ليس من الحكمة او الوطنية مطالبة سلطات الاحتلال السماح باجراء الانتخابات في
القدس او في اي منطقة فلسطينية محتلة . ان المطالبة بحد ذاتها تعتبر نوع من التسليم
بالادارة الاحتلالية غير الشرعية للاراضي المحتلة حسب القرارات و القوانين
الدولية . يجب على السلطة و المنظمة عدم الاعتراف بالادارة الصهيونية و التحدي
باجراء الانتخابات في القدس باية طريقة من الطرق غصبا عن الاحتلال و اجراءاته .
لم يحدث قبل اليوم ان شعبا يرزح تحت الاحتلال يطلب من محتليه شرعية او اذنا
لتنظيم مؤسساته السياسية و التشريعية ، بل يقوم بما يلزم و يفرض ارادته على
القوة المحتلة ، لا يهمه موافقة الاحتلال او عدمها . هذه مبررات واهية قد يلجأ
لها البعض لمنع اجراء الانتخابات عبر رفع يافطة وطنية حساسة و مركزية كمسألة
عاصمتنا الابدية . يجب ان لا تكون الخلافات الداخلية و الانقسامات التنظيمية
سببا في تعطيل المؤسسات الفلسطينية و ابقاء الفراغ الحالي حيث توجد مؤسسات
فاقدة لشرعيتها منذ اكثر من عقد من الزمن . ان لشعبنا خصوصية فرضتها علينا
اتفاقيات جاءت في ظروف غير طبيعية و لم يتم استفتاء شعبنا بها ، و لهذا فإن
عددا من النواب و السياسيين السابقين و المرشحين الحاليين معتقلون في زنازين
الاحتلال ، هذا لم يرفع عنهم حصانتهم التي نالوها من قبل شعبهم عندما أولاهم الثقة
و انتخبهم و جعلهم قادة . لقد حاول الاحتلال في المرات السابقة و سوف يحاول
اليوم و غدا ان يتدخل لمنع مرشحين بعينهم او احزاب كاملة من الوصول الى
البرلمان الفلسطيني او الى سدة الرئاسة . ان القبول باي فيتو صهيوني هو قبول
بتبعية السلطة للاحتلال و هذا غير مقبول بكل المعايير . لقد حاول الصهاينة
ان يفرضوا على شعبنا واقعا شبيها خلال الانتفاضة الثانية ، و قالوا بان ابا
عمار شخصية غير مقبولة و عندما فشلوا بازاحة ابو عمار او بفرض ارادتهم
عليه اوعزوا للعملاء الذين كانوا حوله بدس السم له و قتله . و مع ان عدد
الذين كانوا حوله محدودا فلم يكشف عن العميل الرخيص الذي تسبب بمقتله !
ان شرعية الفصائل و الاحزاب و الشخصيات الوطنية تُستمد من الشعب
و تفرَض على الاحتلال و على القوى الدولية و ليس العكس ، و هذه الشرعية
مصانة حتى لو اعتقلت سلطات الاحتلال كافة النواب و الوزراء و الرئيس و
مستشاريه و كل القادة . و مشاركة المقدسيين لها اهمية خاصة و لكن ليس
بموافقة سلطات الاحتلال او رفضها لاننا لا نعترف اصلا بتلك السلطات
و لا ننظر اليها الا كونها قوة استعمارية تفرض نفسها بقوة السلاح . لا
نرضخ لرغباتها و قراراتها مهما لاقى شعبنا من البطش و التنكيل ، و هذا
التنكيل لم يتوقف اصلا لا قبل اتفاق اوسلو و لا بعده . ان الخلافات الفكرية
و السياسية و الاختلاف في الرؤى و التكتيكات هي طبيعية داخل الفصائل
او بينها و بين غيرها ، ما لم تكن خلافات على المناصب و الحصص و
المصالح الفردية ، و ما دامت غير مرتبطة بجهات خارجية تنفذ مصالح دول
اقليمية او دولية . هذه الاختلافات يجب ان نستثمرها استثمارا ايجابيا لمصلحة
شعبنا ، لانه باختلاف الرؤى يكون الاجتهاد و يكون التنافس البناء لما هو افضل
لشعبنا . تلك الاختلافات يجب ان لا تمنعنا من التعاون و التلاقي ، و لا تمنعنا
من قبول النتائج التي تفرزها الانتخابات بغض النظر عن رضى العدو او الدول
المتعاونة معه . ان وقوفنا صفا واحد خلف من اختاره شعبنا و تعاوننا لانجاح
مهماته يفرض على الغير احترامنا ، و الرضوخ لما آلت اليه النتائج . و اما
عدم القبول بالديمقراطية تمثل بابا يدخل منه الاعداء لضرب وحدتنا و تعطيل
مؤسساتنا و تأجيج التباينات و تحويلها الى صراعات ، كل هذا يخدم اهدافه
و يجعله ينفذ مشاريعه الاستعمارية دون مواجهة حقيقية موحدة . فلنجري
الانتخابات و لنعيد ترتيب بيتنا الفلسطيني و لنفعل مؤسسات المنظمة و نستعيد
وحدة مواقفنا . ان امامنا طريق طويل و شاق و يجب ان نسير فيه متكاتفين
حتى نحقق اهداف شعبنا و نتخلص من هذا الاحتلال الاستعماري المجرم .
ماهر الصديق