ربما اصبح من الضرورة الاتفاق على ميثاق شرف بيننا يحرم اللجوء
الى السلاح او الى اية اداة تجرح فلسطينيا مهما كان نوع الاختلاف ما
عدى الخيانة للوطن . امر مؤلم و محزن و غير حضاري ان تصل الامور
بيننا في فلسطين او الشتات الى السلاح و نزهق دماءنا على اختلافات في
مسائل تافهة او على خلفية سياسية ، بينما يمكننا في جلسة مصارحة على
فنجان قهوة و بنوع من التسامح و التراضي و التحابب ان نحل كل تلك
الخلافات و ننزع من صدورنا الحقد و الضغينة ،و نوفر كل هذا الحقد لاعدائنا
الذين يحتلون بلادنا و يقتلون ابناءنا و يدنسون مقدساتنا و يعتقلون شبابنا
و يعملون فينا ذلا و مهانة و تهجيرا. مشهد لا يليق بشعبنا ان نقتتل داخل المدينة
او القرية او المخيم بينما العدو على مسافة امتار منا يعمل بنا تنكيلا و قتلا !
ما جرى خلال الايام الماضية في غير مكان داخل الوطن المحتل و خارجه
يؤذي قضيتنا الوطنية التي تمثل اهم قضية عادلة بقيت بلا حل الى الان ،
و توصم شعبنا بالجهل بالرغم من ثقافته العالية و تضحياته الجسام و مقاومته
التي لم تنطفئ جذوتها منذ ما يقرب من مئة عام . احداث ذكرتنا بما قرأناه
في كتب التاريخ عن صراعات العرب في الجاهلية لاسباب واهية لا قيمة
لها ، حرب داحس و الغبراء بين قبيلتي ذبيان و عبس دامت اربعين عاما
بسبب سباق خيل ! و حرب البسوس بين ابناء العمومة من بني بكر ابن وائل
و بني تغلب ابن وائل دامت ايضا اربعين عاما بسبب ناقة قتلها كليب التغلبي !
أين لغة العقل و الحوار ، اين التسامح التي امتاز بها شعبنا ، كيف يجرؤ الواحد
منا ان يرفع سلاحه او سكينه او آلته الحادة في وجه اخيه و قريبه و ابن جاره
و ابن وطنه و دينة ، اين الترفع عن الصغائر التي تعلمناها من الآباء و الاجداد؟
اننا فعلا بحاجة لميثاق شرف بيننا يحرم استخدام السلاح في الخلافات الداخلية ،
ميثاق يرفع من مستوى التسامح و المحبة ، و يقبل بسيادة العدل و القانون
و تدخل العقلاء ، و ينبذ العصبية التنظيمية و الفكرية و القبلية . هاهم اعداؤنا،
بالرغم من الاختلافات العميقة السياسية و المجتمعيه و الفكريه و حتى العنصرية
فانهم لا يلجؤون للسلاح في حل خلافاتهم ! نحن احق منهم بالحرص على دمائنا
و بافشاء السلام و التسامح في مجتمعنا و بقبول الرأي الآخر و باحترام الفكر
المخالف لفكرنا . آن لنا ان نعرف قيمة نقطة الدم التي لا تهرق بحقها في مقاومة
الاحتلال و الدفاع عن قضايا الامة و عزتها و مجدها .
ماهر الصديق

