recent
أخبار الساخنة

مخيم عين الحلوة إلى أين؟

الصفحة الرئيسية



خاص/ مجلة القدس-  بقلم: رفعت شناعة

هناك الكثير من التساؤلات التي تطرحُ نفسها بقوة الأمر الواقع، وهي تحتاج إلى إجابات عملية وواضحة بعيداً عن التنظير، أو الاختباء خلف العبارات الملتبسة، أو التأويلات غير الموضوعية  والمسؤولية جماعية.

بدايةً نحن نفترض أنَّ المخيم بشكل عام، بمساحته وعدد سكانه، بفقرائه واغنيائه، بما فيه من فلاحين، وأهالي مدن، ومن بدوٍ وغوارنة، وبما يضم من فصائل وطنية وإسلامية، وبكل مكوناته النقابية، والشعبية، والمهنية، كلُّ هؤلاء يشكلون المخيم. المخيم الذي له جذوره الثورية، والوطنية، والسياسية، والأخلاقية، والتاريخية، هذا المخيم هو اليوم مهدَّدٌ في أمنه،وسلامة أهله، وكرامة شهدائه، ونصاعة تاريخه، ووحدة أبنائه، وتلاقي فصائله وأحزابه.

وما نقوله لم يعد خافياً على احد، وهذا الواقع المؤلم أصبح يشكِّلُ تحدياً واضحاً لكل من يهمه شأن المخيم، ومستقبل أهله. وأعتقد أنه لايمكن لكل وفيٍّ لفلسطين ومقدساتها أن يدير ظهره لكل هذه التحولات والتحديات لأنَّ الجميع يده في النار.

إنَّ الأسئلة المطروحة على أصحاب الشأن تحتاج إلى أجوبة دقيقة.

لماذا أصبحت هناك مربعات تتمترس فيها قوى محدَّدة تؤمن باستخدام العنف والقتل ضد من يُخالف أفكارها وفتاويها؟

وهل من حق هذه الأطراف المعروفة التي تُسمى الجماعات التكفيرية أن تغتال وتقتل من تريد في مخيم مساحته حوالي كيلو متر مربع، وعدد سكانه يزيد على الثمانين ألفاً في ظاهرة لم تشهدها المخيمات سابقاً؟

لماذا نشطت هذه الأطراف في هذه المرحلة وخاصة بعد إنطلاقة ما يسمى الربيع العربي؟ وبالأحرى بعد تدمير العراق، وامتداد الحريق إلى عدة دول؟وهل هم جزء من القاعدة التي فرّخت في لبنان منظمات فتح الإسلام، وجند الشام؟ علماً أن "فتح الإسلام"  كانت السبب في تدمير مخيم البارد بعد السيطرة عليه، وخوض الجيش معركة تحرير مخيم نهر البارد من بقايا عناصر "فتح الإسلام".

واذا كانت هذه القوى خارجة عن الإجماع الوطني والاسلامي في مخيم عين الحلوة، وأنها دون شك تمتلك مشروعاً سياسياً أمنياً يتعارض تماماً مع المشروع الوطني الفلسطيني، وأنها اكثر من ذلك مشكَّلة من القاعدة وتفريخاتها، ومن أطراف تبايع داعش والنصرة وغيرها،فما هو موقف مجموع الفصائل الممثَّلة في القيادة السياسية؟

