نادراً ما يخلو حديث عائلي، أو حديث في الجلسات النسائية، من حديث البعض عن مشكلة تبدو بأنها تستولي على الاهتمام الأول لكل أسرة، وهي رعاية البنات وهمومهن والاهتمام بهن، ومشاكلهن في الحياة وفي المجتمع، بل وفي كل مراحل حياتهن، ونادراً ما يمرُّ الحديث عن اهمية دور المرأة او الفتاة في المجتمع .
ربما كان الفرق بين الذكر والأنثى في الأسرة، أن الذكر يستطيع التأقلم مع أي محيط وإن كان بعيداً عن الأسرة أو قريباً منها في المكان والزمان، يستطيع القيام بالأعمال القاسية والصعبة والعضلية، لتأمين لقمة عيشه، ويستطيع السكن والإقامة كيفما اتفق دون شروط مسبقة، أما الأنثى وبسبب تكوينها الطبيعي الفيزيولوجي، فيصعب عليها أن تكون مثل الذكر، في أمور العمل وحرية التنقل والحركة والسكن، إلاّ بشروط دقيقة وواضحة ومدروسة اجتماعياً وعائلياً واقتصادياً، لذلك يكون من الصعب التعامل مع الأنثى كالتعامل مع الذكر في كلّ المجالات.
طبعاً قد لا يكون هو نقص للوعي لدى الفتاة، أو ضعف في شخصيتها وإمكانياتها العقلية والنفسية والبدنية، إنما هي نتيجة الأمراض الاجتماعية المزمنة، قد جعلت من الفتاة كائناً يبدو ضعيفاً، بينما في الحقيقة لو تعطيها العائلة والمجتمع ما يُعطى من ميّزات لأخيها الذكر، فلا شكّ في أنها ستقوم بمهامها على أكمل وجه، وستظهر لديها المهارات العملية والعلمية والثقافية، وهذه المشكلة يفرضها المجتمع على الفتاة، وليس لها خيار في فرض نفسها، كما يفرض نفسه الذكر في العائلة.
من هنا نسلط الضوء في صحيفة الوفاء الفلسطينية على هذه القضية ، لاننا نرى ضرورة ان تؤمن العائلة او الاسرة او الاحزاب والقوى السياسية بأن وقوف الفتاة الى جانب الشاب هي الركيزة الأساسية لنقل الحضارات وتفاعلها فهم طاقة الأمم وقادة المجتمعات نحو تحقيق التنمية والعدالة، وهذا يعود إلى مدى تماسك المجتمع أو هشاشته، وبذلك يتم الحفاظ على الأمن والأمان، لأن ما يحدث الآن من رياح التعصب والتطرف الديني الذي أدى إلى العنف والجريمة والانتقام بكل أشكالها نتيجة التراكمات التربوية الخاطئة والانحراف والغياب عن معايير العقلانية والعدالة والمعرفة العلمية، وتحريك العاطفة الدينية التي اجتثت الأمن والسلام وبثت الرعب والخوف في النفوس.
لذلك لابد من إدماج المرأة او الشابة في عملية التطور، وذلك بمشروع فكري من اجل التحرر من الكبت وردم الفراغ الثقافي والفكري والسياسي والاجتماعي في أوساط الفتيات والشباب، لتشجيع الحوار ، والانشغال بقضايا المجتمع لاكتساب القوة، وأيضاً لابد من مبادرات مجتمعية وتوعوية للتعريف بمدى خطورة العنف والتطرف وإبعادهم عن الظروف التي قادتهم إلى إنتاج هذا العنف، وردم الفجوة الذي تنظر اليها العائلة والاسرة واتباع سياسة جديدة في التعاطي بين الذكر والأنثى في الأسرة من اجل بناء مجتمع قوي منتج يسوده الحق والعدل والأمن والأمان.
من هنا اقول يجب على الفتاة والمرأة محاولة التحرر من قيود الذكورية التقليدية ، حتى نواصل مسيرة التحدي من اجل القضية الفلسطينية ، ونضع انوثتنا من اجل قضية كفاح نقدم فيها مع اولئك الرجال المخلصين لنفس القضية التضحية في سبيل تحرير الارض والانسان ، فالاستحقاق الذي نطالب فيه نحن بنات الفصائل الحصة الشرعية في المساواة حتى نتمتع بالحقوق الكاملة في العمل النضالي والسياسي والنقابي والاعلامي والفني.
امام هذه الاوضاع اقول نحن في أزمة تشهدها الأحزاب والقوى والفصائل الفلسطينية من خلال تراجع لدور المرأة فهي عاملة ومنتجة وشهيدة وأسيرة،كما هي سياسية واعلامية وشاعرة وفنانة ، ولهذا اقول ان الثورة الفلسطينية امنت بدور المرأة واعطتها حقها في الكفاح والنضال ، كما كل الانتفاضات التي خاضها الشعب الفلسطيني وخاصة الانتفاضة الاخيرة ، وهذا بكل تأكيد يؤكد القول بأن بجانب كل رجل امرأة عظيمة ، ولكن للاسف تكمن المشكلة في عقلية المجتمع الذكوري، وخصوصاً أن رجال الأحزاب والقوى والفصائل هم جزء من المجتمع الذي يسعى الى اقصاء النساء من عالم الاشياء الجدية ومن الشؤون العامة وربطهم باعادة الانتاج البيولوجي والاجتماعي، بدلا من منح المرأة والفتاة جميع الحقوق والامتيازات التي تكفل مساواتها الحقة مع الرجل في شتى مجالات العمل والحياة ، وتشجيع النساء على الانخراط في العمل العام السياسي والاجتماعي والحزبي ، لهذا ارى انه يجب على الفتيات أن يبحثن عن الحزب او التنظيم الذي يلبي طموحاتهن، ويساهمن في التغيير.
ختاما : نعيش نفس التيه ،ونمارس نفس الجهل ، ولا نزال نقع في نفس الاخطاء والتي لم يعد لها تعريف الا بالخطايا ولا نزال نكررها وبلا حياء ، لذلك نتطلع الى ضرورة القضاء على البؤر المحرضة في المجتمع على الممارسات القمعية ضد المرأة.
اعلامية فلسطينية