آن لنا ان نتق الله بأنفسنا و باخوتنا في الوطن و الدين و الإنسانية . آن لنا ان
نتجاوز ما يعشعش في صدورنا من جاهلية و تخلف ، و نفسح المجال لتحكيم
العقل في خلافاتنا التي لا تحتاج منا الا للتروي و التسامح و المحبة . ان كل خلافاتنا
هامشية لا تحتاج الا للجلوس و فتح القلوب و العقول ، كل خلافاتنا لفرط سخافتها
تُحل قبل ان نفرغ من ارتشاف فنجان قهوتنا . الخلافات بيننا لا تؤجج و تتوسع إلا
بسببين لا ثالث لهما : إما التعصب العائلي او القبلي او الطائفي او التنظيمي و إما
لدخول جهة معادية لها غايات و مصالح من اقتتالنا و استباحة دماءنا . و إن من
اعظم الآثام التي تودي بصاحبها الى النار رفع المسلم حديدة في وجه اخيه المسلم،
عَن أبي هُرَيْرَة عَنْ رَسُولِ اللَّه صلى الله عليه و سلم قَال : لاَ يشِرْ أحَدُكُمْ إلَى
أخِيهِ بِالسِّلاَحِ، فَإنَّهُ لاَ يَدْرِي لَعَلَّ الشَّيْطَانَ يَنْزِعُ فِي يَدِهِ، فَيَقَعَ فِي حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ .
فكيف اذا تعمد قتل اخيه ؟ اننا بامس الحاجة لان نعرف قيمة بعضنا ، و بأن خلافنا
على اية مسألة لا تحتاج منا الا للتروي و إبقاء مساحة للصلح و إدراكنا بأن الفعل
يؤدي لردة فعل و أن ما يمكن حله بكلمات قد يصبح مستعصيا للحلول اذا تُرك الامر
للعصبية و الجهل و الغضب ، علينا ان نعرف بأن دماءنا علينا حرام كما اوصانا
رسولنا صلى الله عليه و سلم ، و هو القائل : لزوال الدنيا أهون على الله عز وجل
من سفك دم مسلم بغير حق . اولى لنا ان نسفح دماءنا في سبيل الله و من اجل
استعادة وطننا السليب ، ان نموت شهداء من اجل قضية عادلة على ان نموت
بآثام و خطايا وضعناها على كواهلنا نتيجة لحظة غضب و افكار جهل و تخلف .
ان اي خلاف في مخيماتنا يؤدي لاقتتال مسلح يقدم مادة دسمة لاعداء قضيتنا
الوطنية ، الذين يدسون سمومهم و حقدهم في كل يوم للتحريض و النيل من
المخيمات . اننا نقدم لهم و لحلفائهم الصهاينة خدمة مجانية ليملؤا صحفهم
الصفراء و وسائل اعلامهم بكلمات تحريضية على مخيماتنا تحت عناوين فوضى
السلاح و الجزر الامنية و التسيب و غيرها من المواد التي يريدون منها زيادة
التضييق على مخيماتنا ، و النيل من كفاحنا العادل من اجل استعادة وطننا السليب .
لهذا فإن كل متسبب بافتعال اشتباكات او اثارة الفتن او ترويج الفساد و المخدرات
يجب ان يواجه مواجهة شاملة و قوية من قبل الفصائل و الوجهاء بل و من عائلاتهم
نفسها حتى يعرف كل مسيئ بان لا غطاء وطني او عائلي له ، و انه سيكون في
مواجهة مع الجميع . ان هذه مسؤوليه وطنية و دينية و اخلاقية تقع على عاتق
الجميع بغض النظر عن موقعه و فكره و فصيله و بلده ، لاننا في سفينة واحدة
و لا نقبل ان تغرق السفينة بفعل السفهاء و الجهلة و العابثين . ان بعض الاحداث
التي تشوه مخيماتنا و نضال شعبنا تأتي عقب واقع ايجابي اعاد لقضيتنا بريقها
و سؤددها و جمع الرأي العام المحلي و الاقليمي و الدولي حولها ، كما هو الحال
في هذه الايام حيث حققت المقاومة في فلسطين انجازات وطنية كبيرة تؤسس لمرحلة
جديدة في مسيرة نضالنا الوطني . انتصارات اجبرت حتى من يناوئ كفاحنا ان
يتكلم باعجاب عن انجازات المقاومة و قدراتها التي فاجأت العدو قبل الصديق ،
فبدت هذه الاحداث المؤسفة و إن كانت محدودة حركة اعتراضية لتشويه
تلك الصورة المشرقة للانتصار على العدو الصهيوني . علينا ان لا نسمح بتشويه
مخيماتنا و نضال شعبنا العادل و ذلك بمواجهة شاملة مع العابثين و المسيئين .
ماهر الصديق