في اذهاننا . بشاعات ارتكبتها
القوى الطائفية الاجرامية المدعومة من المجرمين من الانظمة العربية ، و يريدوننا
ان ننسى تلك المآسي الفظيعة و تلك الضحايا التي سقطت دفاعا عن المخيم
او على الحواجز الارهابية التي كانت تقتل على الهوية . كثيرة هي الوجوه
التي اشتركت في المجزرة و التي دعمت و تسببت في اسقاط المخيم لا زالت
موجودة و تتلطى خلف شعارات وطنية و قوميه و كثير منا موهوم فيها بالرغم من شواهد التاريخ . تل الزعتر مخيم حي في قلوبنا ، ننسى يميننا إن نسيناه .