recent
أخبار الساخنة

ادفع حياتي ثمنا لحقك في التعبير بقلم :ماهر الصديق

الصفحة الرئيسية





" قد أختلف معك في الرأي ولكني مستعد ان ادفع حياتي ثمنا لحقك في التعبير

عن رأيك " ، كلمات غاية في الوضوح و الإثارة قالها الفيلسوف و الكاتب الفرنسي

الساخر فولتير قبل اكثر من 300 عام ، و قد عُرف بنقده و اسلوبه الطريف في

الدفاع عن الحريات المدنية الخاصة و حرية العقيدة و المساواة و حق الانسان

بالعيش في حرية و كرامة في بلده . الاختلاف في الرأي لا يوجب العداء و الكيد

و لا ينبغي ان يوصل للانتقام و التنكيل . لقد خلق الله البشر على طبيعة الاختلاف

و لولا الاختلاف في الاراء و الافكار لبقيت البشرية ترزح في ظلمات الجهل و

التخلف . قال عزوجل في سورة هود : " وَلَوْ شَآءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ ٱلنَّاسَ أُمَّةً

وَٰحِدَةً ۖ وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ " . حقك ان تعارض موقفي ، و حقي ان ارد على

رأيك و لكن الاختلاف لا يُفسد للود قضية ، فإن العاقل يكون حليما قبل الاختلاف

و بعده . قال يونس الصدفي رحمه الله : ما رأيتُ أعقلَ من الشافعيِّ ، ناظرتُه

يومًا في مسألةٍ ، ثم افترقنا، ولقيني فأخذ بيدي، ثم قال : يا أبا موسى ألا

يستقيم أن نكون إخوانًا وإن لم نتفق في مسألة . كان العلماء يختلفون في

مسألة او مجموعة مسائل و لا ينقص احترام احدهم للآخر ، و لا قيمته و

مكانته و فضله ، الا في حال الزندقة و التشكيك بما هو معلوم بالضرورة .

ان اصحاب القوة و السلطة الذين يلجؤون للعنف و الاكراه و القتل لكل من

يخالفهم انما يمارسون دور الجلاد المستبد الذي لا ينبغي لاحد ان يفكر خارج

دائرة سياسته ، هم فراعنة اليوم يتبعون قول سيدهم الاكبر " قَالَ فِرْعَوْنُ مَا

أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَىٰ وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشَادِ " . فمواقفه هي الحكيمة و

الرشيدة و لا يقبل من احد مخالفتها حتى لو سارت بهم الى الهاوية . قال

ربنا عزوجل بشأنه و بمن اتبعه " يَقْدُمُ قَوْمَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَأَوْرَدَهُمُ

النَّارَ ۖ وَبِئْسَ الْوِرْدُ الْمَوْرُودُ ، وَأُتْبِعُوا فِي هَٰذِهِ لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ ۚ بِئْسَ

الرِّفْدُ الْمَرْفُودُ " . الطغاة عندنا لا يحتملون الآراء المخالفة ، و لا يستمعون

لها كي يستفيدوا منها و ينقذوا البلاد من الانهيار الحاصل في كافة مرافقها .

الطغاة عندنا موزعون في البيوت و المدارس و المصانع و المؤسسات الخاصة

و العامة ، و اكثرهم بطشا و تنكيلا هي السلطات الحاكمة التي تتوارى خلف

الاجهزة القمعية التي تعبث بكرامة الانسان و شرفه و عرضه لانه يختلف

معهم في مواقفه و يخالف طريقة ادارتهم للبلاد . و اسوأهم هم رجال الدين

و القضاة و الحقوقيون و المثقفون و السياسيون و الاعلاميون الذين يغطون

هذا الفساد و يدافعون عنه . رضي الله عن امير المؤمنين عمر بن الخطاب

اذ يستمع لمظلمة غير المسلم و يؤخذ له حقه من والي المسلمين و من ولده

ثم يقول له :" يا عمرو متى استعبدتُم الناسَ وقد ولدتهُم أمهاتُهم أحرارا " .




google-playkhamsatmostaqltradent