بقلم: علي خيرالله شريف
ليست الشهادة هي التي تصنع أستاذاً وطنياً، فكم من حَمَلة شهادات ساهموا في تدمير أوطانهم.
قرأنا بالأمس خبراً مُدهِشاً، يُفيدُ أن طلاب كلية العلوم الاقتصادية وإدارة الأعمال في الجامعة اللبنانية الفرع الخامس، فوجئوا بأن امتحان مقرر حقوق الإنسان يتضمن أسئلةً عن منع الصحافية الكويتية الـمُطبِّعة مع العدو “فجر السعيد” من دخول الأراضي اللبنانية. وبدا من صيغة الأسئلة أن السائل يعتبر رفض الأمن العام اللبناني منح تأشيرة دخول للعميلة “السعيد” كان بسبب رأيها السياسي، وفي ذلك تسميم لأذهان الطلبة وتضليل للرأي العام عن حقيقة الموقف المتعلِّق بالنشاط التطبيعي الخبيث الذي تسلكه تلك المرأة الكويتية، والمتعلق بترويج التطبيع مع العدو، والتعدي المستمر، عبر وسائل الإعلام والتواصل، على رموز وقادة لبنانيين. وصَوَّر واضع الأسئلة، تصرُّف الأمن العام اللبناني وكأنه مَسٌّ بحقوق الإنسان. فطلب من الطلاب الإجابة على ثلاثة أسئلة حول الموضوع، ونحن نرى من واجبنا وواجب كل وطني الإجابة على تلك الأسئلة بالنيابة عن كل لبناني شريف:
السؤال الأول طلب فيه السائل “العبقري” من الطلاب تعريف حرية الرأي في القانون اللبناني، ونحن نجيبُه أن قصة فجر السعيد ليست قصة حرية رأي سياسي، بل هي قصة تعامل مع العدو وقدح وذم بحق من يقاوم ذلك العدو، فكانت هذه المخلوقة الكويتية الـمُعتَدَّة بمواهبها الضئيلة وبإمكانياتها التطبيعية البارزة مع العدو، تعمد إلى نشر الشذوذ الوطني والقومي والأخلاقي. وليس في القانون اللبناني حرية رأي تَمنح تلك المرأة حرية ارتكاب تلك الجنايات، حتى ولو كانت قادمة من المشيخات والممالك ومن كل السلطنات والإمبراطوريات. وهذه الحرية التي تزعمها أنت في سؤالك، هي التي أشعلت في لبنان كل الحروب الأهلية، واليوم تحضر لحرب أهلية جديدة. وهي نفسها الحرية التي دمرت الوطن العربي منذ بداية ما يسمى بالربيع العربي المشؤوم. والقانون اللبناني لا يَعتَبِر فجور “فجر السعيد” حرية رأي إنما هو اعتداءٌ سافر على لبنان، وشتمٌ وَقِحٌ لقسم كبير من شعبه. إذن لا يحق لها، بحسب قانوننا الذي تجهله أنت، أن تدخل إلى لبنان، بل يحق للبنان فرض الحظر عليها وإقامة دعاوى قضائية ضدها في شتى أنحاء العالم.
وفي السؤال الثاني طلب جهبذ الحرية من الطلاب التَحَدُّث عن حرية التَنَقُّل، وكأن الدول العربية ومنها دولة فجر السعيد، تفتح حدودها لحرية التنقل لكل العرب وخاصةً للبنانيين، دون ألف عائق وألف كفيل، وألف مِنَّةٍ وأذىً، ودون أي سجن ولا تعذيب للمقيمين اللبنانيين فيها، ودون ألف تلفيقةٍ وتجريمٍ وتخوين. وكأن الأمن العام اللبناني هو الذي انتهك هذه الحرية للتنقل عندما منعها عن المدعوة فجر السعيد. ويبدو أن ذلك العبقري المتفلسف، يعشق إطلاق العنان لحرية التنقل على مساحة لبنان فقط للمطبعين والشاذين والأعداء، ولجميع أنواع الاستخبارات العالمية التي تسعى إلى تفتيت لبنان كما فتتت الدول العربية المعروفة. فعن أي حرية تنقُّل تتكلم أيها المنتحل لصفة الحرية؟ ووفق أي قانون تريد إطلاقها في لبنان؟
أما إجابتنا على السؤال الثالث الذي طلب فيه من الطلاب إبداء الرأي عن مدى توافق أو تعارض ما حدث مع “السيدة فجر السعيد”، مع حقوق الإنسان، فهي على شكلِ سؤالٍ لهذا السائل المتبجح: عن أي حقوق إنسان تتحدث؟ هل تتحدث عن الحقوق التي تتعامى عن قتل الشعب الفلسطيني ودكِّه في المعتقلات، وعن ارتكاب المجازر بأطفاله ونسائه وشيوخه؟ أم عن أحكام الظلم والتجني التي تطلقها بعض الدول المجاورة لفجر السعيد بحق اللبنانيين، دون أن تنتفض حضرتك وحضرة دولتك نصرةً لهم؟ وهل حقوق الإنسان تعطي الحق لهذه الصحافية الـمُطَبِّعَة أن تُفَجِّرَ حقدها وقلة أدبها ضد من تريد من اللبنانيين، دون أن يحق لنا الاعتراض عليها؟ ومتى كان القانون اللبناني، بتجريمه للتطبيع مع العدو، يمس حقوق الإنسان؟
يبدو أن منظم هذا الاختبار هو مصابٌ بجهل مُرَكَّب، فمن ناحية هو جاهل بالقانون اللبناني الذي يجرم التطبيع مع العدو في قانون مقاطعة إسرائيل الصادر في 23 حزيران 1955، ومن ناحية ثانية هو جاهلٌ بما ورد في المخططات الصهيونية لبلادنا ومنها تلك التي تكلم عنها “عوديد إينون” عام 1982 والتي ينفذونها اليوم بحذافيرها، وتنص على تفتيت لبنان إلى خمس دويلات طائفية في إطار تفتيت الدول العربية، لإضعافها ثم ابتلاعها والسيطرة على ثرواتها وإبادة شعوبها دون تمييز بين مسلم ومسيحي، ودون تمييز بين استاذ جامعي غبي وأستاذ جامعي عنده بعض الثقافة والبصيرة.
هل وصل بنا الأمر في لبنان إلى هذا المستوى من الفلتان الوطني والإداري والقانوني والتربوي في ظل حكومة تصريف الأعمال الميقاتية، وإلى هذا المستوى من التمرد على القانون وعلى السلطات التي تنفذ القانون؟
إن الأمن العام اللبناني والقوى الأمنية اللبنانية، هم الوحيدون المخَوَّلون تطبيق القانون اللبناني، ولنا فيهم كل الثقة بالسهر على مصلحة الوطن والمواطنين.
إننا ندعو إلى محاسبة هذا المدسوس في الجامعة اللبنانية، وندعو كل الفعاليات التربوية في كل مؤسسات الوطن إلى الوقوف بوجه هؤلاء الزاحفين والمطبعين، الذين يحاولون تشويه العقيدة الوطنية.