recent
أخبار ساخنة

مبادرة أقل من الحد الادنى بقلم : ماهر الصديق

الصفحة الرئيسية

قد يأتينا من يقول ان الموافقه الفلسطينيه على المبادرة الفرنسية " للسلام"

كانت مناورة ناجحه بكل المقاييس ، لان قيادة السلطة " بحنكتها" تدرك

ان الجانب الصهيوني سيرفضها ! فهي بتلك الموافقة السريعة احرجت

كيان الاحتلال ووضعته في موقف لا يحسد عليه امام فرنسا و اوروبا

و المجتمع الدولي عموما ، و أظهرت مرونة الفلسطينيين و رغبتهم بالسلام ،

و تعنت " الاسرائيليين" و رفضهم للمبادرات السلمية ! هذا التحليل

السطحي كان و لازال و سيبقى مبررا لكل مفرط بالحقوق و الثوابت الوطنيه .

كأن " اسرائيل" تكترث للرأي العام الدولي ، و كأن اللوبي اليهودي

لا يهيمن على سياسات معظم الدول الغربيه بل و حتى العربيه . كيان

الاحتلال منذ نشوئه لم يلتزم بأي قرار دولي و لا يكترث للمواقف التي

لا تخدم اطماعه التوسعيه و تشرع احتلاله للوطن الفلسطيني .

ان المواطن الفلسطيني يحكم على المبادرات المتعلقة بقضيته من اية

جهة صدرت بمدى موافقتها و تلبيتها لحقوق الشعب الفلسطيني ،

و بتماشيها مع الحد الادنى المتفق عليه في مؤسسات العمل المشترك .

التوافق يتلخص في دولة كاملة السيادة على حدود الرابع من حزيران 67

و تكون القدس عاصمتها الموحدة ، و عودة اللاجئين بموجب القرار رقم

194 . كل ما خالف ذلك يعتبر تجاوز للاجماع الوطني ، و خروج عن

القرارات الصادرة عن المجالس الوطنية و المؤسسات القيادية الفلسطينيه .

الملفت بان الموافقه الفلسطينيه الرسميه لم تصدر عن هيئة قيادية ، مما

يدل على ان مؤسسات المنظمة معطلة ، ولا تعقد اجتماعاتها الا اذا

كان ذلك يخدم مصالح بعض الجهات المتنفذة في السلطة الفلسطينيه . فالموافقه

على الورقة الفرنسية تحتاج لاستفتاء عام في الداخل و الشتات لما تحمله

هذه الورقة من مخاطر مصيريه على مستقبل الشعب الفلسطيني .

فالمبادرة تدعو الى دولة فلسطينية منزوعة السلاح ، و تبادل مناطق

بما يستجيب للاحتياجات الامنية للاحتلال .و لا تتحدث عن مصير

القدس و المستوطنات ، و تعتبر ان حل مشكلة اللاجئين يكون بالتعويض

و يجب الاعتراف الفلسطيني بالطابع اليهودي لكيان الاحتلال . و تؤكد 

المبادرة بان هذه البنود بمثابة تسوية نهائية للصراع . فهل كان الكفاح

الفلسطيني الطويل يهدف في نهاية الامر للوصول

الى دولة منزوعة السلاح ، يُفتَك بها من اية قوة ، فيما العدو

يملك ترسانة قل نظيرها في العالم ؟ و هل اقرت المؤسسات التشريعيه

بامكانية تبادل للاراضي ، بحيث يستأثر الاحتلال على مناطق استراتيجية 

تشكل موانع امنيه و يُبقي على مستوطناته ؟ و هل يقبل الشعب

الفلسطيني بغير القدس عاصمة له ؟ و هل يرضى الفلسطينيون عموما

و فلسطينيو 48 على وجه الخصوص بيهودية الدولة ، و ما هو مصير

المواطنين الفلسطينيين في الاراضي المحتلة عام 48 في حال اقرار يهودية

الدولة . و هل سألت الجهة الفلسطينية التي وافقت على المبادرة الفرنسية

اللاجئين في الداخل و الشتات اذا كانوا يقبلون بالتعويض بدل العودة ؟

المواطن الفلسطيني يقف في حيرة من امره ازاء التسرع في اتخاذ المواقف

و اطلاق التصريحات التي تتنافى مع كل اسس العمل المشترك سيما في

الامور المصيريه التي لا يتحمل مسؤوليتها شخص بعينة او فصيل او جهة،

لانها تحتاج لاجماع شعبي و سياسي . لقد رفض العدو هذه المبادرة ليس

لانها تخالف مصالحه و اهدافه العدوانية و التوسعية و العنصرية . فهي قدمت

له كل ما يريد : يهودية الدولة ، لا عودة للاجئين.. لا دولة فلسطينية ذات سيادة..

ضمانات امنية كاملة بما في ذلك انتزاع مناطق ضمن الاراضي المحتلة عام 67

،لا حل للمستوطنات او القدس !اذن لماذا رفضتها " اسرائيل" ؟ لقد رفضتها لسبب

واحد : انها لا تريد ان تتعهد امام العالم باية اتفاقات لها علاقة بالصراع مع الفلسطينيين.

تريد عقد اتفاقات ثنائية تُبقي السلطة الفلسطينية تابعة لها ، و الامن الفلسطيني

مرتبط بها ، و الاقتصاد الفلسطيني تحت سيطرتها ، و الدولة الفلسطينية في

مهب الريح . السلام بالمفهوم الصهيوني استسلام كامل ، و تسليم كلي للارادة

الصهيونية ، فهل نتعلم من تجربتنا الطويلة و نفهم استحالة السلام بين المجرم

و الضحية ! و هل كان الرد الصهيوني الرافض للمبادرة حافزا لنا

للتشبث في مواقفنا و عدم التنازل عن حقوقنا .ان الطريق الوحيد للتحرر لا يكون الا بالكفاح ، 

و الحق لا يؤخذ بالتمني و الاستجداء ، بل بالوحدة و الاعداد .

ان شعبنا بتضحياته و عطائه يستحق اكثر بكثير مما تقدمه هذه المبادرات .

google-playkhamsatmostaqltradent