كيف يتمكن شاب فلسطيني بسكين ان يلحق بجندي مسلح
محاط بمجموعة جنود مدججين . ما الذي يجعل شاب صغير بمقتبل
العمر يواجه عشرات المستوطنين المسلحين . كيف يتحدى طفل
في العاشرة من عمره قوات الاحتلال و يرشق بحجارته الجنود الذين يطلقون
الرصاص . ما هي الدوافع التي تمكن صبيه فلسطينيه من
مواجهة الجنود الصهاينه ،و عدم الخشية من رصاصهم او قنابلهم .
كيف يكون هذا ، ما هي طينة هذا الشعب العملاق العظيم .
من اين كل تلك الارادة و الاستعداد للتضحية و الفداء .
كيف ترخص الحياة من اجل الكرامة و دفاعا عن المقدسات ؟؟؟
هل يمكن لشعب بمثل هذه العزيمة و الارادة ان ينهزم ؟
و هل يعتقد عدونا الغاشم انه امام شعب قابل للخضوع و الانكسار ؟
هل يتصور العدو بان الفلسطيني مثله مثل الهنود الحمر ، او مثل بعض
الشعوب التي خنعت امام جبروت و بطش الاحتلال ، و اصبحت
تعيش في كنفه و جزء منه ، بل و بعضها فقد هويته و تقاليده و عاداته و لغته ؟!
اننا امام مشكلة مع عدو غريب و فريد من نوعه ؟ عدو يعيش على الخرافات
و تتملكه عقد التفوق و الخصوصيه . تتغلغل العنصرية في دمائه
و تتراكم الاحقاد في طبيعته ، و تتمحور السادية في تصرفاته !
انه يعيش في دائرة من الكوابيس التي لا نهاية لها : الخوف من الغير..
اعتبار كل ما عداه مشروع عدو ..الاعتماد على الاسلحة التي يمتلكها
من مال و اعلام و سلاح بالاضافة للدعاية و التجسس و الافساد
على انها ادوات قادرة على تطويع الامم ، و فرض السيادة و الامر الواقع عليها .
لكنه اصطدم بشعب عنيد لا يعرف الركوع الا لله . شعب مجبول
بالإباء و العزة و الكرامة و الفداء، يقدم الوطن على الروح .
يحب الاستشهاد كما يحب عدوه الخلود .
ارتطم الصهيوني بصخرة لا تتفتت ، و لا تحطمها الضربات ، و لا
تقلبها العواصف و المتغيرات . صخرة صامده منذ الازل .
مر عليها الفاتحون و الغزاة ، فأدمتهم و فجت رؤوسهم، و بقيت
على مدى الزمن شامخة شموخ الارض التي تسكنها .
ان العرب لا يقرؤون التاريخ !
هذا ما قاله دايان وزير الحرب الصهيوني الاسبق !
فإن كنا نقر على ان بعض العرب
لا يتعلمون من التاريخ . و لم يفهموا ان هذا النوع من البشر
لا عهد له و لا وفاء ، و جاهز للغدر حينما تتأتى له الفرصه .
نتفق على ان بعض العرب لم يقدروا استحالة السلام مع اعداء
الانسانية و السلام . ان كنا نتفق على ذلك ، فإننا نؤكد ان الفلسطيني
يقرأ التاريخ جيدا و يفهمه جيدا و هو نفسه صانع اساسي من صناع التاريخ .
هذا الفلسطيني القاطن في الارض المقدسة و ما حولها ، هو اختيار
الله لكم ايها الشعب الذي يعيش خارج حركة التاريخ . انه الشعب
الذي لا يمكن ان يقتلع من ارضه و من تاريخه و هو الذي
يسقيكم الذلة و المهانة ، و الذي على يديه سيكون مصيركم المحتوم .
