اكتشفت المديرة التنفيذية للاونروا في الولايات المتحدة، مارا كروننفيلد، حملة إعلانية موجهة ضد منظمتها حين كانت تجري بحثا روتينيا على محرك بحث غوغل عن اسم "الأونروا
وما أثار دهشتها أنها وجدت أن أول نتيجة من نتائج البحث كانت إعلانا يبدو أنه يروّج للوكالة، ولكن عندما ضغطت عليه توجهت إلى موقع حكومي إسرائيلي يطلق اتهامات متنوعة ضد الأونروا، ويصورها كواجهة لحركة حماس، كما يدعو الجمهور للتشكيك في حياد الوكالة وفعاليتها، حسب ما أشار تقرير وايرد.
وسرعان ما أدركت كروننفيلد أن هذا الإعلان يمثل جزءا من حملة إعلانية منسقة ومستمرة تقودها الحكومة الإسرائيلية على الإنترنت.
كانت تلك الإعلانات مصممة بصورة مضللة للتأثير على وجهة نظر المتبرعين المحتملين لوكالة الأونروا في الولايات المتحدة، وهي منظمة غير ربحية تجمع التبرعات لدعم عمليات الوكالة في قطاع غزة.
ويبدو أن تلك الحملة الإعلانية الموجهة على الإنترنت جزءٌ من إستراتيجية إسرائيلية أوسع تستهدف الوكالة، خاصة في نظر المتبرعين الدوليين.
فمن خلال شراء إعلانات غوغل لكلمات بحث مثل "الأونروا" و"الأونروا في الولايات المتحدة"، سعت الحكومة الإسرائيلية إلى توجيه المانحين المحتملين إلى صفحات مواقع تحوي سلسلة من الاتهامات للوكالة.
وتزعم هذه الصفحات أن الأونروا لم توضح موقفها من توظيف أعضاء من حركة حماس ومدى حياد الوكالة، كما تدّعي أن الوكالة تفشل في فحص مرافقها بالشكل الكافي ضد أي ممارسات متطرفة.
أثرت تلك الحملة الإسرائيلية بصورة واضحة على جهود جمع التبرعات للأونروا في الولايات المتحدة، رغم صعوبة تحديد حجم هذا التأثير بدقة، كما ذكرت مارا كروننفيلد.
ففي عام 2023، وبعد اندلاع الحرب على قطاع غزة، ارتفعت التبرعات لمصلحة وكالة الأونروا في الولايات المتحدة، إذ جمعت أكثر من 32 مليون دولار من نحو 73 ألف متبرع، مقارنة بنحو 5 ملايين دولار فقط من نحو 5700 متبرع في العام السابق.
يعود هذا النجاح جزئيا إلى إعلانات البحث على محرك غوغل، التي استهدفت المستخدمين الباحثين عن معلومات عن قطاع غزة وكيف يمكنهم تقديم المساعدات الإنسانية.
ومع ذلك، تسببت الحملة الإعلانية الإسرائيلية في تعطيل تلك الجهود. فوفقا لبيانات الأونروا في الولايات المتحدة، وخلال الفترة من مايو/أيار إلى يوليو/تموز 2024، ظهرت الإعلانات الإسرائيلية المضللة بنسبة 44% من الوقت في نتائج البحث على غوغل. في المقابل، ظهرت إعلانات الأونروا بنسبة 34% فقط من الوقت.
هذا التفاوت أجبر وكالة الأونروا في الولايات المتحدة على إنفاق عشرات الآلاف من الدولارات، بالإضافة إلى كثير من وقت موظفيها، في محاولة للتفوق على الإعلانات الإسرائيلية في نتائج بحث غوغل.
ورغم هذه التحديات، استمرت الأونروا في الولايات المتحدة في جمع مبالغ تبرعات كبيرة، إذ كانت التبرعات في النصف الأول من العام الجاري تعادل مجموع التبرعات للعام الماضي 2023 بأكمله.
ومع ذلك، لا تزال مارا كروننفيلد قلقة إزاء التأثيرات الطويلة الأجل لتلك الحملة الإسرائيلية، خاصة في ما يتعلق بفهم الجمهور الأميركي لدور وكالة الأونروا.
وتخشى أن يؤدي تعرض المستخدمين الأميركيين لما تصفه بالدعاية الإسرائيلية إلى تقليل الدعم المستقبلي من الحكومة الأميركية التي كانت أكبر مانح للأونروا عبر التاريخ، وهو ما حدث فعلا في 27 يناير/كانون الثاني الماضي حين أعلنت الولايات المتحدة تعليق دعمها المالي للأونروا، كما اتخذت 9 دول أخرى قرارات مماثلة، بناء على ادعاء إسرائيل أن موظفين يعملون بالوكالة شاركوا في عملية طوفان الأقصى.
طلبت مارا كروننفيلد وفريقها المساعدة من غوغل، على أمل مواجهة هذه الحملة المضللة. ولكن رد غوغل كشف عن العلاقة المعقدة التي تحافظ عليها الشركة مع عملائها، خاصة مع الحكومة الإسرائيلية، وفقا لتقرير وايرد.
في البداية، أزالت غوغل بعض الإعلانات الإسرائيلية بعد تلك الشكاوى، ولكن سرعان ما عدلت الحكومة الإسرائيلية حملتها، واستأنفت جهودها بإعلانات جديدة بصياغة معدلة قليلا.
تضمنت تلك الإعلانات عناوين مثل "حياد الأونروا موضع شك" و"إسرائيل تكشف مشكلات الأونروا"، واستمرت في الانتشار داخل الولايات المتحدة وأوروبا.
ويرى فريق الأونروا في الولايات المتحدة أن هذه الإعلانات المعدلة لا تزال تنتهك سياسات شركة غوغل، لكنها استمرت في الظهور، لتزيد من تعقيد جهود جمع التبرعات، وأوضح هذا الأمر مدى تواطؤ شركة غوغل مع الحكومة الإسرائيلية.
متابعة *الهيئة 302 للدفاع عن حقوق اللاجئين*