إسراء الصفدي
طالبة صحافة في جامعةAULمنتسبة لمكتب خدمات الطلبة الفلسطينيين في لبنان
ليسوا عمال.. طالما أن العمل لم يقترب إلى حياتهم منذ شهور،طالما أن شهاداتهم الجامعية معلقة على جدارن منازلهم،ليسوا عمال،ويوم العمال العالمي لا يشملهم،صفعة الخذلان مازالت تجول بين أزقة مخيماتهم،ولما لا تعمل؟ جواب ستجده موحداً من الجميع.. إسأل القانون اللبناني.
يعيش في المخيمات الفلسطينية في لبنان حوالي 260000 و 280000 لاجئا فلسطينيا، و 53% منهم هم من النساء.
وفقاً إلى إحصائيات تجريها مؤسسات ومراكز أبحاث وجامعات تبين أن 56% من اللاجئين عاطلين عن العمل،و65% من العاملين يعملون في مهن بسيطة داخل المخيمات ومنها الباعة وأصحاب الحرف البسيطة. تجتاح البطالة جميع المخيمات الفلسطينية حيث تجاوزت 60%،بسبب قوانين العمل اللبنانية ولوائح النقابات المهنية اللبنانية التي تمنع الفلسطيني من العمل في سبعين مهنة كالطب والمحاماة والهندسة،وإذا وجد المهندس الفلسطيني عملا فيكون توصيفه الوظيفي"فورمان"،أما الطبيب الفلسطيني في حال إفتتح عيادة داخل أحد المخيمات يصبح مطلوباً للسلطات اللبنانية بتهمة ممارسة مهنة الطب دون ترخيص.
تسببت البطالة المنتشرة بشكل مخيف نتائج خطيرة على المجتمع الفلسطيني في الشتات،فحوالي ستة فاصلة ستة في المئة يعانون الفقر الشديد أي أنهم عاجزون عن تلبية حاجاتهم اليومية الأساسية من الغذاء، ومعدل الدخل الشهري للعائلة الفلسطينية المؤلفة من ستة أفراد لا يتجاوز 350 ألف ليرة لبنانية أي نصف الحد الأدنى للأجور، فيلجأ الكثير من الشباب للسفر خارجاً لعلهم يجدون عمل يؤمن حاجاتهم الأساسية،وقد اعتمد البعض في تحصيل مدخولهم من المنظمات الفلسطينية والقوى الإسلامية وهؤلاء يشكلون نسبة عالية من الشباب.
نلاحظ أن عدد كبير من العمال الفلسطينيين يتم صرفهم من عملهم لأن أرباب أعمالهم لا يريدون أن يدفعوا لصندوق الضمان الإجتماعي، ويعود ذلك لسبب القانون الذي أقره البرلمان اللبناني في 17 أب 2010 وهو قانون بموجبه يعمل اللاجئ الفلسطيني في بعض المهن شرط الحصول على إجازة عمل من وزارة العمل وإعفائه من رسوم الإجازة وممنوع عليه ممارسة المهن الحرة،ولكي يعمل اللاجئ الفلسطيني في المهن المسموح بها عليه أن يجد عمل لدى رب عمل لبناني و يوقع عقد العمل ويحصل على إجازة عمل من وزارة العمل وأن يقبل رب العمل وضع رسوم من العامل الفلسطيني توضع في حساب خاص في صندوق الضمان الإجتماعي ليستفيد العامل الفلسطيني من هذا الصندوق في تعويض الإصابة في العمل. أما تعويضات الطفولة والأمومة والمرض والعلاج الصحي فهي غير واردة وإذا أصيب هذا الحساب الخاص بعجز مالي فلا تستطيع الحكومة اللبنانية تمويل هذا العجز من صندوق آخر.
يبقى اللاجئون الفلسطينيون على أمل أن يستيقظوا على وضعٍ أفضل،على أمل أن يستفيدوا من شهادتهم الجامعية بشيء وتقدير ذكائهم ومهاراتهم وتفوقهم،فاليد العاملة الفلسطينية ليست منافسة لليد العاملة اللبنانية على الإطلاق بل مكملة لها،ووجود حوالي أربعمئة طبيباً و مئة محامياً وخمسمئة مهندساً لا يضر المجتمع اللبناني حتى لو عملوا كلهم.
حكاية شعب تجد تفاصيلها المؤلمة في كل مكان،فرصاصة في أحد الجدران تحكي عن الفلتان الأمني،وعربة خضار لمهندس تحكي عن حرمانه من العمل في إختصاصه.. لربما كل وجعٍ يزيد هو إشارة لبداية خير قد تكون العودة إلى الوطن،فهذا ليس بمستحيل طالما أننا نعيش في زمن قد رأينا فيه كل ما اعتقدناه مستحيل!

