هيثم الموسوي: النشرة
أدى وقف إطلاق النار إلى ازدهار عدد من الأعمال المرتبطة بشكل وثيق بعودة السكان إلى بيوتهم، مثل شركات التنظيف. قبل الحرب، اقتصار عمل هذه الشركات على التزام أعمال رفع النفايات والتنظيف في المكاتب والمؤسسات الكبيرة، حيث تقدم خدماتها بتكاليف منخفضة، وبشكل أكثر استدامة. وترفع عن كاهل الشركات تكلفة توظيف عمال بصفة عامل نظافة. أما بعد الحرب، ومع اتساع رقعة الدمار والخراب الذي تسبب به القصف الإسرائيلي، اتسعت رقعة عمل شركات التنظيف، لتشمل البيوت السكنية، ما ضاعف أعمالها، ورفع من أرباحها بنسب وصلت إلى 200%. فتنظيف غبار المعارك ليس بالمهمة اليسيرة
منذ اتفاق وقف إطلاق النار في 27 تشرين الثاني الماضي، سجّل انتعاش شركات التنظيف والعاملين في هذا المجال. الأمر مرتبط بكون هذا العمل يقع في صلب تسهيل عودة السكان إلى منازلهم وأكثرها أهمية لعودة النازحين. بحسب تصريحات عدد من أصحاب الشركات العاملة في هذا المجال، فإن أعمالهم تضاعفت من 3 مرات إلى 4 مرات، وارتفعت أرباحهم بنسبة وصلت إلى 200% مقارنةً مع المدة السابقة للحرب، ووفقاً لتوصيفهم «الزعلانين أكثر من المبسوطين».
في مكاتب هذه الشركات، هواتف لا تهدأ مثلها مثل آلات عدّ الأوراق النقدية، وفرق عمل تدور على البيوت وتعمل 16 ساعة يومياً، وطالبو عمل ينزلون على الأرض من دون أي خبرة مسبقة في مجال التنظيف، لتلبية الطلب المتعاظم. من اللحظة الأولى لوقف إطلاق النار «انهالت طلبات تنظيف البيوت علينا، وفاقت قدرتنا على التلبية»، يقول محمد حمود صاحب شركة «Hclean»، مشيراً إلى أنّ «حجم الأعمال تضاعف 4 مرات مقارنةً مع شهر أيلول الماضي». قبل انطلاق الحرب، كانت شركة حمود تعمل في مجال تنظيف المكاتب والمؤسّسات بشكل أساسي «أما الشقق السكنية، فلم تكن من ضمن أولوياتنا» لأن الطلب على تنظيف المنازل كان يقتصر على «الشقق غير المسكونة بعد الانتهاء من ورش إعادة ترميم أو تحسين». أما بعد الارتفاع الكبير على الطلب وندرة العرض، فارتفعت كلفة ساعة تنظيف من 3 دولارات إلى 7 دولارات، أي بزيادة نسبتها 130%.
ورغم ارتفاع سعر الساعة «لا يمكن أن تجد بسهولة شركات أو عمالاً لتنظيف البيوت»، وفقاً لسحر التي تنتظر موعداً لتنظيف منزلها ليصبح جاهزاً لاستقبال عائلتها. وتشير إلى أنّ «الحي الذي تقطنه لم يتعرّض للقصف المباشر، إلا أنّ ترك المنزل لشهرين متتاليين وسط الغبار وغيرها من المواد التي تتطاير مع كل ضربة جعله غير قابل للسكن، لا سيّما بعد فساد كلّ محتويات البراد». وهو ما دفع سحر إلى طلب خدمات التنظيف، «لكني يئست من انتظار موعد من شركات التنظيف»، فاستعاضت عن خدماتهم باللجوء إلى «عاملة أجنبية». لكن، هؤلاء أيضاً خضعن للقاعدة السابقة، إذ «تحولت العاملة الأساسية إلى مديرة أعمال عدد من العاملات اللواتي تؤمّن لهنّ أعمالاً، مستخدمةً علاقاتها مع الزبائن». وفي المقابل «تحصل العاملة المديرة على نسبة من أجرة العاملات اليومية، فتأخذ دولاراً عن كل ساعة عمل»، وفقاً لسحر