حسرة في النفس وألم شديد ينتابني في كل مرة، أقرأ فيها انتقاء كلمات وتعابير البعض، للهروب من واقع الإخفاق وضجيج لا يقل صخباً لاجتماع طارئ للقيادة السياسية للفصائل في لبنان، ليبحثوا إغلاق الفجوات الأمنية. وأدرك أن من يفكر بعقلية المتعصب لتنظيم، اوتجليل مسؤول سيطلق العنان للحجج كمن يقول أن أمن مجتمع المخيمات محصورا فقط بالقوة العسكرية، وهي بحاجة الى غطاء امني من الدولة اللبنانية. لكن بالعودة إلى المنطق والتفكير بروية سيجد أن الفرد والمجتمع لا يجد غير قيادة المخيم مسئولا ومسائلاعن النتائج طالما أنها لم تعلن المتسبب عن عرقلة مهامها ومسئولياتها. والمحك يطرح أسئلة بديهية ومن يغل يدها في مواجهة احتياجات يومية بسيطة لا تحتاج الى غطاء امني ؟؟.
- لتنظيم المروري و رفع السيارات والمعيقات من الطرق الرئيسية
- لتنظيم التمديدات،للأسلاك الكهربائية والستليت والهاتف الداخلي منع التعدي.
- لألزام المقاهي بالاغلاق ووقف مكبرات الصوت ليلا بعد الساعة ( )
- لألزام بعدم السرعة واستخدام المترسيكلات بشكل غير طبيعي
- لأانارة الشوارع والطرقات الرئيسية والفرعية
- لرفع التعدي عن الطريق والزواريب والاملاك العامة
- لدعم المؤسسات والجمعيات الاهلية والتطوعية
- لضبط ايقاع البناء العشوائي بخطوات هندسية ،،،
- للتخطيط وجمع المعلومات والبيانات الميدانية عن الوقائع والاحداث اليومية
- أماكن جمع النفايات
- لتفعيل الدور الوقائي وإشراك المجتمع بكل فئاته فى مسؤولية الأمن المجتمعي
- لتشكيل حاضنة للشباب
- لمنع التعدي على مراكز الانروا والمؤسسات العامة وموظفيها
اليوم وبعد كل هذة الحقب ،لم يزل البعض يعيش هاجس ما يسمى بـ (عسكرة الامن ) وتعظيم عديد الافراد، لامتلاك القوة واستخدامها كحل مفضل ومرغوب. لإقامة النظام وفرض الامن وتأمين مستلزمات الحياة،. ويمكن القول أن هذة الهواجس بكل مظاهرها ومخرجاتها، بإشاعة روح استخدام العنف كآيديولوجية في نظام مجتمع المخيم الاجتماعي والسياسي والثقافي وأنماط الحياة فية. تمثل تعبيراعن نتاج أزمة القيادة السياسية، والفشل في بناء مؤسسة أجتماعية أمنية لأدارة شؤون مجتمع المخيمات ،،.
وبكل الأحوال فإن هاجس الخوف من (عسكرة الامن ) له ما يبرره، أذ بني على نظرية القوة القهرية والالزام، وليس الإرادة الرغبه الطوعية والروح الوطنية، بين مقدم الخدمة ومحتاجها . لأن مفهوم تحقيق الامن يتعدى جانب استخدام" القوة العسكرية" المحض في فرض منطقها وأسلوبها سعيا او ادعاء. اذ لا يمكن للامن أن يتحقق وأن يكتمل إلا بتوفرأرضية مناسبة . تشمل مفهوم الامن الاجتماعي والصحي ،الثقافي والاعلامي والتربوي الخ .ولهذا يجب النظرإلى مسألة امن المخيمات بمنظار يتناسب وخصوصيتها وظروفها المختلفة في شتى المجالات،وهو الأمر الذي يدفع مجتمع المخيم أن يتحمل معاناتها ومواجهتها، وأن يتجند الجميع لحماية الابناء من الفتنة وشرورها ..
· مظاهر القوة السياسية : عديدة ،،،
1 - قوة العنف: ويستعمل من أجل أرغام الآخرين على القيام بفعل أو الامتناع عن فعل يتعارض مع ما يؤمنون به ويطمحون إلى تحقيقه ،ويتم ذلك بمساعدة الجيش والشرطة والقوى الامنية وغيرها من الأجهزة القمعية متبعة طرق الضرب والاعتقال .
2 – قوة الاستبداد: ويأتي هذا المظهر نتيجة للقرارات الخاطئة اوالديكتاتورية التي تصدر وفقا لرغبات قوة مستبدة مهيمنة، وأن كان متعارضا مع رغبات الآخرين، لذلك فأن التهديد باستعمال القوة يكون علنيا وقد يتحول هذا التهديد إلى استعمال فعلي للعنف والأهانه والمطاردة ورصد عباراتهم،أو حرمان الافراد من التعبيرعن ارائهم والدفاع عن مصالحهم واحتياجاتهم الضرورية، أو عدم السماح لهم المطالبة بالعدل والمساواة والحقوق بين الافراد، باستخدام ضغط القوة للوصول بهم إلى أعلى درجات الإعياء والتعب والإرهاق .
