recent
أخبار الساخنة

الاعلام الفلسطيني في لبنان.. سطحية وحالة من التخبط والفوضى... بقلم عبد معروف

الصفحة الرئيسية


يسيطر على الاعلام الفلسطيني في لبنان حالة من التخبط والفوضى، إعلام سطحي، لا يؤدي مهمته المطلوبة، فلا هو إعلام توثيقي، ولا هو إعلام تحريضي، كما يجب أن يكون الاعلام في مرحلة التحرر الوطني ومواجهة التحديات الوطنية والانسانية التي يتعرض لها الشعب والوطن.
والاعلام الفلسطيني في لبنان، هو إعلام الفصائل وقياداتها، وبالتاليـ فإنه انعكاس مباشر لحالة التخبط والضعف والفوضى التي تعيشها الفصائل الفلسطينية في لبنان، سواء اعترفت بذلك أم لم تعترف كما هي "النعامة عندما تغطي رأسها".
وتصرف للاعلام الفلسطيني في لبنان  الأموال والموازنات والمكاتب والمقرات والسيارات والمكيفات والمولدات، من أجل أن يؤدي دوره الوطني تجاه شعب وقضية، ولكن لا يبدو في الأفق أن هناك نتائج ملموسة تمكن هذا الاعلام الفصائلي من تحقيقها، ولو توفرت هذه الامكانيات لأي حراك إعلامي في العالم لتمكن من بلورة رأي عام ووعي وطني يمكن من خلاله تحدي العالم .
لذلك، فالشعب المعني بالاعلام، أو قطاع المثقفين والاكاديميين المهتمين بالاعلام، لا يبدو أنهم يتابعون الاعلام الفلسطيني باهتمام كبير، ولا يبدو أن هذا الاعلام له مكانة بارزة في تشكيل الوعي الوطني الفلسطيني على الأقل، فلم يعد هو مجلة فلسطين الثورة، والهدف، والحرية ونضال الشعب والقاعدة، ولم يعد هو الاعلام الجماهيري ومركز الأبحاث والتخطيط، رغم أن القضية الفلسطينية عامة وقضايا اللاجئين الفلسطينيين خاصة تحتاج اليوم، أكثر من كل ذلك، تحتاج لإعلام على مستوى المرحلة ويعمل على تشكيل وعي وطني وتشريح المرحلة، وتبادل الآراء، كخطوة نحو العمل ومعالجة الأزمات.
فالامكانيات المتوفرة لقطاع الاعلام الفلسطيني في لبنان، تصنع ثورة إعلامية، والموازنات التي تصرف تكفي لنهضة إعلامية عارمة، وتكفي لبلورة رأي عام مساند ليس بالهتافات والشعارات والمشاعر الوطنية فحسب و(كفى الاعلاميين التعب وبذل الجهود)، بل نهضة إعلامية حقيقية ووعي وطني عارم، ثقافة  تشد العزائم، وتحشد الطاقات والارادات وتصنع ثورة، ولكن لا نتائج ملموسة من هذا، ولا وعي متطور، حتى أن القطاعات الشعبية والنخب الثقافية وطبعا أبناء التنظيم هم أنفسهم لا يقرأون ولا يطلعون على وسائل إعلامهم.
وأمام التخبط الفصائلي السياسي والأمني في لبنان، يتخبط الاعلام الفلسطيني، فالفصائل لم تتمكن من معالجة قضايا اللاجئين في المخيمات، ولم تتمكن من وضع حد لظاهرة المخدرات والسلاح المتلفت، ولم تضع حدا للانقسام وتوحيد الموقف، لذلك لا دور لهذا الاعلام في تنظيم الصفوف وحشد الطاقات ورفع مستوى الوعي وبلورة ثقافة وطنية صلبة وموحدة لأن الاعلام يتبع هذه القوى والفصائل العاجزة والمربكة.
ولأنه إعلام فصائلي، يرى المتابع لوسائل الاعلام أن لكل فصيل إعلامه الخاص، مهمته لا تتجاوز نقل أو نشر صور القيادات وأخبار اللقاءات والاجتماعات والتكريمات والزيارات والاحتفالات وتقديم واجب العزاء.. لكن هذا ليس إعلام حركات التحرر الوطني، ولا هو إعلام مهمته تحمل مسؤولياته أمام التحديات والمخاطر التي تتعرض لها القضية الفلسطينية بشكل عام ويتعرض لها الفلسطينيون في لبنان من قهر وحصار وحرمان وتجويع وإحباط.
فالاعلام الفلسطيني في لبنان، ليس له مهمات محددة، وفي الكثير من الأحيان دخل إلى قطاع اعلام الفصائل الفلسطينية في لبنان عشرات أو مئات من الاعلاميين والصحفيين شبه أميين، لا يتقنون إلا التقاط الصورة ونقل الخبر ونشر أخبار التكريمات والاحتفالات واللقاءات وواجب تقديم التهاني والتبريكات والعزاء.
وهنا لابد من التأكيد على أن المطلوب من الاعلام الوطني أو الفصائلي أن لا ينقل للشعب "ما يجري"، لأن ما يجري سهل المنال ويمكن التقاطه من مواقع التواصل الاجتماعي والمواقع الاخبارية والراديو والفضائيات، بل المطلوب من إعلام حركات التحرر تقديم "لماذا يجري"، لأن البحث الوطني بـ"لماذا يجري" تنقل الشعب من السطح إلى العمق، ومن الشكل إلى المضمون، وليس المطلوب من الاعلام الفلسطيني "التوصيف" والسرد، إلا إذا كان التوصيف مدخلا للتحليل، وليس المطلوب النظر إلى الأحداث فقط، بل المطلوب هو وعي الحركة الواقعية برمتها وبالتالي موقع الأحداث السياسية فيها.
إنه إعلام الوعي والكشف والتوضيح، إعلام التحريض والنقد وومكافحة الاعلام المعادي والتفكيك للوعي الزائف، وإذا كانت الموازنات تصرف والمكاتب والسيارات، المطلوب اليوم أن تصرف هذه الامكانيات لتأدية مهمتها وتقوم بدورها، وهنا لابد من تحديد المسائل التي يتناولها الاعلام الوطني، لتحقيق تطور في وعي الشعب، وحشد طاقاته وتنظيم صفوفه، ورفع حالات اليأس والاحباط التي يتعرض لها،  وكيف يمكن أن يسهم الاعلام في تأسيس الوعي الوطني المدافع عن قضايا الشعب الوطن؟.
الأمر ليس صعبا إذا ما توفرت الارادات الوطنية والاعلامية الحية، وإذا ما صدقت النوايا بأن هناك هدف حقيقي من الاعلام بالدفاع عن الشعب والوطن والقضية، وعلى "الصادقين"  و"القادرين" في هذا القطاع المبادرة لتنظيم طاولة حوار تناقش سبل العمل للنهوض بإعلام وطني فلسطيني لديه القدرة على تحمل المسؤولية وتحقيق أهداف الاعلام المطلوب.
google-playkhamsatmostaqltradent