العرب لا يقرؤون التاريخ كما تقولون ، فهل انتم تقرؤون التاريخ ؟
بل هل تقرؤون كتابكم " المقدس" الذي تؤمنون به و نؤمن بتحريفه ؟
لو قرأتم جيدا لعلمتم انكم لن تفلحوا مع هذا الشعب !
الصراع بين شعبنا و بينكم قديم يعود لآلاف السنين ، يوم جئتم الى بلادنا غرباء :
سَكَنَ يَعْقُوبُ فِي أَرْضِ غُرْبَةِ أَبِيهِ، فِي أَرْضِ كَنْعَان... التكوين37\1
و لما تمكنتم غدرتم فكان لكم اجدادنا بالمرصاد :
وَحَارَبَ الْفِلِسْطِينِيُّونَ إِسْرَائِيلَ، فَهَرَبَ رِجَالُ إِسْرَائِيلَ مِنْ أَمَامِ الْفِلِسْطِينِيِّينَ
وَسَقَطُوا قَتْلَى فِي جَبَلِ جِلْبُوع... اخبار الايام الاول 10\1
حتى ان اجدادنا الفلسطينيين جعلوكم خدما و عبيدا عندهم حسب صموئيل الاول 4\9 :
تَشَدَّدُوا وَكُونُوا رِجَالاً أَيُّهَا الْفِلِسْطِينِيُّونَ لِئَلاَّ تُسْتَعْبَدُوا
لِلْعِبْرَانِيِّينَ كَمَا اسْتُعْبِدُوا هُمْ لَكُمْ. فَكُونُوا رِجَالاً وَحَارِبُوا
و نتيجة لغدرهم منعهم الفلسطينيون
من صناعة الادوات التي يمكن استخدامها كسلاح :
وَلَمْ يُوجَدْ صَانِعٌ فِي كُلِّ أَرْضِ إِسْرَائِيلَ، لأَنَّ الْفِلِسْطِينِيِّينَ قَالُوا:
لِئَلاَّ يَعْمَلَ الْعِبْرَانِيُّونَ سَيْفًا أَوْ رُمْح
حتى الملك" النبي داوود" عليه السلام عندما خاف على نفسه من الملك شاؤل
لجأ لمناطق الفلسطينيين حسب ما اوردته التوراة و مكث عندهم و بحمايتهم لاكثر من عام:
وَقَالَ دَاوُدُ فِي قَلْبِهِ: "إِنِّي سَأَهْلِكُ يَوْمًا بِيَدِ شَاوُلَ، فَلاَ شَيْءَ خَيْرٌ لِي
مِنْ أَنْ أُفْلِتَ إِلَى أَرْضِ الْفِلِسْطِينِيِّينَ، فَيَيْأَسُ شَاوُلُ مِنِّي فَلاَ يُفَتِّشُ
عَلَيَّ بَعْدُ فِي جَمِيعِ تُخُومِ إِسْرَائِيلَ، فَأَنْجُو مِنْ يَدِهِ... صموئيل الاول ٢٧ : ١
وَكَانَ عَدَدُ الأَيَّامِ الَّتِي سَكَنَ فِيهَا دَاوُدُ فِي بِلاَدِ الْفِلِسْطِينِيِّينَ
سَنَةً وَأَرْبَعَةَ أَشْهُر ... صموئيل الاول ٢٧ : ٧
لقد قامت حروب بين اصحاب الارض الفلسطينيين
و الغرباء الطامعون في هذه الارض المباركه
فكانت الغلبة دائما للفلسطينيين على جيوش اعدائهم .
اكد هذا سفر صموئيل الاول 2:4 :
وَاصْطَفَّ الْفِلِسْطِينِيُّونَ لِلِقَاءِ إِسْرَائِيلَ، وَاشْتَبَكَتِ الْحَرْبُ فَانْكَسَرَ إِسْرَائِيلُ
أَمَامَ الْفِلِسْطِينِيِّينَ، وَضَرَبُوا مِنَ الصَّفِّ فِي الْحَقْلِ نَحْوَ أَرْبَعَةِ آلاَفِ رَجُل.
