recent
أخبار الساخنة

الفصائل الفلسطينية.. مخاطر الأزمة التنظيمية عبد معروف

الصفحة الرئيسية



لم تعد خافية الأزمة التنظيمية التي تمر بها الفصائل السياسية الفلسطينية في لبنان، وأدت إلى ضعفها وتراجع دورها وقدراتها وتفكك بنيتها الداخلية.
وقد انعكست هذه الأزمة التنظيمية داخل الفصائل الفلسطينية، على الوضع الفلسطيني العام، فتراجع الوضع الأمني داخل المخيمات وعزز تجار المخدرات والتطرف الديني من تواجدهم وقوتهم، كما تراجع الوضع السياسي والاجتماعي وبرزت ظاهرة الانقسام حتى داخل كل فصيل وهذا ما أدى إلى حالة التفكك و ارتفاع نسبة البطالة والفقر والهجرة وتراجع المستوى التربوي والتعليمي وتراجع  نظافة البيئة وتعميم حالات التسول واليأس والفوضى الاجتماعية .
كما تراجع الوعي والانتماء الوطني والحماسة والاندفاع، وظهرت دعوات علنية طلبا للهجرة، ذلك لأن الشعب يحتاج في كل مراحل نضاله من أجل استعادة حقوقه والعيش الكريم، يحتاج لقوى وفصائل سياسية وليس لجمعيات خيرية واجتماعية (رغم أهميتها وضرورتها في الحياة اليومية للشعوب). ولكن ليس في قيادة الشعب وليس في مرحلة العمل على رفع مستوى وعيه الوطني وتنظيم صفوفه ومتابعة حقوقه الوطنية والانسانية، هذا عمل القوى والفصائل ومهمتها، ذلك لأن الفصائل الفلسطينية حددت في أنظمتها الداخلية أنها حركات سياسية، وحركات تحرر وطني وليس جمعيات خيرية وتقود النضال الوطني الفلسطيني.
ومادام الشعب يفتقد لهذه القوى والفصائل التي تعبر عن مصالحه وتدافع عن حقوقه وتقود مشروعه الوطني، أو هناك قوى تراجعت عن دورها النضالي وترهلت وضعفت فقد كان لذلك إنعكاسات خطيرة على حياة الشعب على كل الصعد.
فالشعب يحتاج لقوى وفصائل قوية وصلبة وقادرة على القيادة وقادرة على قيادة المشروع الوطني الفلسطيني الذي سقط من أجله الشهداء، قوى تمتلك أدوات نضالها ورؤيتها وخططتها وفي صفوفها الكادر الواعي الصلب والمندفع في المشروع الوطني من اجل استعادة الحقوق المشروعة.
وإذا كانت هذه القوى والفصائل تعاني من الضعف والأزمات التنظيمية ولم تعمل من اجل معالجتها، فإن ذلك سيؤدي إلى تفككها وعدم قدرتها على البقاء وقيادة الشعب، وبالتالي، فإن الوضع التنظيمي المهترئ لأي فصيل فلسطيني في لبنان، له أهميته وانعكاساته السلبية على المشروع الوطني العام .
وأبرز معالم التعبير عن صلابة وقوة الوضع التنظيمي هو عضو الفصيل بشكل عام وكادره بشكل خاص، ذلك لأن عضو التنظيم وكادره هو مرآة التنظيم والمعبر عن أهداف وسياسة الفصيل وهو الذي سينخرط في صفوف الشعب ويبذل الجهد من اجل تنظيم هذا الشعب ورفع مستوى وعيه وقيادته في طريق النضال الوطني. وهذا بدوره يتطلب أن يكون العضو واعيا وملتزما ومنضبطا ومندفعا ومثقفا ومتابعا ومتواضعا، يتخلى عن مصالحه الذاتية ويتخلى عن أطماعه ومصالحه لمصلحة الشعب والمشروع الوطني العام ولنا في قيادات الفصائل خلال عقود مضت خير مثال.
من الواضح أن رؤية القوى والفصائل الفلسطينية لقضية العضوية اليوم، رؤية قاصرة، وليس المقصود هنا أن المطلوب تنظيم للمثقفين والنخب السياسية وحدهم، بل أعضاء التنظيم والفصيل السياسي، هم الذين لديهم الاستعداد لخوض النضال الوطني، أي تجسيد الأفكار الوطنية التي يطرحونها عمليا وهم الفئة الأكثر نشاطا وقدرة على تقبل الأفكار السياسية الوطنية والذين قرروا خوض النضال الوطني في صفوف الشعب وميادين النضال دون هوادة.
فالتنظيم الوطني هو الذي يختار من بين الجموع، الفئة الأكثر نشاطا والأكثر استعدادا للتطور والنمو، ولأن الفصائل الفلسطينية في لبنان لم تتبع ذلك، ضعف و ترهل جسمها وبرزت ظاهرة العجز وعدم الحماسة والاندفاع إلا لدى الفئة القليلة.
وعجزت الفصائل عن المحاسبة على التجاوزات والتقصير وعدم الالتزام، رغم الحديث عن وجود  لصوص وتجار مخدرات وجهله وكسالى في صفوفها، واعتبرت أن من مهمتها هي الوعظ والارشاد لهؤلاء كي يكونوا أكثر نشاطا ويقومون بدورهم، لكن الوعظ يفيد في أماكن العبادة ولا يفيد في أطر التنظيم الثوري في مرحلة التحرر الوطني واستعادة الحقوق، وعدم المحاسبة يراكم الأزمات ويراكم العجز ويؤدي إلى التفكك والتفتت وهذا ما نراه اليوم .
google-playkhamsatmostaqltradent