نزح نحو مليون ونصف المليون شخص من الأماكن التي تعرضت للعدوان الإسرائيلي في لبنان إلى أماكن أكثر أمناً، ومن بينهم عدد كبير من اللاجئين الفلسطينيين المقيمين في مخيمات وتجمعات صور، وكذلك من مخيمات بيروت ومحيط الضاحية الجنوبية، ومن مخيم الجليل.
ولا توفر أوضاع النزوح لأطفال اللاجئين الفلسطينيين متطلبات التعليم الأساسية، فضلاً عن التعليم عن بعد، فالأشخاص الذين نزحوا تحت وطأة التهديد والخوف لم يحملوا معهم حتى ملابسهم، والتعليم عن بعد يحتاج إلى حواسيب أو هواتف ذكية، كما يحتاج إلى توفر الإنترنت والكهرباء، وكلّ هذا غير متوفر في مراكز الإيواء.
وتقدم وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا" خدمات التعليم لنحو 37 ألف طالب، في 65 مدرسة منتشرة في أنحاء لبنان، وقررت الوكالة بدء العام الدراسي الجديد عبر التعليم عن بعد، وعقد عدد من مسؤولي الوكالة، أخيراً، لقاء افتراضياً مع وفد من اتحاد معلمي مدارس "الأونروا"، لمناقشة خطة التعليم في المخيمات الفلسطينية.
تقدم وكالة "الأونروا" خدمات التعليم لنحو 37 ألف طالب في لبنان
وأكدت مديرة برنامج التربية والتعليم في "الأونروا"، ميرنا شما، خلال اللقاء، أن لديهم خطة مكونة من عدة مراحل، إذ تبدأ المرحلة الأولى في 11 نوفمبر/تشرين الثاني بدوام المعلمين، وفي 18 من الشهر ذاته للطلاب عبر مجموعات "واتساب"، وتنتهي بنهاية الشهر، وهدفها التحضير والتواصل مع الطلاب. موضحة أن كل مدرسة ستقوم بإنشاء مجموعات "واتساب" لأفراد كل شعبة، وسيتولى معلمو الصفوف التواصل مع الطلاب من دون تحديد مدة للدوام اليومي، على أن يكون الدوام أربعة أيام في الأسبوع، ومن الممكن أن يكتفي المعلمون بالتواصل مع الطلبة لمدة ساعة واحدة يومياً.
وأشارت شما إلى أنه سيتم تحديد طبيعة المرحلة الثانية بناءً على التقييم المستخلص من المرحلة الأولى، وسيتم اتخاذ القرارات استناداً إلى ذلك، مع التأكيد على ضرورة المحافظة على الطاقم التعليمي، مشيرة إلى أنه جرى مناقشة ملف إنصاف المعلمين المياومين أيضاً، ووعدت إدارة الوكالة بتلبية الحاجة وفقاً لمتطلبات المدارس، كما سيتم إطلاق رابط إلكتروني محدّث لتسجيل الطلاب الذين لم يسجلوا بعد في مدارس الوكالة.
ويؤكد معلمون فلسطينيون إدراكهم لحجم الصعوبات التي تواجه "الأونروا"، لكنهم تنتابهم مخاوف من إطلاق العام الدراسي عن بعد "أونلاين" في ظل عدم توفر الإنترنت لدى الطلاب، النازحين وغير النازحين، فضلاً عن انقطاع التيار الكهربائي.
تقول اللاجئة الفلسطينية هاجر الحايك، النازحة من مخيم برج الشمالي في صور: "عندي ثلاثة أطفال في مراحل الدراسة المختلفة، وابنتي في الصف التاسع الأساسي (بروفيه)، وهذا القرار غير صائب، فنحن بالكاد نستطيع الحصول على طعامنا من الجمعيات، فكيف سيتعلم أولادنا بينما لا تتوفر لديهم أية مستلزمات؟ لا نملك قرطاسية ولا أقلاما ولا دفاتر، فكيف بتوفير الحواسيب والإنترنت؟".
تتابع: "نحرص على أن لا يُحرم أبناؤنا من التعليم، لكن هذا يحتاج إلى آليات ومستلزمات، ونطالب أونروا بأن توفرها قبل أن تطلق العام الدراسي أونلاين، خصوصاً الإنترنت، وأن تؤمّن لنا الملابس، فنحن على أبواب فصل الشتاء، وقد نزحنا بالملابس التي علينا، كما أن أولادنا بحاجة إلى معالجين نفسيين قبل بدء التعليم. هناك صعوبات عدة تواجه التعليم عن بعد من الأساس، وكانت لنا تجربة خلال فترة كورونا، والآن ستزداد الصعوبات لأننا نازحون، فلسنا في بيوتنا، وأوضاعنا سيئة للغاية، ونعيش 30 شخصاً في غرفة واحدة".
تضيف الحايك: "لديّ ابنتان في الجامعة، وليس باستطاعتي تأمين أقساطهما الجامعية بعد النزوح، والمبالغ تتراكم علينا، ونتمنى من الوكالة أن تقدم لنا المساعدة في تأمين الأقساط. التعليم الجامعي أيضاً أونلاين، لكن ابنتيّ لا تستطيعان حضور المحاضرات الافتراضية بسبب عدم وجود الإنترنت، وتأخذان المحاضرات المسجلة من رفاقهما".
بدوره، يقول اللاجئ الفلسطيني أحمد نعيم، والذي نزح من مخيم الرشيدية: "عندي أربعة أولاد في مدارس أونروا، والتعليم بالنسبة لنا أولوية، لكن في ظل النزوح سنواجه صعوبات عديدة. أولادي يعيشون في خوف، وقد تغيرت تصرفاتهم بعد النزوح، ولا نملك أيّ إمكانيات للتعليم الافتراضي في مركز الإيواء، وإن سلمنا جدلاً بحتمية التعليم الافتراضي، فإنه لا يصلح مع الأطفال الصغار الذين يحتاجون إلى معلم يتابع معهم مباشرة. القرار غير صائب، إذ لا تتوفر الكهرباء، ونحصل عليها لساعات محدودة يومياً، كما أنّ الإنترنت غير متوفر. وكان على الوكالة أن توفر هذه الأمور قبل القرار".