إنَّ القيادة السياسية للقوى الوطنية والاسلامية والمؤلفة من فصائل "م.ت.ف". وفصائل التحالف، وفصائل القوى الاسلامية (عصبة الانصار، والحركة المجاهدة الإسلامية، وأنصار الله) معنية اكثر من غيرها أن تحدد موقفاً واضحاً، وموحَّداً من أصحاب المشروع الآخر الذي يسعى إلى الهيمنة والسيطرة على مربعات إضافية في المخيم، ومنع دخول كوادر حركة فتح ومناصريها إلى هذه المربعات، إضافة إلى ممارسة الاغتيالات ضد عناصر الحركة، وهذا قائم عملياً في السنوات الأخيرة دون أية مبررات، وإلاَّ ما معنى إغتيال الشهداء  وليد ياسين،والعميد طلال بلاونة وابن شقيقه، والعميد جميل زيدان، وفضلية الشيخ عرسان مسؤول جمعية المشاريع الخيرية،وطلال المقدح، ومؤخراً تم قتل ستة من الامن الوطني ومن حركة فتح وأنصارها وهم فادي خضير و علاء مزيد عثمان وربيع مشهور ومصطفى حسين الصالح وفادي خليل الملقب "ابو السعيد"و رضوان ابراهيم. إذا كنا متفقين على إنتماء وخلفية هذه الفصائل الخارجة عن الإجماع، واذا كانت ممارساتهم وسياساتهم واضحة من خلال العداء المستحكِم لفصائل م.ت.ف على الأقل، فما هو المطلوب من الجميع ممارسته واعتماده كأسلوب لا بد منه لمعالجة هذه الظاهرة الخطيرة التي باتت تهدد الكُلَّ الفلسطيني؟

نحن أمام خيارين وعلينا أن نحسم خياراتنا بالاتجاه الذي يخدمُ مخيمنا، وشعبنا،ومستقبل ثورتنا، لأن الخطر الداهم بات يهدد الجميع.

فإِمَّا أن نترك الوضع  كما هو عليه بكل ما يلفه من مخاوف، واحتمالات تصعيدية في الاغتيال، والرعب، والسيطرة على مربعات جديدة من أجل مزيد من الهيمنة والتحكم جغرافياً، وسياسياً، ووطنياً، وبالتالي جرِّ المخيم شئنا أو أبينا إلى صراعات مقصودة مع الجوار اللبناني، وتأزيم العلاقات مع الجيش اللبناني،ومع الأحزاب والقوى اللبنانية،وهذا ما سيولِّد أسباباً للحقد والكراهية، واجراءات أمنية وعسكرية معقَّدة جداً ستطال الكثيرين.

إذا كانت هذه التوقعات لاتخدمنا، وأنَّ المطلوب منَّا جميعاً أن نواجه الحقيقة بجرأة وشجاعة،وقبول التحديات فلماذا مازالت الوجهة الغالبة حتى الآن هي التردد والتلكؤ في المعالجة بالشكل المطلوب؟

فهل عدم المسارعة إلى المعالجة بجرأة ووضوح يعود إلى أنَّ الخطر من هذه المجموعات يقع فقط على حركة فتح وأنصارها؟ واذا قامت حركة فتح بتصفية حساباتها مع القتلة، فهل الامر يُرضي الفصائل على أختلافها؟ وهل هذا هو المطلوب تنفيذه عملياً؟ علماً أن حركة فتح أعطت وتعطي الفرصة للمعالجة عبر المؤسسات القائمة.

وهنا أيضاً تثور مجموعة أسئلة حسَّاسة أبرزها:

طالما أنَّ المربعات التي تسيطر عليها المجموعات التكفيرية تضم وجوداً، ومكاتب، وعناصر الهيئات القيادية للفصائل التي تشارك في القيادة مع حركة فتح وباقي الفصائل، فما هو دورها؟

واذا ما حصل أي اشتباك في هذه المربعات المُسيطَر عليها من قبل الفصائل الخارجة عن الإجماع ،كيف ستتصرف الفصائل الحليفة والصديقة لنا؟

فهل ستقف على الحياد؟ ! أم أنها ستكون مع هذا الطرف أو مع ذاك الطرف؟!هذه أسئلة صعبة لكنها واقعية والمفترض الاجابة عليها.

