في الطريق الى مدينة صور يستوقفني مشهد البحر ، وخاصة من قبل السائحون الهربون من حرارة الطقس ، وفي رحلتي كلّ مرة اقف امام صورة ترتسم الملامح نفسها على الشاطئ.
لكن، هذه المرة كنت برحلة اطفال اردوا الذهاب الى بحر صور شعرت أنّ شيئاً غريبا بداخلي نحو البحر تغيّر، ذلك الشيء الذي تتعالى عليه المدينة برصيف مرتفع عنه بعدّة أمتار، ونحن نسيّر بمحاذاة البحر، ترى ناس مختلفة كليا لكل انسان عاداته ،شعرت في لحظتها اني اشاهد حلقات مسلسل، حيث الناس تسبح وتمرح وترقص ، ربّما لذلك يصطنعون دائماً كل شيء، يصطنعون السعادة والرقص والحب، ينفقون معظم أموالهم على تزييف مظهرهم،يبدو أنّ البحر فرض على الجميع أن يرقص بمحاذاة الموت، حتى لا يقتله الخوف والوحدة.
كثيراً ما يراودني إحساس عجيب بالدهشة والعظمة والشموخ، وأنا أقف أمام البحر، وأتأمل امتداده الأفقي اللا محدود،وزرقة مياهه، والتي هي أشبه بزرقة عيني طفل بريء لم ترعيناه نور الشمس بعد، وأتأمل أمواجه المتدفقة، وهي تتكسر على شاطئه ،و في حركتي مع الاطفال على البحر ،عوامل تكتسبها أشكالا وتيجاناً جميلة ،وكأن نحاتاً مبدعاً ،أبدع في نحتها وتكوينها،ولانه لا وجود لملاعب الطفولة في مخيمنا ، ارى ان اصبح من واجبنا ان نعمل على توفير شيئ لاطفالنا من خلال النزاهة الى البحر، حيث ترى بأنك تقذف بكل المكنونات نحو شطآن أحلامك،حتى تحب الحياة ،وتلفظ كل الكائنات الميتة،وتلفظ كل من يخالفك الأوامر،فأنت الآمر الناهي في محيطك المتلاطم، والذي لايعرف التواضع والرحمة، فالبحر اصبح بالنسبة لنا القلب الدافئ، بدفء مياه وعواطفه التي تتدفق في شرايين الناس .
وانا اقف على البحر تذكرت ما كنا نسمعه عندما كان ابطال فلسطين ينفذون عملياتهم البطولية عبر الزورق المطاطي الذي يتهاوى بين الأمواج، فكانت علية نهاريا الاولى والثانية وعيرها من العمليات وكانت عملية دلال المغربي، فهذا الشيئ يؤكد على حب الوطن، والحنين إلى العودة إليه والعيش في ربوعه ، أريد أن أعود الى موطني البحر، وهذا أمر يصعب على الأطفال أن يدركوه من هذه الرحلة.
ختاما: اقول أيها البحر أنّ في جمرة شمسك عند الغروب،لون قلوب المحبين ، صحيح الشمس تغرب ويغرب في غروبها كلّ أمل في رحلة الاطفال ،ولكنها نظلّ نتفاءل بشروق جديد فيه كلّ الحب والخير لمحبي الخير وإنسانية الإنسان جميعاً، كما اقول الشمس تنشرَ أشعتَها الذهبيةَ فوقَ بساطِ أمواج البحر ،وتنشر آياتِ سحر الطبيعة وجمال غروب الشمس على شاطئ البحر،هذا البحر سيبقى مسبحَ الأحلامِ لكل الناس لا فرق فيه بين فقير وغني .
اعلامية فلسطينية