3 - قوة السلطة: تقوم السلطة السياسية بتوجيه الناس وفق متطلبات معينة تراها الأصلح من وجهة نظرها وتعود بالمنفعة على المجتمع، وقد يكون هذا القرار صادر من سلطة تمثيلية شرعية منتخبة، وبذلك لأ تكون نسبة الإكراه عالية، إذ يكون خضوع الأفراد للسلطة الشرعية مبنيا على أساس التطوع بإرادتهم، وأحيانا لا يكون رضا تام لدى بعض الأفراد عن قرار السلطة السياسية ولكنهم يضطرون إلى تنفيذه لاعتقادهم أن صناع القرار السياسي لديهم من أساليب استخدام القوة ما يجبر الأفراد على تنفيذ قراراتهم.
4 - قوة المجتمع: الأكثر تأثيرا.. وهذا الذي لا يختلف فيه اثنان ...
فالقوة بكل مجالاتها تعني القدرة على استخدام القوة لممارس ضغطا ونفوذ على الأفراد والمجتمع في قضية معينة، بمعنى إجبارهم بأية طريقة على القيام بعمل أو الامتناع عن عمل لغرض انجاز عمل ما. بالرغم أن القوة ليست هدف، ولكن يمكن القول أنه في أغلب الأحيان بدون استخدام القوة كوسيلة لممارسة النفوذ والتأثيرلا تتحقق السلطة. وندلل على ذلك بالقول أن الوصول إلى تطبيق النظام وفرض الامن وتحقيق مصالح المجتمع يمر بمراحل مختلفة وفي أغلب الأحيان كان يتم عن طريق القوة، ونخلص من هذه المقالة إلى أن القوة العسكرية هي من مستلزمات القيادة السياسية، التي تركز إدارتها على دفع الظلم والفساد عن المجتمع، والاقتصاص من الظالمين المعتدين ، واعلاء شأن المجتمع وحفظ هيبته.على أن تظل هذه القوة تلتمس عنصر الحوار في طرح المفاهيم لرعاية وحراسة القيم حتى لا ينفرط عقد المجتمع وتعم الفوضى أي أن استخدام القوة يحتاج إلى ضبط وتنظيم وقياس دقيق تخضع لموازنات سليمة وعادلة .
وعلية أن أفضل أنواع القوة وهي القوة المقبولة اجتماعياً، تلك التي تستعملها القوى الوطنية، لتحقيق ما تريده وسط تأيد وهتاف المجتمع متطواعا لامكرها على تنفيذ القرارات والتوجهات والضوابط الاجتماعية . فمعنى ذلك أن الافراد يمتثلون لها، والامتثال هنا صادر من الإرادة والرغبه في تفويض القيادة السياسية، لممارسة القوة وإصدارالأوامر والتعليمات المؤدية إلى إيجاد تغيرات في سلوك الآخرين، سواء كانوا أفرادا أو جماعات لتوفير الأمن والطمأنينة في المجتمع. فحينما نقول القيادة السياسية فنحن نقصد بذلك، أنها شرعية المجتمع الذي اكسبها حق تفويض بعض الأفراد للقيام بمهام تمثيل سلطتها الشرعية، بحماية الأمن المجتمعي وصيانة مجتمع المخيم. وهذا يتطلب جهدا إضافيا للعمل على كسب ولاء المجتمع وزيادة الثقة بين الجانبين بابعاد استخدام العنف اوالاستبداد. لان نتائج ذلك غير محمودة العواقب لكلا الجانبين، أخطرها الفوضى وفقدان الأمن وبالتالي انهيار مرجعية تمثيل اللاجئين الذي تترتب عليه آثارا وخيمة.
وهذا يستدعي اخذ الاحتياطات والمبادرات لتحصين المخيمات .والتعامل بمنتهى الحرص والسرعة والانتباه ومنح الموضوع الامني الاولوية في قائمة القضايا ذات الشأن العام لمجتمع المخيمات لمدى تأثيرة على بقية القضايا الاخرى ، وعلى هذا بات لزاما اعطاء ملف الامن اهتماما استثنائيا واعارته من الدرس والتمحيص ما يستحق من جهد ورعاية وتسخير كل الطاقات والامكانات، وان اقتضى الاستعانة بخبرات الاصدقاء لتوفير سبل التصدي لكل ما من شانه الاندراج في الفخ، ولتجنب جرها الى مربع الاعداء وارتداد شضايا التفجيرات الارهابية على المخيمات ، واحتواء مضاعفاتها والغاء وقع المفاجآت غير المتوقعة واستيعاب سبل مواجهاتها.
وعليه يقتضي استنفار الطاقات المجتمعية متمثلة في ،، الأفراد ولجان الاحياء والقواطع ،الهيئات والجمعيات وتجمعات الشباب والمرأة، لبناء قاعدة مجتمعية قوية وإنتاج خطة استراتيجي لتحصين امن المخيمات ،وهذا ليس من الصعب تصور حدوثه، أذ توافر رؤية حقيقية وتخلى المسؤولون في الفصائل الفلسطينية عن نوازعهم الذاتية التنظيمية والحزبية.والارتقاء الى مستوى الحاجة الوطنية بتكريس وأيقاض كل ما يمتلكوه وما بلغوه من جهد وطاقة وامكانيات . والاندفاع بالانتقال من إمتلاك القدرة، الى ممارسة القوة الذي يتطلب إرادة سياسية ودور للعقل البشري التنظيمي، لمباركة تأسيس قوة مجتمعية توفرلمجتمع المخيم وللافراد المفوضين ممارسة مهام القوة الامنية، ومقومات مقاومة تغليل يد قوة المجتمع .
غازي الكيلاني 1/12/2015

