حين يبتسم الشيخ رائد صلاح و هو في قيده ، نرى نحن معشر
الفلسطينيين في ابتسامتة مجرد تعبيرا عن الشجاعة و الارادة و العزيمة .
اما العدو فيراها سخرية منه و امعانا في اذلاله من قبل شيخ مجاهد
متمسك بحقه التاريخي و بمقدساته ...
أنا أزعم بأن ابتسامة الشيخ رائد صلاح تغيظهم أكثر من أي شئ آخر .
ما سر هذه الابتسامة ، لماذا يصر الشيخ رائد أن يغيظ عدوه بها ؟
انها كالصفعة على الوجه الصهيوني القبيح . لغز لا يعرف حله إلا الكبار،
الذين يعرفون معنى الشموخ ، و يفهمون تداعيات الصلابه ، و ثمن
الكرامه ، و قوة الإباء . الكبار هم الذين يعرفون معنى حجز الدموع في المقل ،
و ماذا يحدث عندما لا تتأوه أو تتأفف امام عدوك و انت في ذروة الالم .
كيف تتعالى على الجراح حتى لا تشعره بنشوة التفوق . هذا هو رائد صلاح
في حقيقته الساطعة ، حقيقة المجاهد و الداعية و المنافح عن قضيته العادله .
حين يبتسم الشيخ رائد تتفتح الزهور في بلادنا و تغرد الطيور
لحن الحرية و نشيد الانتصار .
... و عندما يبتسم الشيخ رائد تتراقص الفراشات الملونة فوق روابي الجليل
و تشرق الشمس على الواحات الخضراء في مرج ابن عامر .
عندما يبتسم يُصعَق صاحب الضفيرتين ، ويبدأ بترديد التعاويذ الخرافية
و يحرك رأسه "كحردون" على حائط آيل للسقوط .
رائد صلاح رجل من هذه الارض الطيبة التي ما فتئت تقدم للانسانية نماذج
من البطولة و الإباء . انه امتداد للعظماء الذين بنوا هذه البلاد
و جعلوها مركزا لتخريج الشهداء جيلا بعد جيل .
يخبئ الشيخ رائد في ثنايا فؤاده مفتاح الاقصى . يرفض الا ان يكون
في الصف الاول ، هناك في مواجهة الكلاب السائبه ، المكلله بالسواد كالغربان .
اشكال بشر يمشون في ارض ستبتلعهم ثم تلفظهم الى الجحيم .
ارض ليست لهم ، و لا تقبل على ظاهرها او في باطنها الا ابناءها .
اناس يرطنون بكل اللغات ، إلا اللغة العربيه . يشبهون كل شئ الا الانسان
العربي الذي احب هذا الوطن بكل ما فيه ، فهو ماضيه و حاضره و مستقبله .
رفع رائد صلاح صوته في كل مناسبة علّ الامة تسمع ! قال بأن : الاقصى في خطر !
و لان الامه مصابة بالصمم ، و لان صلاح الدين لم يأت موعده بعد،
أدرك الشيخ بأن ألمرابطين هم وحدهم الذين سينزرعون كأشجار الجميز ،
في مواجهة الخرافات الاسطوريه المصابه بأضغاث أحلام الهيكل الثالث !
و لأن البعض يعَدون بآلاف الرجال ، فإن التائهين بين الصفحات
التاريخيه المزيفه ، رأوا أن يحبسوا آلاف الرجال بحبس رائد صلاح .
لكننا نحن العرب من بني كنعان ، نعرف كيف نحل المعادله ، فهي بسيطه
للغايه ، انها من طرفين اثنين لا ثالث لهما :
رائد صلاح و شعبه و معهم كل حر عربي و كل انسان شريف .
و الاحتلال و معه كل اعداء الانسانية و الحرية ، من عرب و غير عرب .
الاول يمارس حقه الانساني في وطن يعشقه حتى الثماله ،
و آخر يمارس عدوانيته و اجرامه حتى الفناء .
لن ينتصر في هذه المعادله الواضحه سوى رائد صلاح و من معه ،
و لن يكن في زوال في نهاية المطاف إلا الاحتلال و من ايده و نافقه .
أما الصعاليك الذين تسيل لعابهم امام فتات الموائد ، الذين فقدوا قيمة
الشموخ و استمرؤا الانحناء امام الاعداء من اجل اوهام و خداع ، فإنهم مدعوون
للتعلم من الكبار عن كيفية الابتسامة ، و قوتها الخارقه . شتان بين ابتسامة
الواثق بالنصر ، الساخر من العدو و اجراءاته . و بين المبتسم للعدو ، الذي
يصافح يديه الملطختين بدماء ابناء شعبه .
كم انت كبير يا شيخ الاقصى عندما تنشد على مسامع الصهيوني :
يا ظلام السجن خيم
اننا نهوى الظلاما
ليس بعد الليل الا
فجر مجد يتسامى
كم انت عظيم عندما تعلن ولادة الفجر من قلب الظلام.
و كم هم أقزام أمام المارد الفلسطيني المبتسم .
ماهر الصديق

