recent
أخبار ساخنة

الحب ليس سجود ولا عباده بقلم/ سارة رميض

الصفحة الرئيسية


سواء اتفقنا على هذه الرؤية أم اختلفنا فإنني أقول، كي تكون الروابط الأدبية واللغوية والتاريخية والجغرافية.. عروة وثقى، وتشكّل انتماء قومياً وطنياً مجدياً وفعالاً.. ينبغي ألّا تُبنى هذه الروابط على شعارات بلا ضوابط تُطلق على غير هدى، ولا على رومانسية حالمة وعواطف ومشاعر وأحاسيس سامية فحسب، بل لا بدّ، في الوقت نفسه، من أن تستند هذه الروابط (الانتماء) إلى رؤى فكرية، سياسية، اقتصادية، اجتماعية، إنسانية، تاريخية ومستقبلية شمولية موحدة ، ولا بدّ كذلك، من أنْ تستند إلى وعي قومي وطني سليم معافى ينهضُ على ثقافة قومية وطنية عميقة موصولة بوعي علمي معرفي متقدم ومتطور، وإذا لم يحصل ذلك فإنّ هذا الانتماء يصير ريشة في مهب الريح، أو على الأقل يصير ضعيفاً هشاً قابلاً للكسر في أيّ حين، لهذا اقول الحب ليس سجود ولا عباده. 

وليس دموع فوق وسادة ، الحب قوة واخلاص وصدق وارادة، الحب مدرسة و اسطورة،لماذا نلوم دوما السياسيين وكأنهم يعيشون في فضاء منعدم دون شعوب ومفكرين واعلاميين ونشطاء وشباب؟ أليس كل هؤلاء الذين يمثلون أطياف الشعوب يقعون في الحب السياسي بشكل جعل الكثير منهم يقفز من شدة الفرح عندما يمر ناحيته حاكم ديكتاتوري، أو مثقف متعصب أو عالم دين متطرف أو اعلامي متلاعب أو سياسي غشاش سارق،أليس هؤلاء هم من يصوتون ويدفعون ويرقصون اما لأنهم يقبضون أو فقط لأنهم يحبون.

في الحقيقة إن الحب مقبول لكل شخص وفي أي شيء، بالحب يكون لدى الشخص رغبة طيبة لتقديم تضحيات، فالمصلحة الذاتية والأنانية والمنفعة ليس لها مكان في الحب، وفي وجود الحب لا يمكن أن يكون هناك كارهون منافقون يختبئون وراء الابتسامات، فالحب قوة هائلة في حد ذاته، بالحب يكون بالإمكان الاستقرار والسياسة والاقتصاد، فالحب هو أساس الأديان ، الحب كان وما زال قوة، وإنه سيسود حتى لو كان أنصاره أقلية. إنَّ المعطيات تقول لنا صراحة، إذا ما أردنا، حقا، أن نبني ، بناءً حقيقياً فعّالاً، وأنْ نعمل على ترسيخها والتمكين لها في مختلف الحقول (...) فلا بدّ من أنْ نلفظ من قاموسها مفردات، العرقية، القطرية، العصبية، القبلية، الفئوية، الطائفية، المذهبية، الإيديولوجية الانعزالية، والانغلاق، والتعصّب الأعمى الذي يذهب بالبصر والبصيرة والقلب معاً وفي آن واحد، وفي النتيجة لا بدّ من أنْ تكون هناك حالة حضارية ذات أفق تقدمي، ديمقراطي، علماني، منفتح، متعدد الألوان، سَمْح وإنساني لا يقبل، من حيث المبدأ، الإلغاء والإقصاء والتهميش والإرهاب بكل مظاهره وجنباته، ويرفض العنف بأشكاله المختلفة وتجلياته المتعددة، لأنّ الحضارة لن تكتسب الصفة الإنسانية بصورة نهائية إلا إذا ألغتْ بصورة نهائية مبدأ العنف في علاقات الإنسان بالإنسان وبالعالم، من خلال الحب الذي يتفوق على الكراهية، لأن للحب رائحة .. وليس بوسعها أن لا تفوح.. في جسد الإنسانية وفي جسد العالم ، عليهم أن يجتازوا الطريق على الإشارات الحمراء وعليهم أن يضعوا الألغام تحت قطار التخلَّف وتحت قطار التطرف الديني. 

ختاما : من المهم التنبيه إلى خطورة الانغلاق والعزلة ، ولكن ثمة مخاطر من الانفتاح دون شروط، علينا أن نوفق بين ما نأخذ من غيرنا، وما نستخلصه من تراثنا الإنساني بما يخدم الحاضر ويستجيب لمقتضيات المستقبل. 



اعلامية فلسطينية
google-playkhamsatmostaqltradent