اما في الفقره الرابعه من الجزء العاشر لنفس السفر اوردت التوراة:
فَحَارَبَ الْفِلِسْطِينِيُّونَ، وَانْكَسَرَ إِسْرَائِيلُ وَهَرَبُوا كُلُّ وَاحِدٍ إِلَى خَيْمَتِهِ.
وَكَانَتِ الضَّرْبَةُ عَظِيمَةً جِدًّا، وَسَقَطَ مِنْ إِسْرَائِيلَ ثَلاَثُونَ أَلْفَ رَاجِل
اما في سفر صموئيل الاول ٣١ : ١فقد اكدوا ان الفلسطينيين
تمكنوا من هزيمة شاؤل و قتلوا اولاده :
وَشَدَّ الْفِلِسْطِينِيُّونَ وَرَاءَ شَاوُلَ وَوَرَاءَ بَنِيهِ،
وَضَرَبَ الْفِلِسْطِينِيُّونَ يُونَاثَانَ وَأَبِينَادَابَ وَمَلْكِيشُوعَ أَبْنَاءَ شَاوُل
و بحسب ما اورده كتاب التوراة فانهم لم يتمكنوا من تحقيق
اي انتصار على الشعب الفلسطيني الا بتدخل مباشر
من " رب الجنود إلههم يهوه "! و ليس بشجعاتهم و عزيمتهم .
حيث طلبوا من ملكهم ان يدعو" الله" للتدخل صموئيل الاول ٧ : ٨
وَقَالَ بَنُو إِسْرَائِيلَ لِصَمُوئِيلَ: لاَ تَكُفَّ عَنِ الصُّرَاخِ مِنْ أَجْلِنَا إِلَى الرَّبِّ إِلهِنَا فَيُخَلِّصَنَا
فعاونهم و حقق لهم بعض الانتصارات ! :
وَسَاعَدَهُ اللهُ عَلَى الْفِلِسْطِينِيِّينَ وَعَلَى الْعَرَبِ السَّاكِنِينَ فِي جُورِ بَعْلَ وَالْمَعُونِيِّينَ.
الخروج ٣٣ : ٢
وَأَنَا أُرْسِلُ أَمَامَكَ مَلاَكًا، وَأَطْرُدُ الْكَنْعَانِيِّينَ وَالأَمُورِيِّينَ وَالْحِثِّيِّينَ وَالْفِرِزِّيِّينَ وَالْحِوِّيِّينَ وَالْيَبُوسِيِّينَ.
الخروج ٣٤ : ١١
"اِحْفَظْ مَا أَنَا مُوصِيكَ الْيَوْمَ. هَا أَنَا طَارِدٌ مِنْ قُدَّامِكَ الأَمُورِيِّينَ
وَالْكَنْعَانِيِّينَ وَالْحِثِّيِّينَ وَالْفِرِزِّيِّينَ وَالْحِوِّيِّينَ وَالْيَبُوسِيِّينَ ..يشوع ٣ : ١
انتم يا من تعيشون خارج سياق الزمن ، عليكم ان تقرؤا تاريخكم
و تفهمونه جيدا حتى تعرفوا هذا الشعب الذي يقف امامكم و يواجهكم
ببسالة منقطعة النظير . اما نحن فاننا نقرأ تاريخنا جيدا و نقرأ
تاريخكم ، و نعرف من نحن و نعرفكم و لهذا لا نخشاكم ،
و سننتصر عليكم و نحقق اهدافنا في استعادة ارضنا و حماية مقدساتنا .
عيشوا في خزعبلاتكم و اوهامكم ، و نحن نعيش في قلب التاريخ ،
و في حقيقة الزمن ، و ننظر الى المستقبل نظرة الحر للحرية .
ماهر الصديق

