أكتــبُ في البأســـــاءِ أشـــعاري
والقلــبُ مــن بَلْـــواهُ في نـــارِ
قصــــائــدي بالحـــزنِ مُترَعــةٌ،
وأحــرفــي في بَحْـــــــرِ أكـــدارِ
أحــيــــا مـــع الآلامِ يجـــرحُنــي
أنْ لا أرى أهلـــي ولا جــــاري
لــي بقعـــةٌ في الأرضِ أعرفُهـــا
أحجــــارُهــا حبّــي وتذكـــاري
في وَسْـــطِها «الدامــونُ» لـؤلـــؤةٌ
شَـــعَّـتْ، فأرضـي دِفُــقُ أنــوارِ
غــرامُهـا فــي القلـــبِ يـذكـــرُهُ
أهلـــي وأصحــــابــي وسُــمَّاري
كــأنّـمـــــا ذرَّاتُ تُــربـتـِهــــا
مجبــولَــةٌ فــي عُـمْـــقِ أغــواري
تُضــيءُ فــي عينـــيَّ رؤْيتُهــــا
مَـــــــلأى بأحـــــلامٍ وأســــرارِ
يــا حُسْـــنَهــا لمـّــــا أُعـــانقُهــا
والبَـــوحُ فـي عينــي وأفكــــاري
كانـت وكــانَ الحــبُّ يَعمُـرُهـا
فاليومَ ليسَــتْ غيـــرَ أحجـــارِ
الـــرَّونــقُ الفـتــَّــانُ مُحتَضَـــرٌ
مــا بيــنَ أطـــــلالٍ وآثــــارِ
جدرانُهـا في الأُفْـــقِ شــــاحـبـةٌ
مصلـــوبـةٌ فـي كــفِّ جـــزَّارِ
الرِّيـــحُ تعـــوي فــي ملاعبِهـــا،
واللَّيــــلُ فيهـــا دونَ أقمـــارِ
مهجـــــورةٌ داري، مُــشـــــــرَّدةٌ
أطيــــارُهــا فــي كــــلِّ أقطـــارِ
مــــاتَ الرَّبيـــعُ الفـــذُّ مُختنِقــــاً
مــــا عــــادَ يزكـــو حُلْـــمُ آذارِ!
********
طــــالَ انتظـــــاري، يــا أحبّـتَـنـا
ونحــنُ نحيــــا خلـــفَ أســـوارِ
فــي موكـــبٍ أطيــافُـنـا عبَـــرَتْ
فيـــهِ علــى رُعــــبٍ وأخطــــارِ
تبـــــدو مـــع الأيــــامِ نكبتُـنــا
فــي كـــلِّ لـــؤمٍ بؤسُـــهُ عــاري
والجــــوعُ للأوطـــانِ فـي مُقَـــلٍ
لم تُغضِـبهــا أطمــــاعُ سَمْســـارِ
تنتــابُنــي الآلامُ عـــاصفـــــــةً،
وتغـمــــرُ الأرزاءُ أطـمـــــــاري
وفي الخيـــــامِ السُّــــودِ تَحـــرِقُني
حـقـيقـــةٌ تلهــــــو بأقـــــداري
إنْ جـــــرَّحَ الشُّــــذَّاذُ لي حُلُـــماً،
أو داسَ وَغــدٌ فــوقَ أزهــــاري
عكَّــــاءُ، يـــا حُلْمــاً أُســـامــرُهُ،
يـا مَجــــدَ أحـــلامي، ويا غــاري
أســـــوارُكِ الســـمراءُ أذكــرُهــا
والنهـــرُ حــــبٌّ بالمُنــى جـــاري
إنْ طــــالَ بُـعـــدٌ عـنــكِ أرمَضَنا
فالصُّــبحُ آتٍ رغـــمَ أشــــرارِ
هـذي قيـــودُ الــــذلِّ نَحْطِمُهـــا
فــي يــومِ ثــأرٍ صــاعـقٍ ضــاري
إنْ يَصــْبِر المــأســورُ فــي ألـمٍ
فالصَّمـــتُ إنـــذارٌ لإعصــــارِ
إذْ تغضـــبُ الأحــــرارُ غَضْبَتَها
والمــــوتُ في أشــــفارِ أحـــــرارِ
يا أرضَــنـا، لــي موعــــدٌ أبـــداً
هـــذي دمــائـي بعـــضُ إقـــرارِ!
.
فــالثـــأرُ فـي عينــيَّ منـتـظـــرٌ؟
يـــا قُــدسَــــهُ يومـــاً بــهِ ثـاري!
يـا طـولَ مـا أشـــواقُــنـا حَمَلَـــتْ
مـن لــوعـــةِ التَّـشـــريـدِ والعــارِ
والـدربُ عبــرَ اللّيـــلِ مُغلقــــةٌ
فكيـــفَ يـدنــــو الرّكــبُ للدَّارِ؟
نَلْقـى هـــوانَ البُعــــدِ.. لا قَـــدَرٌ
يقــوى علــى بـأسٍ وإصـــــرارِ
نَمضــي، وهـــذا الليـــلُ نســلكُهُ
فـي عــزمِ ماضــي الخَطْــوِ جبّــارِ!
.
من ديوان باب فلسطين
22/2/1966
المغفور له بأذن الله كمال كامل حمادة