وإذا ما أردنا أن نكون منطقيين في الإجابة، فإن هذه القوى الصديقة الموجودة في المربعات الأخرى حيث القوى المعارضة ستكون محرجة جداً فهي لا تستطيع خوض المعركة إلى جانب حركة فتح في أي صراع لانَّ هناك إصرار على عدم التفجير ، وهي طبعاً لا تنكر ذلك وتقول انها لا توافق على ما تقوم به هذه المجموعات من عمليات قتل،  وإذا كانت الفصائل الصديقة هي اليوم مُمثَّلة في القيادة السياسية العليا، وفي القوة الامنية، وفي قيادة العمل اليومي، وهناك شراكة وتعاون في الحراك السياسي والوطني الذي يتم يومياً، فهل هذه العلاقة، وهذه الصلة  تفرض عليها أن تؤدي دوراً في المعالجة بشكل  او بآخر من خلال علاقتها القائمة؟ أم انها ستختار دوراً حيادياً  تجاه ما يجري؟ وإذا اختارت هذا الدور الحيادي تجاه ما يجري على ارض الواقع، فهل هذا يعفيها من مسؤولياتها التاريخية تجاه ما سيشهده مخيم عين الحلوة من إغتيالات، وتفجيرات، وتدمير، وتهجير؟

أليس من حق القيادة السياسية المعنية بكل مخيم عين الحلوة، وبكافة المخيمات أن تأخذ قرارات واضحة وملزمة لكافة القوى الموجودة في المخيمات بما فيها، وقبل الجميع مخيم عين الحلوة؟!!

ألا تستطيع القيادة السياسية للفصائل وخاصة القوى الاسلامية فيها ان تبيِّن للقوى المعارضة وبالخط العريض أنَّ مصلحة المخيم واهله فوق كل الاعتبارات، وفوق مصالح كافة الفصائل، وأنه غير مسموح لأحد أن يدمِّر صيغة التفاهم المشترك التي تحمي المخيم وأهله، وانه غير مسموح أن تكون هناك مربعات أمنية خاصة بهذا التنظيم او ذاك.

اليس من المنطق أن تستعين القيادة السياسية الجماعية بالقوة الأمنية لإعطائها الدور المطلوب في أماكن التوتر،  والمربعات المغلقة، للتغلب على الواقع المأساوي والمتفجِّر باستمرار، ووضع حدٍ نهائي لمأساة مخيم عين الحلوة حتى لا يصيبه ما اصاب مخيم نهر البارد كما يقول الجميع؟

وإذا ما رفضت هذه المجموعات الخارجة عن الاجماع الوطني هذه الإجراءات واختارت التحدي فما هو موقف القيادة السياسية، والقوة الأمنية نظرياً؟ وما هو الموقف عمليا؟ وبالتالي من هم هؤلاء الذين اختاروا التحدي؟!! وهل سينجحون في تحديهم، وتنفيذ مشروعهم؟! وماذا ستقول القيادة السياسية لأهالي مخيم عين الحلوة المشردين بفعل الاشتباكات والمخاوف الأمنية؟

وهل سيبقى إصبع الاتهام موجهاً دائماً إلى حركة فتح المُستهدفة أصلاً والتي دفعت هذا العدد الكبير من الشهداء؟!! آن الآوان أن يعيد الجميع حساباته جيداً. وأن يدرك الجميع بأن حركة فتح حريصة على المخيمات وأهلها، وانها ضحت وتضحي من أجلهم، لكن حركة فتح حريصة أيضاً على دماء شهدائها، فدماؤهم أمانة في أعناق قيادتها، وكوادرها، ولذلك نحن طالبنا بالمحاسبة واللجوء إلى العدالة، وحركة فتح تمهل ولا تهمل، وفتح لها كل الثقة برفاق الدرب.

الأخطار كجبيرة، ولذلك القرارات القيادية يجب أن تكون حاسمة وميدانية وبحجم المخاطر والتحديات، حتى لا نفقد المخيم، واعتقد أن القيادة الجماعية إذا ما حسمت أمرها فإنها قادرة على الحل والربط، ووضع النقاط على الحروف

google-playkhamsatmostaqltradent